السبت 21 سبتمبر 2024
خارج الحدود

الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي في رسالة قوية لأنجيلا ميركيل: "على ألمانيا أن تأخذ درسها من التاريخ"

الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي في رسالة قوية لأنجيلا ميركيل: "على ألمانيا أن تأخذ درسها من التاريخ"

الاقتصادي الفرنسي الذي اشتهر بمؤلفه، "رأسمال القرن الواحد والعشرون"، وجه رسالة إلى المستشارة الألمانية إنجيلنا ميركل يحذرها من عواقب استمرارها في الضغط على الاقتصاد اليوناني. الرسالة تم نشرها في موقع المجلة الأمريكيةThe Nation ، وقد انضاف إليه اقتصاديو المنتدى داعين المستشارة الألمانية ميركل وترويكا إلى سحب كل ديون اليونان وضمان بقائها ضمن منطقة اليورو وضمان استقرار اليونان كعضو في الاتحاد الأوروبي.

الرسالة، والتي وقعها خمسة اقتصاديين، قالت بأن ما تعرفه اليونان حاليا يمكن وصفه بالضغط على الزند، لكن الرصاصة لن تصيب فقط مستقبل الاقتصاد اليوناني في أوروبا، وإنما أيضا الضحية ستكون منطقة اليورو، وتقضي على الأمل والديمقراطية والازدهار.

وحسب الاقتصاديين الخمسة الموقعين على عريضة احتجاجية، فإن أوروبا تأسست بعد الحرب العالمية الثانية على فكرة إلغاء الديون السابقة، وكان العفو هو سيد الفترة التي خرجت منها دول أوروبية وغيرها عديدة من الحرب.. وقد استفادت ألمانيا بالعفو، وتم إلغاء مل ديونها عام 1953و على ألمانيا ان تستفيد من هذا الدرس التاريخي الذي جعلها تتنفس رغم الدمار الذي لحقها وفي كل الميادين.. لذا على ألمانيا وترويكا أن تعطي الاقتصاد اليوناني قليلا من الهواء حتى تتمكن على الأقل من تسديد ديونها في فترات طويلة دون ممارسة الصغوطات التي لن تزيد الوضع في أوروبا عامة ومنطقة اليورو إلا تعقد وتأزما .

وقد رحبت أثينا بالدعم الذي تلقته من صندوق النقد الدولي، ولم تستوعب تصلب المواقف لبعض الدول، وعلى رأسها ألمانيا التي لا تريد التفاوض إلا بشروط تعجيزية.. وهذا ما جعل القيادة اليونانية في بروكسيل ترفض تقديم مشروع مقترحات تجنبا لمغادرة منطقة اليورو الحاضرة في أجندة الاتحاد.

مجمع الاقتصاديين دعا إلى التفكير بطريقة إنسانية والابتعاد عن الطرق العقابية والتي لن تعطي أية نتائج، وطالبت الترويكا بالتقليل من ديون أثينا والسماح لها بمواصلة تحقيق مشاريعها الإصلاحية المنتظرة.. وعلى المستشارة الألمانية أن تتعلم درسها من التاريخ الألماني لأن التاريخ "سيتذكر دوما ما قمت به هذا الأسبوع".

وفي استجواب للاقتصادي الفرنسي توناس بيميني، قال هذا الأخير بأن ألمانيا لم تقم أبدا بتأدية ديونها، واعتبر المواقف التي يعبر عنها الألمان بقيادة إنجيلنا ميركل في بروكسيل وفي المفاوضات في اجتماعات الأمم الأوروبية واجتماعات وزراء الاقتصاد الأوروبيين بأنها انتهازية وتعبير عن مواقف عمياء وتجاهل تاريخي  للوطنية، وعلى الألمان ألا يقدموا دروسا للآخرين، لكونها استفادت في 1952 بعد ما تم تخفيض ديونها إلى 62%، انخفاض من 39 مليار إلى 14, 5 مليار دوتشمارك ولم تدفع ألمانيا جزءا كبيرا من ديونها وبالضبط لليونانيين، ذلك أنه كان على ألمانيا تأدية 7,1 مليار دولار لأثينا إبان فترة الاحتلال النازي من 1941 إلى 1944، بعدما قامت ألمانيا بتأدية  فقط 115 مليون مارك في 1961.

وزير الاقتصاد الألماني، فولغانغ شوبل قي رده على الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، قال بأن مقارنة الوضع الحالي للازمة الاقتصادية اليونانية مع فترة العشرينات في غير مكانها وعلى اليونان أن تقبل بشروط الاتحاد وتقوم بإصلاحات اقتصادية إذا ما أرادت أن تنقذ اقتصادها...

وبالرغم من نداء الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإنقاذ اليونان والحفاظ عليها ضمن منطقة اليورو حتى لا تسقط في براثن الدب الروسي الذي يترقب بجدية لما يحدث الآن في الاتحاد الأوروبي، فان إنجيلنا ميركل وضعت في موقف حرج جدا بعد تزايد أصوات الاحتجاج في البوندستاج (البرلمان الألماني).

بقي أن أشير إلى أن المفاوضات مع الوفد اليوناني بقيادة تسيبيراس، والتي استمرت إلى ساعات متأخرة ليلة أمس الأحد، نتج عنها اتفاق بين القادة الأوروبيين، حيث ستحصل اليونان على ديون جديدة من الصندوق الأوروبي ESM وبالمقابل، تعمل اليونان على إجراء وتطبيق إصلاحات.. هذا ما عبر عنه دونالد توسك باسم الاتحاد الأوروبي صبيحة اليوم الاثنين بالندوة الصحفية ببروكسيل، إذ أن الدعم لن يتجاوز فترة الثلاث أعوام حسب حسابات الاتحاد الأوروبي، البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، اليونان يحصل بموجب الاتفاق ما بين 82 و86 مليار أورو، حوالي 25% منها توجه إلى تقوية الأبناك اليونانية وإنقاذ الاقتصاد اليوناني.. السيد جان كلود يونكر، باسم المجلس الأوروبي، قال خلال الندوة الصحفية، إن الاتفاق المتوصل إليه حال دون وقوع Grexit أو خروج لليونان من منطقة اليورو، وسيتم إنشاء صندوق خاص ليتم بيع الممتلكات الخاصة للدولة اليونانية لتخفيض الديون  اليونانية.. وفي انتظار مصادقة البرلمان اليوناني على مضمون الاتفاق المتوصل إليه في بروكسيل، وفي انتظار رد أثينا يوم الأربعاء المقبل، ليتم الاتصال الهاتفي بفريق الأورو الذي سيجتمع مع سبع برلمانات الممثلة في منطقة الأورو .

وزير الاقتصاد الهولندي المتحدث باسم مجموعة الأورو، قال بأن الثقة كانت أهم نقطة خلال المفاوضات بين وزراء الاقتصاد الأوروبيين.. وهذا ما تحقق.. وفي انتظار الأيام القليلة المقبلة للانتقال إلى التنفيذ.