الأربعاء 27 نوفمبر 2024
خارج الحدود

صحافيان فرنسيان: أين تذهب أموال النفط الجزائري؟

صحافيان فرنسيان: أين تذهب أموال النفط الجزائري؟

"باريس - الجزائر: قصة حب شغوفة" عنوان كتاب لصحفيين فرنسيين يكشفان فيه عن أسرار بعض رجال النظام الجزائري (وزراء وعسكريين) وعن ممتلكاتهم العقارية في الأحياء الباريسية الراقية. الكتاب يستحضر سؤالا يطرحه جميع الجزائريين: أين تذهب أموال النفط الجزائري؟

أين تذهب أموال الجزائريين؟ سؤال يطرحونه هم أنفسهم منذ سنوات دون أن يأتيهم أي رد من السلطات.

لكن ربما يأتي جزء صغير من إجابة هذا السؤال من كتاب "باريس-الجزائر: قصة حب شغوفة" للصحافي كريستوف دوبوا، الذي يعمل في القناة الفرنسية الأولى، وزميلته كرستين ثابت من جريدة "لو جورنال دو ديمانش" اللذين قاما بتحقيق معمق حول الممتلكات العقارية التي اشتراها بعض المسؤولين الجزائريين الكبار في أرقى الأحياء الباريسية.

خصصت الصحافة الجزائرية لهذا الكتاب مساحات واسعة، واعتبرته أوضح دليل على الفساد الذي يعم مؤسسات الدولة الجزائرية ويطال مسؤولين في النظام.

وكشف الكتاب عن عدة أسماء يملكون شققا فاخرة في باريس، من بينهم عبد السلام بوشارب، وزير الصناعة والمناجم الذي اشترى شقة فاخرة مساحتها 156 مترا مربعا في الدائرة الخامسة بباريس على ضفاف نهر "السين" بمبلغ يقدر بـ 1.200 مليون يورو.

وزراء جزائريون يقيمون على ضفاف نهر "السين"

وتساءلت جريدة "الوطن" الجزائرية: "كيف تمكن وزير جزائري من دفع هذا الثمن الباهظ لاقتناء شقة فاخرة؟ هل جمع هذا المبلغ من راتبه الشهري؟"، مشيرة أن هذا الوزير مشتبه بتورطه في قضية بنك "خليفة". لكن بوشارب، المقرب من بوتفليقة، فند كل المعلومات المنشورة في الكتاب وأكد أنه يقيم في فرنسا منذ عام 1978 ويملك شركة في الجزائر، رافضا كل الاتهامات الموجهة له بالفساد.

أسماء أخرى كشف الكتاب النقاب عنها، أبرزها شريف رحماني الذي عمل وزيرا سابقا للسياحة وحاكما لمنطقة الجزائر. هذا المسؤول اقتنى شقة كبيرة في الدائرة 16 بباريس عبر شركة عقارية أسسها في عام 1997 باسم زوجته زبيدة بن طاهر، حسب رواية الكتاب. لكن بعد مرور سنوات، تغير اسم الشركة العقارية ليصبح باسم أولاده الأربعة.

ريم سلال، ابنة رئيس الحكومة تملك مسكنا بجوار الإليزيه

هذا، ويحتوي الكتاب أيضا على أسماء من المفروض ألا علاقة لها بالسياسة الجزائرية مثل ريم سلال، ابنة رئيس الحكومة الجزائرية الحالي عبد المالك سلال التي تملك شقة قيمتها 860 ألف يورو بجادة الإليزيه منذ 2007، بينما لم يكن عمرها يتجاوز 28 سنة.

وأشار الصحافيان أن ريم سلال لا تقطن في باريس بل في لندن وهي تشتغل في عالم المال.. وتساءل الصحفي كريستوف دوبوا من أين جاءت ريم سلال بهذا المبلغ، وهل ساهم زوجها اللبناني رمزي الأسمر الذي كان يعمل في شركة نفطية بلندن في ذلك أم أن الأموال جاءت من مصدر آخر غير محدد؟

ولم يصدر أي تأكيد أو نفي من عائلة سلال التي ظهر اسمها للمرة الأولى في تحقيقات قامت بها الصحافة بشأن ممتلكات الجزائريين في الخارج.

الجنرال توفيق مدين صديق المسؤولين الفرنسيين

أسماء أخرى متورطة في قضايا فساد (مثل قضية سونطراك التي تورط فيها وزير النفط الجزائري السابق شكيب خليل) ظهرت أيضا في الكتاب الذي صدر بداية هذا الأسبوع عن دار "ستوك" للنشر، منها فريد بجاوي المقيم في دبي والذي تورط هو أيضا في قضية سونطراك وصديقه عمر حبور الذي يبلغ من العمر 76 سنة.

وجدير بالذكر أن القضاء الفرنسي قد أمر بالحجر على العديد من ممتلكاتهما في فرنسا ( شقق في باريس وفيلات في الجنوب الفرنسي، إضافة إلى يخت) دون أن ننسى أن العدالة الفرنسية أصدرت مذكرة توقيف بحقهما.

من جهة أخرى، خصص مؤلفا كتاب "فرنسا-الجزائر، قصة حب شغوفة" جزءا منه للجنرال توفيق مدين الملقب بـ "رب الجزائر". وكتب الصحافيان أن لقاءات عديدة جمعت هذا الجنرال بمسؤولين فرنسيين كبار سواء خلال حكم نيكولا ساركوزي أو فرانسوا هولاند.

"من قال إن هناك حربا بين النظامين الجزائري والفرنسي؟"

ومن بين الشخصيات الفرنسية التي التقت بالجنرال توفيق، كلود غيون عندما كان أمينا عاما لقصر الإليزيه ونيكولا ساركوزي شخصيا وبرنار سكارسيني الذي كان يترأس الاستخبارات الفرنسية في 2007، إضافة إلى وزير الدفاع الحالي جان إيف لودريان.

وأنهى الصحافيان تحقيقهما بالقول: "من قال إن هناك حربا بين النظامين الجزائري والفرنسي؟" في الحقيقة، وراء الخطابات الوطنية للمسؤولين الجزائريين والمعادية لفرنسا صداقة ومحبة قوية لا يمكن أن نتخيلها.