الجمعة 20 سبتمبر 2024
مجتمع

عندما احترقت 7 فتيات في حفل حناء نظمه حزب الاستقلال بعين الشق

عندما احترقت 7 فتيات في حفل حناء نظمه حزب الاستقلال بعين الشق

لم تكن فاجعة الألعاب المدرسية التي راح ضحيتها لحد الساعة 33 شخصا من بينهم 14 تلميذا رياضيا في مقتبل العمر، أول حالة احتراق لأجساد طرية، ولن تكون الأخيرة في ظل الاستهتار بأرواح المواطنين مهما كانت أعمارهم، أو حيثياتهم الاجتماعية، ولعل أكبر فاجعة احتراق عرفتها العشرية الأخيرة هي حادث "روزا مور" وهي شركة للأثاث اندلعت فيها النيران ذات يوم سبت من شهر ماي سنة 2008، خلفت تفحم 55 جثة من عمال الشركة، بعد اندلاع النيران في مقر الشركة بمنطقة الحي الصناعي بليساسفة بالدار البيضاء..

وفي خضم الحراك المغربي لا تزال الذاكرة تحتفظ بصورة خمسة شبان تفحمت أجسادهم، قالت الرواية الرسمية أنهم حاولوا سرقة أسلاك كهربائية بمنطقة الحسيمة يوم 20 فبراير 2011، لتقيد الواقعة لفاعل مجهول..

غير أن واقعة الحناء، لن يغفلها رصد المتتبعين، فذات مساء، وفي خضم الاحتفالات بمناسبة دينية، وعلى مشارف انتخابات شتنبر 2002 البرلمانية، قامت جمعية التربية والتخييم، المقربة من حزب الاستقلال بمنطقة عين الشق وبالضبط بمقره الكائن بحي الرميلة بالدار البيضاء بتنظيم حفل خيري لفائدة فتيات الحي، وكانت مادته الرئيسية هي النقش بالحناء لفائدة أكثر من 20 فتاة تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة... كل الترتيبات اتخذت من توفير المواد الأولية فحم ومادة "لاندوي" التي تعطي للحناء بريقا.. مرت الساعة الأولى في جو من النشاط والفرح والسرور، لكن الساعة الثانية ستكون "ساعة شواء" لجثث الفتيات، حيث أخطأت إحدى النقاشات في الخلط بين هذه المواد القابلة للاشتعال، مما جعل الشقة في الطابق الأول تتحول لجهنم من النيران، جعلت من الصعب الفرار، وكانت الحصيلة احتراق 7 فتيات بالكامل، وبعضهن مست النيران أجزاء من أجسادهن بدرجات مختلفة، هرعت الأمهات والجيران إلى مكان الاحتراق، حيث كانت الروائح تنبعث من النوافذ، وعمت المنطقة كلها.. وكان القضاء والقدر هو الفاعل الرئيسي لهذه المحرقة.. ومرت الانتخابات واحتل حزب الاستقلال المرتبة الثانية ب 48 مقعدا، وضمنت الفتيات السبع مثواهن الأخير في الآخرة..

هي بعض من حوادث الاحتراق التي عرفها المغرب مؤخرا، دون احتساب العشرات من الحالات الفردية أو الثنائية لضحايا آلات التسخين الصينية الصنع..

غير أن فاجعة الألعاب المدرسية ستبقى أكبر حصيلة لاحتراق تلاميذ كانوا يأملون في إدخال السعادة والفرح لقلوب ذويهم بالميداليات التي حصلوا عليها، لكنهم لم يكونوا على علم بأن موتهم يشبه إلى حد بعيد ضحايا البراميل في سوريا، وهو ما يطرح عددا من الأسئلة بخصوص طبيعة المواد التي كانت الشاحنة تحملها، بالنظر لسرعة الاصطدام والاحتراق؟ وشروط السلامة الواجب توفرها في مثل هذه الحمولة؟ وهل سيتحمل مجلس النواب مسؤوليته في طلب إجراء تحقيق في الواقعة؟ وأي مسؤولية للشركة صاحبة الحمولة؟ هي أسئلة لن تعيد أرواح 33 ضحية من بينهم 14 تلميذا، لكنها بالمقابل ستدفع بالجهات المعنية لمراجعة عدد من النصوص وتفعيلها من أجل احترام شروط السلامة، سواء السلامة الطرقية أو سلامة نقل المواد الخطرة أو القابلة للاشتعال..