الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

الملل بين الأزواج يقتل المشاعر ويدمر الحياة الزوجية

الملل بين الأزواج يقتل المشاعر ويدمر الحياة الزوجية

يُعتبر الملل بين الزوجين شعورا وجدانيا داخل كل من الطرفين، وهو مقدمة من المقدمات التي يمكن أن تدمر هيكل الحياة الزوجية، فقد يتسبّب في حدوث خلل في العلاقات الزوجية وتزايد حدة المشاكل التي قد تبدو صغيرة لكنها روتين بين الزوجين يتطور من وقت لآخر، لذا يحتاج الأمر إلى علاج سريع، كونه من المشاكل النفسية التي يجب مُعالجتها والبحث عن حلول لها.

يوضح الدكتور أحمد إبراهيم أستاذ الطب النفسي بجامعه عين شمس، أن الملل بين الزوجين يحدث نتيجة العشرة الطويلة وتعدّد الأطوار، ففي أشهر الارتباط والخطوبة يحاول الطرفان إظهار الصفات الحسنة والتجمّل بالعبارات وتبادُل العواطف والاهتمام، بعد مرور تلك الأيام ومرورا بأشهر الزواج الأولى يبدأ الزوجان في حالة من الضجر والملل، ويتخذ كل منهما مسلكا بعيدا عن الآخر بالتباعُد والإهمال والانشغال بأمور الحياة الأسرية.

بينما يرى عصام مصطفى خبير العلاقات الزوجية، أن أحد الأسباب التي تُسبّب الملل هو عدم التغيّر والتجديد في نمط الحياة والعمل لفترة طويلة، والإحباطات التي تصيب كلا الزوجين نتيجة ضغوط الحياة، لذا يوصي بتجديد الحياة الزوجية، ونظرة الزوجين للمُستقبل نظرة مُشرقة من خلال اكتشاف مُميّزات الطرف الآخر وإعادة الذكريات الجميلة، واستغلال الإجازات الأسبوعية بالخروج إلى الأماكن العامة كالمتنزهات والرحلات وغيرها، فالتجديد كل فترة يقلب الحياة رأسا على عقب.

وبدورها، تكشف الدكتورة ابتهال البارودي أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، عن وجود أساليب لتجنّب مرض الملل بين الأزواج، وهي أن تقوم الزوجة كل فترة بتغيير مظهرها وملابسها والتجديد في شكل المنزل والمحتويات، لأنها تضفي شيئا جديدا على الحياة الأسرية بشكل عام، وتوضح أن أشهَى لذات الحياة في الزواج هو إضفاء الرومانسية على الحياة الزوجية، مهما طالت السنوات سيظل الزوج والزوجة في بحث دائم عن الحب والرومانسية، وترى أن ظهور الزوجة لزوجها كعروس جديدة من وقت لآخر ودعمها لزوجها وإرضائه، يُغيّر من أجواء الحياة الزوجية المألوفة، وتستطيع أن ترسم الابتسامة على وجه زوجها من جديد.

وتؤكد الدكتورة فاطمة موسى أستاذة الطب النفسي بجامعة القاهرة، أن اعتراف الأزواج بهذا الأمر وتلافيهم لهذه المشكلة المألوفة هو أولى خطوات العلاج الصحيح، لأن وجودهم في مثل تلك القوالب نذير بالخطر ويؤثر بالسلب على سلوك الزوجين بشكل ملحوظ، وتشير إلى أن أكثر ما يُصيب الأزواج بالملل هو الجنس أو العلاقة الحميمية، وقد تضع الزوجين في بئر الملل الجنسي الذي يُعدّ أيضا أحد عواقب الملل بين الأزواج.

وتشير الدكتورة خديجة النشرتي خبيرة العلاقات الزوجية، إلى أن الملل بين الأزواج أصبح فيروسا يُصيب كافة الأزواج، فهو ظاهرة ليست جديدة على مُجتمعنا الحالي، بل قد عانَى الكثير منه نتيجة الشعور الداخلي المؤلم الذي يجب أن يتحدَّى بشتى الطرق، وتقول: إن هذا الشعور يُصيب الرجل بعد أن يشعر بالكثير من التغيّرات الفسيولوجية في جسده، خاصة عندما تبتعد عنه زوجته فترات طويلة، وقد تزيد أنواع الهرمونات لدى الرجل نتيجة شوقه لزوجته، فيعود مرة أخرى بعطاء مُتجدّد واسترجاع العلاقة العاطفية والحميمية من جديد، وهو ما ينطبق على المرأة أيضا.

وتنصح بضرورة الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية لأن لها دورا كبيرا في الخروج من حالة الملل، كما أن خروج الإنسان من المألوف يغيّر من وتيرة الحياة، فتبادُل الزيارات ومُقابلة الناس كل فترة يوسع دائرة الإنسان ويكسبه خبرات ومهارات، ويخرجه من الملل والفشل.

وردا على سؤال يُطرح: هل يمكن أن تكون الزوجة لها دور كبير وعامل رئيسي في الملل أكثر من الرجل؟ يجيب الدكتور خالد سلامة أستاذ الدراسات النفسية بجامعة المنصورة قائلا: إن العديد من الزوجات لم تكن مؤهلات بشكل كبير للزواج والمسؤولية نتيجة الزواج مُبكرا، حيث قد أثبت على أسس علمية أن الملل بين الأزواج والفشل في الحياة الزوجية يعود إلى عدم قُدرة تحمّل الزوجة أعباء المسؤولية من بيت وأطفال وزوج.

ويحذّر سلامة الأزواج الذين يُعانون من حالة الملل والضيق الشديد من زوجاتهم، اللجوء للعلاقات غير الشرعية ظنا أنها قد تضفي البهجة على حياته.

كما أكد أخصائي العلاقات الأسرية والزوجية طارق نذير، في دراسة أنجزها حديثا أن السعادة، والحب، والإطراء والحديث الجميل ليست قصرا على فترة التعارف والخطوبة بين الشريكين، وأشار إلى أن حالة الجمود والصمت التي تسود العلاقات الزوجية بصورة لافتة، إضافة إلى الصمت العاطفي باتت تغلف المنازل وساكنيها من الأزواج.

وقال طارق نذير إن الصمت العاطفي بداية لا تحمد عواقبها وتأثيراتها السلبية على الطرفين، لتشمل عموم أفراد الأسرة والمقربين منها.

وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن التواصل بأشكاله المختلفة انقطع بين الأزواج في مراحل مبكرة من عمر الزواج، وأكدت على أن الحياة بين الشريكين تتطلب معرفة كيفية التواصل مع الآخر، من خلال أبسط الأمور، لتستمر وتنمو وتكون قادرة على مواجهة التعقيدات والإشكاليات التي تعترض الطريق لاحقا.

وتوصلت الدراسة إلى أن العطاء، يعتبر اللبنة الأساسية في بناء الحياة الزوجية، وكلما ازداد عطاء الإنسان كانت حاجته إلى سماع المديح والثناء أكبر وأكثر، وبالتالي هي شحن تدفعه إلى مزيد من الإنجاز والإبداع والعطاء.

هذا وكشفت دراسة بريطانية أعدتها جامعة “برمنجهام” عن الخرس الزوجي، أن الكلمات التي لا تقال كفيلة بهدم كل الأسس والقواعد، ويشير مضمون الدراسة إلى أن الحوار المباشر بين الزوجين في كلمات صريحة، لطيفة وراقية، من شأنه أن يزيل العديد من العقبات وسوء التفاهم والخلافات والمشاحنات، والتي كثيرا ما تحدث بين الزوجين، وتؤثر على سعادتهما.