الجمعة 20 سبتمبر 2024
سياسة

منع الأسماء الأمازيغية.. المشترك لدى بعض بلدان شمال إفريقيا

منع الأسماء الأمازيغية.. المشترك لدى بعض بلدان شمال إفريقيا

ما زالت "التوترات" قائمة بين ضباط الحالة المدنية وبين عدد من المواطنين، وأغلبهم من نشطاء الحركة الأمازيغية، بسبب رفض السلطات المغربية الترخيصَ لهم لتسجيل أبنائهم الجدد بأسماء أمازيغية، وصلت حد وضع الجمعيات الأمازيغية تقاريرَ حول الملف لدى المنظمات الدولية العاملة في مجالات حقوق الإنسان ودفعت وزارة الداخلية، في وقت سابق، إلى تخصيص ندوة صحافية للتأكيد على عدم وجود أي سياسة حكومية لمنع الأسماء الأمازيغية.

فهناك حالات كثيرة منعت فيها أسماء أمازيغية، سواء في عهد الراحل الحسن الثاني أو خلال العهد الجديد، كما لا تزال بعض الأسماء ممنوعة إلى حدود الآن.. غير أنه بالمقابل نجحت بعض العائلات بعد لجوئها إلى المحاكم في فرض أسماء أمازيغية لأبنائها. هذا المنع المفروض حاليا على بعض الأسماء الأمازيغية، ورثته السلطات المغربية من قرار سابق صادر عن وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، حيث منع قائمة طويلة من الأسماء التي تداولها تاريخ المغاربة في الريف والأطلس وباقي الجهات خلال قرون من التاريخ.

3

فما أن يتم إخماد مشكل تسجيل مولود جديد باسم أمازيغي جديد، حتى يبدأ فصل جديد من رفض تسجيل مولود آخر باسم أمازيغي آخر، أمر يثير استغراب الكثيرين حول استمرار مشكل تسجيل المواليد المغاربة بأسماء أبائهم و أمهاتهم الأمازيغية.

نشطاء الحركة يعتبرون أن دسترة الأمازيغية من بين ما تعنيه كذلك هو أن الأسماء الأمازيغية من حقها أن تدون في سجلات الحالة المدنية.

لإنهاء الاحتقان الذي يتصاعد بين الفينة والأخرى مع رفض بعض موظفي المقاطعات والجماعات تسجيل بعض الأسماء الأمازيغية بدعوى عدم وجودها في لائحة الأسماء التي تتوفر لديهم، خلقت لجنة  عليا مكونة من مؤرخ المملكة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الداخلية ووزارة العدل، مهمتها البت في مدى مغربية الأسماء. لكن اللجنة موجودة ومشكلة الحق في الأسماء ما زالت معرضة للتسويف والمماطلة والحظر في حالات متعددة وفي مناطق مختلفة..

اللجنة تعقد اجتماعا سنويا تقوم فيه بتحيين الأسماء ومدى مغربيتها، وعلى هذا الأساس تقدم لوائح للأسماء المتفق عليها وكدا الأسماء الجديدة وتسلمها لوزارة الداخلية التي تقوم بإرسالها إلى ضباط الحالة المدنية في كل الجهات وفي القنصليات المغربية بالخارج.

وتنتقد سياسة الأسماء التي حددت الأسماء المغربية في "الأسماء العربية المتداولة" و"أسماء الله الحسنى"، متى استُهلّت بلفظ "عبد" وجُردت من أداة التعريف "ال" و"الأسماء الأمازيغية، والتي قد يختلف معناها من منطقة إلى أخرى" و"الأسماء التي أصبحت متداولة في المغرب في السنوات الأخيرة، ذات نطق عربي سليم أو ذات أصل إسلامي" و"الأسماء العبرية بالنسبة إلى اليهود المغاربة"، واشترطت وزارة الداخلية في ترخيصها لهذه الأسماء ألا تكون مثيرة للسخرية وألا تمس بالأخلاق والنظام العام.

وإلى جانب ذلك، فإن "الطابع المغربي" للأسماء الشخصية، بالنسبة إلى وزارة الداخلية، يعني ألا يكون الاسم عائليا أو مُركَّبا من أكثر من اسمين أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة. وبررت هذه "القيود" بـالحفاظ على الهوية المغربية وأصالة المغاربة وتقاليدهم.

ويعتبر لحسن آيت حدوث، ناشط أمازيغي مغربي، أن استمرار منع تسجيل الأسماء الأمازيغية "يشكل خرقا سافرا لأحد أهم حقوق الإنسان الشخصية، معتبرا أن من حق أي إنسان تسمية مولوده أو مولودته بأي اسم يريد، وليس لأحد الحق في أن يمنعه من ذلك أو أن يملي عليه اسما آخر، مطالبا السلطات المحلية أن تكف عن هذا التدخل المنافي لما حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان وللخطوات المهمة التي قطعها للاعتراف بالحقوق الثقافية الأمازيغية.

كما تأسست بموقع التواصل الاجتماعي مجموعة فايسبوكية تحت عنوان "من أجل رد الاعتبار للأسماء الأمازيغية".. وتهدف هذه المجموعة التي ينشط بها مجموعة من النشطاء الأمازيغ إلى حشد الدعم من أجل أن تظل الأسماء الأمازيغ أسماء عادية يتم تسجيلها من لدن موظفي الحالة المدنية في سائر ربوع المملكة بسهولة ودون تمييز، بالإضافة إلى نشر الوعي بين كل أعضاء المجموعة حول الأسماء الأمازيغية وتبادل الأخبار والمعلومات. وتتضمن هذه الصفحة معلومات وأخبارا وصورا ومقالات حول المواليد الأمازيغ الذين تم منع تسجيل أسمائهم. وهناك أيضا مجموعة أخرى كونها أحد النشطاء الأمازيغ معنونة ب "جميعا سنقاطع الأسماء العربية ضدا على منع أسمائنا الأمازيغية".

1-1

منع الأسماء الأمازيغية ليس مشكلا مغربيا صرفا، فالجزائريون أيضا يعانون من عراقيل إدارية كثيرة تحرمهم من تسمية مواليدهم الجدد بأسماء الأجداد والآباء، الذي سكنوا الجزائر  قبل الفتوحات الإسلامية. وتعجّ المحاكم الجزائرية بعشرات الطلبات والشكاوى من هذا النوع، والتي كثيرًا ما تنتهي بتمكين هذه العائلات من التسميات الأمازيغية.

وتعود أزمة الأسماء الأمازيغية في الجزائر إلى عام 1981، حيث حدد الحزب الحاكم حزب جبهة التحرير الوطني معجمًا للأسماء ذات الأصل العربي الذي يجب أن تعتمد فوق التراب من منطلق أن الجزائر دولة "عربية" بالقوة ويجب أن تخضع الأسماء لمقومات الهوية  الوطنية لا غير.

وتماشى المرسوم مع عناصر الهوية الوطنية إذ ذاك، والتي كانت محصورة في عنصرين فقط، هما الإسلام والعروبة، واضطر قطاع كبير من المواطنين إلى الانتظار حتى تعديل دستور البلاد عام 2002، ليشهدوا إضافة عنصر ثالث لهويتهم هو الأمازيغية، لتصير بذلك اللغة الأمازيغية وطنية مثل شقيقتها العربية.

وتعرضت الجزائر لانتقادات شديدة من اللجنة الأممية لحقوق الإنسان المناهضة للعنصرية (حقوقية، غير حكومية) في تقريرها بتاريخ 1 مارس 2013، حيث أشارت إلى قلقها من هذه الوضعيات، وقالت "نحن قلقون إزاء رفض أعوان موظفي الحالة المدنية تقييد أسماء أمازيغية بحجة أنها غير مدرجة ضمن القائمة الرسمية".

ورغم أن وزير الداخلية السابق، دحو ولد قابلية، وجه تعليمات للبلديات، العام الماضي، بتسجيل المواليد الجدد الذين يرغب أولياؤهم بتسميتهم بأسماء أمازيغية، إلا أن الأمازيغ ما زالوا يلاقون عراقيل كثيرا ما تتعلق بجهل موظفي البلديات بقائمة التسميات الأمازيغية المسموح بها.

إلى ذلك، لا يزال القانون الليبي رقم (24) لعام 2001، والذي ينص على "منع تداول الأسماء غير العربية"، في ليبيا يثير انزعاج المواطنين الليبيين، الذين اعتقدوا ن هذا القانون سيلغى تماما بعد رحيل العقيد القذافي.

فمنذ قانون (24)، لم يعد بإمكان الليبيين تسمية مواليدهم كما يحبون، بل بات عليهم التقيد بلوائح هذا القانون، والذي يحظر عليهم تسجيل أي اسم "غير عربي" في السجلات المدنية، كما على الليبيين أن يعرضوا أسماء أطفالهم الجدد، على لجنة خاصة، سميت بلجنة "تحديد الأسماء"، حتى تقرر ما مدى صلاحية كل اسم من عدمه، وتمنحهم الإذن في التسمية أو رفضه!.

ولم يتوقف العمل بالقانون على مواليد عام 2001، تاريخ إقراره وإقرار لجنة "مراقبة الأسماء" بالتزامن، بل تعداه إلى الأطفال الذين في ذلك العام، كانوا على مشارف المدارس، وفرض على أولياء الأمور الذين لم يدخل أبناؤهم المدارس (ستة أعوام)، ضرورة التقيد بالقانون أيضا، ما يعني العمل بالقانون بتاريخ رجعي لستة أعوام مضت. أما من تم تسجيله في المدرسة فقد "نجا" من عواقب القانون، الذي يغرم أي مواطن يخالف نصه، بغرامة تصل إلى مبلغ (5000) دينار ليبي، ما يعني مرتب موظف ليبي مدة عامين كاملين.

وبموجب هذا القانون نزلت أيضا قوائم بأسماء "ممنوعة"، مثل "السنوسي، وفتحي وفتحية، وخيري وخيرية"، بحجة أنها أسماء تركية، وليست عربية، كما منعت أسماء وإن كانت غير عربية إلا أنها انصهرت في الحضارة الإسلامية، التي تشكل العربية أهم روافدها، مثل نهاوند نسبة إلى المعركة المشهورة، وباديس نسبة إلى الزعيم الجزائري عبد الحميد بن باديس.

(تعني تزرزرت  بالامازيغية  “الغزالة” و"توفوت" معناها نور، وآنيا: الإيقاع، وتيثريت: نجمة، وتيليلي: الحرية، وأنير: القمر)