أثار موضوع التكوين المستمر بكلية العلوم والتقنيات، التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات، سجالا حادا أمام المدرج الرئيسي لهذه المؤسسة الجامعية صباح أمس الثلاثاء 17 مارس الجاري، عندما أقدمت النقابة المحلية للتعليم العالي، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على تنظيم وقفة احتجاجية رددت فيها شعارات قوية ضد العمادة وبعض الأساتذة.
وتأتي شرارة هذه الأزمة، التي ابتعدت عن الإطار البيداغوجي، إلى ما يشبه المحاكمة التي كال فيها الموظفون المستفيدون من التكوين المستمر سيلا من الاتهامات ضد الأساتذة، حسب مناضلي النقابة، إثر ما اعتبروه تشويشا ومنعا ممنهجا من طرف العمادة ولوبيات متحكمة في عائدات التكوين المستمر عبر صفقات تعاقدت بموجبها مع شركات خاصة من أجل تكوين هذه الأخيرة لأطرها ومستخدميها، وذلك بعدما أعلن الطلبة الموظفون عن عزمهم تنظيم ندوة في موضوع "تأثير التكوين المستمر المؤدى عنه، والذي شرعت في نهجه عدة مؤسسات جامعية بالمغرب، وانعكاس ذلك على مستوى التكوين الأساسي".. حيث عمدت إدارة المؤسسة، في نظر المحتجين، إلى الإعلان عن تنظيم ندوة في المدرج نفسه، وقبل التوقيت المتفق عليه مع منشطي ندوة الموظفين، في موضوع آخر يتعلق بتجويد التكوين تحت إشراف خبير مغربي عماد بنجلون تم استقدامه من أمريكا. وقد علق أحد المحتجين قائلا "مرحبا بك ياعماد بنجلون، فنحن نعتز بك وبكفاءتك المرموقة كغيرك من المغاربة المتواجدين بالولايات المتحدة وأوروبا، ولكن نعتذر لك فقد تم استغلالك بشكل بشع من طرف من استقدموك، وهم من يستفيدون من أموال التكوين المستمر التي تقدر بالملايير".
ومن جهته صرح لحسن بوعياد، عميد كلية العلوم والتقنيات لـ "أنفاس بريس" بأن "مدرجات الكلية مفتوحة لجميع الأنشطة ولجميع الفصائل الطلابية، لكن مع الالتزام بالضوابط القانونية والأخلاقية وباحترام الفصائل في أنشطتها للفصائل الأخرى... وما وقع اليوم من اصطدام بين الموظفين والأساتذة أعتبره بمثابة خيانة كبرى.. وقد عملت العمادة على تيسير التكوين لفائدة الموظفين، وكانت رائدة في ذلك.. كما أنه إذا كان التكوين من حق الموظف الذي يسعى إلى الترقية، ومن حقه أن يتساءل عن ذلك، لكن ليس من حقه أن يتهم الآخرين عنوة وبدون أساس، لقد رخصنا لندوة الموظفين مبدئيا، وقلنا لممثليهم حددوا المحاور والنقط التي ستتناولها ندوتكم، لكن طلبنا أولوه تضييقا، بل وبعثوا برسائل استفزازية إلى الأساتذة، وأصروا على أن يبقى موضوع الندوة حرا مفتوحا دون قيد أو شرط، وهو ما تحفظنا عليه، لأنه سيبتعد عن الجو العلمي، ويصبح مجالا للتحامل والتصادم الذي نرفضه".. ويضيف العميد "فالتكوين المستمر خيوطه متشعبة والقوانين التي كانت تنظمه أصبحت متجاوزة بالنظر إلى العدد الهائل من الموظفين الذين يرغبون في التكوين، ووزارة التعليم العالي بصدد التحاور مع المؤسسات الجامعية المعنية بهذا الأمر من أجل صيغة بديلة لاستيعاب هذه الأفواج، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في جو هادئ غير مشحون يطبعه التنافر والاصطدام". ويضيف محدثنا بأنه بفضل التكوين المستمر أصبح للكلية عائدات تمثل 10 أضعاف الميزانية التي نتوصل بها سنويا من الوزارة، وهو ما مكنها من تطوير واقتناء الأجهزة وسائر أدوات العمل بالنسبة للموظفين والأساتذة على حد سواء، وجعلها تضاهي المؤسسات الجامعية بأوروبا.. إن المسألة في الأخير، يقول العميد، ليست خوفا من الحساسية التي قد يثيرها موضوع التكوين المستمر، كما يزعم البعض.. فالمؤسسة خضعت لافتحاصات، ومستعدة دائما لذلك، إنما المسألة تكمن في انعدام الحوار وسوء تدبير أزمة طارئة، كان من الممكن تجاوزها لو استعمل الموظفون قاعة أخرى من القاعات الخمس المتوفرة .