الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

مغربيات صنعن التاريخ: العالمة الموسوعية رقية بنت الحاج بن العياشي

مغربيات صنعن التاريخ: العالمة الموسوعية رقية بنت الحاج بن العياشي

هذه سلسلة من الكتابات التاريخية بصيغة المؤنث لمغربيات صنعن التاريخ، وبصمن مشوارهن من خلال عملية البحث والتنقيب وقراءة الوثائق التاريخية عبر أغلب مجالات الجغرافيا، وإعادة تشكيلها بقلم الأستاذ الباحث مصطفى حمزة، الذي أغنى الخزانة المغربية بإصداراته المهمة، والتي تناول فيها مسار شخصيات كان لها الحضور القوي على مستوى التاريخ الجهوي والوطني.

ولتقريب القراء من هذا النبش والبحث المضني، اختارت "أنفاس بريس" عينة من النساء المغربيات (25 شخصية نسائية) اللواتي سطرن ملاحم وبطولات وتبوؤهن لمراكز القرار والتأثير فيها فقهيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا وعسكريا.

- رقية بنت الحاج ابن العايشي عالمة موسوعية

يزخر التاريخ بالعديد من النساء المغربيات الموسوعيات ممن كان لهن إلمام بثقافة وعلوم وعصرهن، وكانت مجالسهن فضاءات تتسع للرجال والنساء للأخذ عنهن دون قيد أو شرط.

ورقية ابنة الحاج ابن العايشي، شكلت بما عرف عنها كعالمة موسوعية نموذجا لهذه العينة من النساء المغربيات، اللواتي دون التاريخ أسمائهن بمداد الفخر والاعتزاز، إذ « كان يدرس عليها الرجال والنساء مختلف الفنون»، كما يقول محمد بن أحمد الكانوني العبدي.

فابنة الحاج ابن العايشي، هي سليلة أسرة متفتحة وموسومة بحفظ القرآن الكريم والتدريس، وهو ما يترجم شغفها الكبير بالدراسة والتحصيل واهتمامها بمختلف فنون وعلوم عصرها.

فقد كانت ابنة الحاج، إلى جانب ما اتصفت به من رجاحة عقل وقدرة فائقة على التحصيل، ملمة بمختلف فنون وعلوم عصرها، فهي «الأديبة الفقيهة العارفة بالعربية واللغة والتفسير والشعر والسيرة وأسرار الحروف والأسماء والتوحيد والبيان والصرف»، يقول الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله.

لم يكن الإلمام بهذه العلوم هو السمة الواحدة التي ميزت مسار رقية بنت الحاج ابن العايشي وجعلتها محط اهتمام طلبة عصرها من الرجال والنساء، بل ما أحاطت به كذلك من علوم متممة كانت تضفي على دروسها نكهة خاصة وتجعلها محببة لطلبتها.

فقد كانت ابنة الحاج العايشي ـالعالمة الموسوعيةـ «في مجالس التفسير تتوخى أسباب النزول وعلوم القرآن وأنساب العرب والتاريخ...»، يقول الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله، مما يترجم ما كان لها من سعة علم وقدرة على الاجتهاد.

فرقية ابنة الحاج العايشي، هي من النساء اللواتي قال في حقهن مؤرخ آسفي وعبدة  الفقيه محمد بن أحمد العبدي الكانوني "... فإن كانت عالمة بما يهم الحياة وما تدعو إليه ضروراتها، فإن الولد بل الأمة تسعد بها...".

لم يفت مؤلف "جواهر الكمال في تراجم الرجال" والعديد من المؤلفات التي ما زال أغلبها مخطوطا، أن يشير إلى رقية بنت الحاج العايشي كامرأة متميزة حفل بها التاريخ المغربي ضمن مؤلفه "المرأة المغربية".