تتصاعد موجة الإحتجاجات الإجتماعية في الجزائر منذ 31 دجنبر الفارط، على خلفية " ملف الغاز الصخري" الذي رفض سكان عين صالح بالجزائر استغلاله بسبب تأثيراته السلبية على البيئة، إذ دخلت على خط الإحتجاجات ما لا يقل عن 48 و لاية في الجزائر ضد المشروع بتأطير من المعارضة الجزائرية.
ففي مستجدات رفض مشروع الغاز الصخري، تعمل أحزاب تنسيقية الانتقال الديمقراطي والمجتمع المدني على تنظيم وقفات احتجاجية يوم 24 فبراير 2015 ، من جهة، و تعتزم ساكنة عين صالح تنظيم وقفات احتجاجية أخرى في 27 فبراير تزامنا مع الذكرى 53 لرفض مشروع تقسيم الجزائر بين شمال وجنوب، وفي الجبهة الاجتماعية أيضا، قررت نقابات التربية شل المدارس ورفض نتائج اجتماعها مع الوزارة الوصية وفتح جبهة جديدة على الحكومة بداية من شهر مارس الداخل، وهي بوادر أزمة تتصاعد حدتها تدريجيا بعد قرار خصم الأجور وطرد الأساتذة المضربين، إضافة إلى تصاعد مطالب دوائر كبرى للترقية إلى ولايات منتدبة قبل نهاية 2015.
وفي الجانب السياسي، دخل حزب العمال خط معارضة توجهات قصر المرادية، بعد تهديد الأمينة العامة للحزب، لويزة حنون، بالخروج للشارع في حال تم التخلي عن مقترحات حزبها في التعديل الدستوري المرتقب، منذ أشهر، فيما فتحت أحزاب الموالاة (الأرندي، تاج، أمبيا) النار على مبادرة "الأفافاس" ووصفها بـ"الفشل وفراغ المحتوى وعدم وضوحها"، ومن جهة أخرى، مضي أقطاب التنسيقية في تحريك الشارع لاستغلال "ورقة الغاز الصخري" في الضغط على السلطة لدفعها إلى الحوار الجاد. ومن جانبها، تحاول التنسيقية إفشال مسعى السلطة لتمرير الدستور المقبل (البرلمان أو الاستفتاء) خاصة بعد تجديد الرئيس بوتفليقة تأكيده أن "الدستور القادم يحتاج إلى مزيد من التوافق"، وهو ما جعل أمين عام حركة الإصلاح، جهيد يونسي، يقول إن "خطط الإصلاح الدستوري تخفي بين طياتها محاولات يائسة، وتحمل أجندة خفية تضم توريث الحكم". ويأتي تصاعد حدة الاحتجاجات الاجتماعية (الغاز الصخري، التربية) وانسداد أفق الحوار بين السلطة والمعارضة (بينها تأجيل مبادرة الإجماع الوطني)، في وقت تتخبط الحكومة في البحث عن حلول مجدية لأزمة اقتصادية وشيكة بدأت بتدهور كبير في أسعار النفط وتراجع قيمة الدينار خلال شهرين فقط، وأتبعها قرار استحداث ولايات منتدبة في الجنوب ما يثقل كاهل الخزينة بغلاف مالي قد يتجاوز 80 مليار دينار – حسب مصادر غير رسمية- خارج ميزانية السنة المالية الحالية، ويرجح أن يكون عبر قانون المالية التكميلي (استغنت الحكومة عنه منذ 2012)، كما أن ورقة الحكومة لشراء السلم الاجتماعي التي استعملتها في سنوات سابقة "لم تعُد ممكنة" في الوقت الراهن في ظل أزمة النفط وانعكاساتها على احتياطات الصرف على المدى القريب والمتوسط، حسب محللين اقتصاديين. وتتقاطع هذه الملفات الثلاث (الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية) في أهمية "عامل الزمن" وضرورة معالجتها قبل تعفن الأوضاع، ولذلك فإن السلطة –حسب مراقبين- مجبرة على تدارك الوقت الممنوح لها قبل أن تفقد أهم الأوراق والآليات الناجعة لمعالجتها، ومؤشرات ذلك "التخبط في طرح التعديل الدستوري، وتأجيل موعد التعديل الحكومي وحركة سلك الولاة (3 ولايات دون ولاة منذ أشهر) دون مبرر واضح".