الجمعة 20 سبتمبر 2024
سياسة

سبع الليل: حملة "العدالة والتنمية" ضد رئيس كلميم، تذكرنا بحملة التطهير التي قام بها البصري

سبع الليل: حملة "العدالة والتنمية" ضد رئيس كلميم، تذكرنا بحملة التطهير التي قام بها البصري

اجتماعات قبلية وبيانات مضادة، ووقفات احتجاجية هنا وهناك.هي ما يميز الوضع في جهة باب الصحراء، في كليميم، وقد امتدت هذه التحركات لتشمل السمارة وسيدي إفني والعيون وبوجدور، بل حتى ساحات كليات جامعتي ابن زهر بأكادير والقاضي عياض بمراكش..

الأمر يتعلق بخلفية إعفاء الوالي محمد عالي العضمي من منصبه في جهة كليميم السمارة، وإلحاقه بالإدارة المركزية، وهو ما رأى فيه أبناء عمومته من اركيبات، "إهانة للرجل الذي تصدى للفساد في كليميم، في الوقت الذي لم يتمم فيه العام"، بالمقابل يعتبر أبناء أيت باعمران، التي ينتمي لها عبد الوهاب بلفقيه، رئيس بلدية كليميم، أن اركيبات تمادوا في المساس بكرامتهم، والنبش في تاريخهم.

"أنفاس بريس"، اتصلت بابراهيم سبع الليل، أحد فعاليات أيت باعمران، والمقيم في كندا، الذي صرح بما يلي:

أولا: دعنا نتفق أن الأمر لا يتعلق بصراع بين قبيلتي آيت باعمران من جهة والركيبات من جهة أخرى. لقد أخذ الصراع هذا المنحى بسبب تصريحات بعض أبناء قبيلة الركيبات الذين أطلقوا العنان للسانهم دون الانتباه لحساسية الكلام بالشكل الذي تم في هذه الظروف.

في تصوري، يجري ترتيب للساحة مركزيا بين الدولة والأحزاب السياسية هذا كل ما في الأمر، خاصة في ظل ما يجري الإعداد له بالنسبة للمنطقة سواء ما نراه فوق الطاولة حاليا (مشروع الجهوية) أو ما يجري تحت الطاولة من مفاوضات حول قضية الصحراء بشكل عام. وأعتقد أن هذا الترتيب انطلق منذ عدة أشهر إن لم نقل سنوات، يكفي أن نذكر أن مشروع الجهوية قد أعلن عنه منذ أكثر ثلاث أو أربع سنوات ولم يخرج للوجود إلا هذه السنة. وما حدث في سيدي إفني منذ أشهر من خلال إقالة النائب البرلماني للعدالة والتنمية الأخ محمد عصام، ثم أشهر بعد ذلك إقالة الأخ محمد الوحداني كرئيس شرعي لبلدية سيدي إفني وسجنه فيما بعد كلها داخلة في سياق هذا المنطق الذي يسير بإحكام بين الدولة والعدالة والتنمية.

أدرك اليوم أن سجن الأخ محمد الوحداني كان لابد منه من أجل تمرير هذه المرحلة بالنسبة للدولة والحكومة، فالوحداني الذي يعرفون جيّدا مواقفه ولديهم تصور واضح عن أفكاره كان وجوده حرا طليقا سيربك هذه الحسابات وهذ الترتيبات.  

الحملة التي تُشنّ اليوم على الباعمراني عبد الوهاب بلفقيه والتي تقودها جهات من بينها حزب العدالة والتنمية "الحاكم" تذكرنا بحملة التطهير التي قادها الراحل إدريس البصري في الثمانينيات والتي لم تكن تهدف إلى محاربة الفساد بقدر ما كانت تهدف إلى إحداث رجّة والضغط على أطراف من أجل فرض ترتيب سياسي جديد أو فرض منطق يتيه بالنقاش العمومي عن القضايا الحقيقية.

من جهة أخرى، في كلميم على وجه الخصوص، الصراع بين "العدالة والتنمية" وعبد الوهاب بلفقيه قديم وليس وليد اليوم وأصله حسابات سياسية منذ كانت العدالة والتنمية تشكل المعارضة الرئيسية داخل المجلس البلدي لكلميم منذ أيام الدكتور عبد الله برو رحمة الله عليه. وقد تعاظم هذا الصراع بشكل دراماتيكي بعد وفاة الدكتور برو، عندما دخلت حركة التوحيد والإصلاح الأم على الخط مطالبة من مسؤولها الجهوي السابق، الدكتور عالي اليوسفي الذي تربطه علاقة صداقة مع عبد الوهاب بلفقيه، بفكّ الارتباط بالرجل. وهو الأمر الذي ظلّ يرفضه بالمطلق الرجل، لأنه كان يقول دائما أنه غير معني بالحسابات السياسية للعدالة والتنمية وقد انتهى شدّ الحبل هذا بين الجهتين، بأن قدّم الرجل استقالته من الحركة.

اليوم تلتقي مصلحة العدالة والتنمية بحسابات جهات يزعجها تعاظم نفوذ عبد الوهاب بلفقيه، الذي استطاع أن يضمن لأخيه مقعدا برلمانيا في سيدي إفني وما أدراك ما سيدي إفني وهو ما لم يتمكن منه حزب العدالة والتنمية الذي فقد موطأ قدم مهم في المدينة المناضلة بشكل مثير للغاية. حسابات من يسعون لترتيب الساحة السياسية اليوم تنظر بعيدا، إذ أنها تستشرف إمكانية التحالف بين عبد الوهاب بلفقيه ومحمد الوحداني في المستقبل، وهي إمكانية يحسبون لها ألف حساب إذ يدركون العلاقة الطيبة التي تربط بين الرجلين والتي لم تعكّرها الخلافات التي برزت في مرحلة من المراحل. ومن هنا، فإنهم يسعون لقص أجنحة الرجل بعد أن تمكنوا من سجن الأخ الوحداني في هذه المرحلة بغاية الاستعداد للمرحلة المقبلة بأقل خسائر ممكنة.  

الذي أعطى لهذه الترتيبات صفة الصراع القبلي هو تحرك النائب البرلماني للعدالة والتنمية البيهي من خلال الاتكاء على الجانب القبلي بشكل غير محسوب موظفا القبيلة (الركيبات) لحساباته السياسية ولتصفية الحسابات مع الغريم التقليدي للحزب ولحركة التوحيد والإصلاح الأم بالجنوب عبد الوهاب بلفقيه. طبعا لم يكن الرجل يتوقع ردة فعل أبناء قبائل آيت باعمران لأن حزب العدالة والتنمية يتكأ في "حربه" المزعومة هاته على الفساد على أبناء آيت باعمران المنتمين والمتعاطفين مع الحزب والحركة.

كخلاصة أعتقد أن الحسابات سياسية بالأساس، والأسلحة المستخدمة فيها قديمة هي القبيلة ومزعم "محاربة الفساد" وغيرها من الأدوات التي استعملت على الدوام وجربت بفعالية في المنطقة، وإلا فإن اقتصاد الريع والامتيازات الذي ترعاه الدولة بإحكام، تستفيد منه في المغرب جميع القبائل سواء تعلق الأمر بالقبائل الإثنية أو القبائل السياسية، إذ يُمكّن الدولة من التحكّم في المشهد السياسي والسير به حيث تشاء. ولهذا سمعنا وزير الداخلية يصرح ردا على احتجاجات الغاضبين بسبب عزل الوالي العظمي، أن "الدولة عارفة آش كتدير" وهذا صحيح. ومع ذلك، فلابد أن نقول كلمة أن الرجل الذي أثار كل هذه الضجة، ليس "المهدي المنتظر" الذي يقدّمه البعض كرجل وطني صالح يريد محاربة الفساد. نذكر الجميع بهذه المناسبة، أن الرجل عاد للمغرب بناء على صفقة وتلقى مقابل عنها ولايزال، ولا أعتقد أن هذه من شمات أولياء الله الصالحين.