الجمعة 20 سبتمبر 2024
سياسة

بعد هجومه على وداد الأمة واتهام رئاستها بالبلطجة: بنكيران من زعيم دولة إلى زعيم "المشرملين"

بعد هجومه على وداد الأمة واتهام رئاستها بالبلطجة: بنكيران من زعيم دولة إلى زعيم "المشرملين"

هاجم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب البيجيدي، رئاسة الفريق الأحمر (الوداد الرياضي)، معتبرا ذلك يدخل ضمن تحكم الحزب المعارض (البام) في العديد من المجالات، ومنها المجال الرياضي.

وبقدر ما أثار هذا الهجوم استغراب مراقبين، بقدر ما رأى فيه آخرون انسجاما مع التوجه العام لـ "الإسلاميين" الذين يحاولون تعميم الهيمنة وإحكام الطوق على المجتمع، وبالتالي إرغام الحكم، ليس على اقتسام السلطة كما تطرحها الوثيقة الدستورية، بل على الانكماش في أقصى الزاوية والاكتفاء بدور المراقب.

وقال مراقبون إن شعورا بالعظمة بدأ يسيطر على زعيم البيجيدي الذي لم يتردد في السخرية من المعارضة في إحدى جلسات البرلمان بقوله: "سننام، وسنفوز بالانتخابات"، وهو ما يعني أنه أصبح يتكلم مع المغاربة، انطلاقا من "عقلية النقد" (بالمفهوم الذي وضعه ياسين الحافظ)، المتميزة بهيمنة أحكام القيمة والتسرع في الحكم على الأشياء والتحقير والأنانية والتعجرف والتجريح والاستعلاء والشعور بالعظمة واستصغار الآخرين والميل الى الهيمنة والتسلط الفكري، عوض التمسك، كما يفترض فيه موقعه كزعيم سياسي ورئيس حكومة ورجل دولة، "بالعقلية النقدية" المؤسسة على التساؤل والشك والافتراض والاستدلال والمراجعة والنقد العلمي البناء والموضوعي..

هجوم بنكيران على فريق رياضي من حجم الوداد الرياضي تمليه، أيضا، جملة من الاعتبارات الموضوعية. فرئيس الحكومة يدرك جيدا أنه على مشارف الانتخابات الجماعية 2015، وأن كرة القدم هي وسيلة من وسائل توسيع القاعدة الشعبية للأحزاب المتنافسة، سواء أكانت من الأغلبية أو المعارضة. وما هجومه على الوداديين سوى محاولة لإرباك الحسابات وخلط الأوراق وإضعاف الخصم وإلهائه بجمرة "البلطجة".

فهل يبرر هذا الهجوم أي محاولة للبحث عنالنزاهة؟ وتأسيسا على ذلك هل بنكيران معصوم من الوهم والأخطاء والذاتية؟ وهل بهذا "التنطع الانتخابوي" سيؤدي رئيس الحكومة دوره في التغيير والتنمية وخدمة الصالح العام على الوجه الصحيح؟ أليس هذا الهجوم، في الجوهر، تعبيرا عن غايات ومطامح فردية، ليس من ورائها سوى إرادة التحكم والهيمنة وإقصاء كل الآخرين؟

وإذا كان رئيس الحكومة، في هجومه على الوداديين، قد خص المنتمين إلى أحزاب المعارضة بوابل من "الاحتقار اللفظي"، فليس غائباعن ذهنه أن العديد من الفرق المغربية، يسيرها رؤساء ينتمون إلى العديد من الأحزاب السياسية، يمينا ويسارا. بل إنه يدرك أن الإسلاميين أصبحوا في قلب الجمهور الرياضي والإلترات المشجعة للفرق، وأنهم انتبهوا إلى دور الرياضة في الترقي السياسي، كما أصبحوا يدفعون في اتجاه توظيف ذلك في الانتخابات الجماعية والبرلمانية. فلماذا سياسة الكيل بمكيالين؟ وما هي دوافع هذا الهجوم؟

إن هجوم بنكيران على المسيرين الوداديين واتهامهم بالبلطجة ما هو في العمق سوى حلقة من سلسلة الهجمات المنظمة على خصومه الانتخابيين، وهو رسالة خطيرة إلى من يعنيه الأمر مفادها أن الأصوليين يطمحون إلى اقتسام السلطة، ليس مع البام (على سبيل المثال)، بل مع الملك مباشرة، بعيدا عن "القسمة" الدستورية. ويزايدون على ذلك بأنهم المتحكمون الفعليون في الشارع الانتخابي، وأن المعارضة، والبام تحديدا، ليسوا لاعبين جيدين للمراهنة عليهم كبديل للإسلاميين.

إن بنكيران يلعب بالنار، وهي النار التي من المحتمل أن تأكل صاحبها في شتنبر 2015، أي بعد المحطة الانتخابية التي يراهن عليها من أجل إثبات القدم ودحر المنافسين.

تفاصيل أخرى في هذا الموضوع تجدونها في غلاف "الوطن الآن" الجديد تحت هذا العنوان "بعد هجومه على وداد الأمة واتهام رئاستها بالبلطجة: بنكيران من زعيم دولة إلى زعيم "المشرملين".

une-Coul-9