الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

لماذا تخلى المسلمون عن الرسول الكريم؟

لماذا تخلى المسلمون عن الرسول الكريم؟

لم يهدأ الصخب الذي تلا حادثة الاعتداء الإرهابي على صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية، وأدى إلى مصرع 12 شخصا، من بينهم صحافيين، دفعة واحدة. غير أن هذا الصخب قدم المسلمين مثل ذلك القط المحاصر في الزاوية أمام أياد تريد به سوءا، وتحول الإسلام، في لحظة (قبل أن يكون ديانة لـ 1300.000.000 نسمة ينبغي احترامهم) إلى ثقافة ومنظومة تربوية حاضنة للإرهاب، كما أصبح المسلم، أي مسلم، هو مشروع إرهابي.
اندلعت، إذن، حرب إعلامية شرسة ولا هوادة فيها ضد الإسلام والمسلمين في فرنسا، وفي الغرب عامة، وقد أشعلها عنصريون أطلقوا النفير وشرعوا يدعون إلى طرد المسلمين من أوربا، وذلك انطلاقا من خلفية متطرفة واضحة تضع الإسلام كله في سلة واحدة. وتحولت حرية التعبير في بعض البلدان الغربية إلى مرادف للإساءة إلى رسول الإسلام، سواء بإعادة نشر الرسوم المسيئة أو باستدعاء "كلام الرسول" وإجراء استجواب افتراضي معه على الهواء مباشرة  (كما فعلت فرانس 2) أو بتقديم برامج حوارية وروبورطاجات وتحليلات تصب أغلبها في "تدنيس" ما يقدسه المسلمون وما يعتبرونه خطا أحمر.
غير أن الملاحظ هو أن المسلمين المأخوذون بقوة التهمة اختاروا أن ينكمشوا بشدة على أنفسهم أمام المنحى التصعيدي الذي اختاره الإعلام الغربي وفاعلون سياسيون ومدنيون معروفون بعدائهم تجاه الرسول الكريم. بل إن بعض زعماء الدول الإسلامية لم يجدوا غضاضة في المشاركة في مسيرة باريس التي رفعت فيها رسوم "شارلي إيبدو" إمعانا في التحدي وإصرارا على الإساءة، وكأنهم جاؤوا للتوبة أو إبراء للذمة ودفعا لتهمة التحريض على الإرهاب أو الإشادة به.
وإذا كان الغرب- مع بعض الاستثناء القليلة جدا- ينظر إلى حادثة الاعتداء بمنطقه الخاص، فإن من الواجب على المسلمين أن يتعاملوا مع واقعة الاعتداء على نبيهم وعلى رمزهم بمنطقهم الخاص أيضا، ليس ذلك الذي ينهض على تبرير الإرهاب، بل على محاصرة الاعتداء على مقدساته، دون خوف من تهمة الانحياز إلى خطاب الكراهية المسلطة على رقبته، ما دام هذا الغرب لم يع أن حرية التعبير تؤطرها خطوط حمراء، ومنها خط الاحترام الواجب للرسول الكريم.
إن تخلي المسلمين عن أقدس رمز لهم يبدو أمرا غير مفهوم أمام إرادة تعميم الإساءة، وأمام تحويل الإسلام إلى كيس لتداريب الملاكمة، الكل يضرب فيه بسعادة، والكل يجرب فيه مختلف الضربات، المشروعة وغير المشروعة. والحال أن على المسلمين، وحتى يحافظوا على ماء الوجه، أن يبادروا إلى خلق تسونامي بشري لإغراق الغرب بحقيقة الإسلام النابذة للعنف، وحقيقة رسوله الكريم الذي قامت رسالته على احترام كرامة البشر.
"لماذا تخلى المسلمين عن الرسول الكريم؟"، هذا السؤال طرحته "الوطن الآن" في غلاف عددها الجديد على باحثين ومفكرين وحقوقيين هم الأساتذة: عبد الصمد بلكبير (أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش وباحث في اللغة والثقافة المغربية)، وشاكر محمد المودني (أستاذ التعليم العالي للدراسات الإسلامية)، نورالدين هرامي (انتروبولوجي٬ رئيس شعبة علم الإجتماع ـ جامعة مولاي اسماعيل بمكناس)، وخالد سفياني (منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين).

 

 

غلاف العدد الجديد لـ "الوطن الآن"