الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

الحدادي يطلق 2600 طائر من الحجل في غابات الدار البيضاء وبن سليمان

الحدادي يطلق 2600 طائر من الحجل في غابات الدار البيضاء وبن سليمان

تمت ليومين متتابعين عملية إطلاق طيور الحجل، ضمن عملية المحافظة عليه وحمايته من القنص لمدة 3 سنوات بعدد من غابات جهة الدار البيضاء وبن سليمان، حيث تم إطلاق ما مجموعه 2600 حجل من مجموع حوالي 44 ألف حجل على الصعيد الوطني.

"أنفاس بريس"، حضرت يوم الخميس 8 يناير 2015، أطوار هذه العملية من بدايتها إلى نهايتها بمنطقة بن سليمان، وقطعت رفقة ممثل المكتب الجهوي للقنص، عشرات الكيلومترات مرورا بالهضاب والأودية، ووقفت عن قرب على ما يصطلح عليه بـ "إعمار مناطق القنص المحمية بالوحيش"، في جهة تضم قرابة 100 جمعية للقنص.

تضمن جدول أعمال الاجتماع، الذي ترأسه لحسن الحدادي رئيس المكتب الجهوي للقنص بمقره بالمحمدية يوم الثلاثاء 23 دجنبر 2014، نقطة مهمة تتعلق بتدارس عمليات الإعداد القبلي لإطلاق طيور الحجل في غابات جهة الدار البيضاء وبن سليمان، حيث تم تكليف حسن صابري عضو المكتب الجهوي والحارس الجامعي، بالإشراف الميداني على هذه العملية التي تتكرر كل سنة خلال الأسبوعين الأولين من شهر يناير. ولكي تمر العملية في أحسن الظروف، وبمشاركة كل المعنيين، حضر صبيحة يوم الخميس 8 يناير 2015، ممثل الإدارة الجهوية للمياه والغابات، وممثلين عن جمعيات القنص وممثل السلطة الترابية وعدد من المتطوعين، وقبل الانطلاق تم وضع الجميع في سياق العملية، التي يتوخى منها توفير فضاءات غابوية لتزاوج الحجل، من خلال حظر عملية القنص بكل الاشكال في المناطق المعنية لثلاث سنوات متتالية، وهو ما يسمح بحمايته، وبالتالي توفير فضاءات وموارد مستقبلية للقنص، واستغلالها بشكل عقلاني.

من خلال الإرسالية التي اطلعت عليها "أنفاس بريس"، الموقعة من قبل الجامعة الملكية المغربية للقنص، فإن حصة المكتب الجهوي للدار البيضاء وبن سليمان حددت في 2600 طائر من الحجل وهي موزعة على 18 موقعا غابويا بالجهة مقسمة على الشكل التالي:

- الدار البيضاء: لافارج (50 طائر)، كروطة (50)، غابة بوسكورة (40)، الشلالات (100)، الواد المالح (150)، سيدي العربي (220).

- بن سليمان: أولاد الطالب: (300 طائر)، سيدي اعمر (300)، لخصاصمة واد المالح (250)، لحفاري (100)، العرعار (80)، مشمش لحمير (100)، حد افريد (200)، تويميات (260)، غابة عمالة بن سليمان (80)، تفرانت (100)، الصلاعي اولاد غمر (140)، الصيوانة عين امكون (80).

وحسب الحارس الجامعي حسن صابري، فإن هذه الحصة تعد كافية للتوالد في ظرف الثلاث سنوات المقبلة، ومن شأن المحافظة عليها وعدم قنصها عشوائيا، أن يعود بالنفع العميم على القناصين بالجهة.

12

في حدود الساعة الحادية عشر صباحا من يوم الخميس 8 يناير 2015، اتخذت كل الإجراءات اللوجيستيكية لإنجاح عملية إطلاق طيور الحجل، وضعت خطة العمل بتشاور مع المعنيين، وتم الاتفاق على تقسيم عملية الإطلاق على أيام الأسبوع الأول من شهر يناير.. "شساعة النفوذ الترابي للجهة، يجعل من الصعب تغطيتها في يوم واحد، لهذا انطلقت العملية منذ أيام وستنتهي خلال نهاية الأسبوع الجاري"، يقول عضو المكتب الجهوي حسن صابري.

ويتم جلب هذه السرب من طيور الحجل من محطة تربية الطرائد الواقعة ببوزنيقة، وهي من المحميات الملكية، التي تؤدي خدمات مهمة للجامعة الملكية للقنص، من حيث توفرها على أعداد كبيرة من الطيور، التي يتم إطلاقها في المناطق المحمية، ويتم تفويتها بثمن رمزي لا يتعدى 70 درهما لطائر الحجل..

خصصت سيارتان رباعية الدفع لهذه العملية، واحدة في ملكية المكتب الجهوي تحمل على متنها أكياس القمح، وأخرى في ملكية أحد القناصين تحمل 18 صندوقا بلاستيكيا بداخلها طيور الحجل من الجنسين، بشكل متساو في الصندوق الواحد، ويحافظ المكتب الجهوي على العادات والتقاليد أثناء عملية الإطلاق، فعلى صوت التكبير والتهليل تنطلق أسراب الحجل في السماء، لتختم بقراءة الفاتحة والدعاء.

كانت منطقة حد فريد الواقعة على الطريق نحو سيدي بطاش والتي تبعد عن بن سليمان بحوالي 15 كيلومترا، أول منطقة غابوية أطلق فيها سرب الحجل، حيث خصصت لها 200 طائر، وحوالي قنطار من القمح لضمان تغذيتها مع إمكانية إضافة كمية أخرى..

قبل إطلاق سرب طائر الحجل، يتم تحديد أمكنة الإطلاق بدقة، حيث يراعى بعدها عن الحيوانات الضارة من قبيل الثعالب، التي تجد في كتاكيت الحجل غذاءها المفضل مما يعيق عملية التكاثر، وكذا بعدها عن المناطق السكنية، وخصوصا الدواوير التي يوجد بها كلاب كثيرة، واختيار "حيطان" مناسبة للتوالد. ويختلف عدد طيور الحجل بين صندوق وآخر حسب التقسيم القبلي، مع الحرص أن يكون عدد الذكور مناسبا لعدد الإناث، حيث كشف حسن صابري، أن طائر الحجل يتميز عن باقي الحيوانات والطيور بالإخلاص والوفاء لشريكة حياته طول العمر.

بقدر حرصه على أن يكون التشاور في اختيار أماكن الإطلاق حاضرا، كان حسن صابري، حريصا على أن يكون الإطلاق بحضور "المقدمين ديال الرمى"، فأعراف القنص تمنحهم مكانة اعتبارية مهمة، وإعطاؤهم إشارة الإطلاق، تجعل من مسؤوليتهم في حماية مناطقهم من القنص تتعاظم، حتى أن بعضهم أقسم بأغلظ الأيمان، أن يحمي طيور الحجل ويحافظ عليه ويرعاه بالأكل والشراب.. وهي حالة الحاج محمد مقدم غابة العرعار، الذي توارث هواية القنص أبا عن جد، وهي الهواية التي يلقن أحفاده أعرافها ومبادئها، "هذه الطيور يعلم الله عز وجل مكانتها في قلبي، والمحافظة على الحجل ورعايته هي من بين أعمالي اليومية، وأبعد عنها كل الحيوانات الضارة من قبيل الثعالب والكلاب والقنافذ والسلاحف.. فمن هذه الحيوانات من تأكل صغارها، ومنها من تفترس بيضها.. وأوفر لها أماكن للشرب، وأولادي حرام علي إذا دخلنا شي حجلة للدار"، يقول مقدم الرمى الحاج محمد..

13

بدوره ثمن القناص الميلودي احمامي، عملية إطلاق طيور الحجل، وكيف أن هذه العملية توفر للقناصين فضاءات مناسبة للقنص المستقبلي، وتحمي هذا النوع من الطيور من القنص العشوائي. وأضاف الميلودي الذي يرأس إحدى جمعيات القنص، أن إغلاق بعض الغابات في وجه القناصين، هو في مصلحة الحياة الإيكولوجية للغابة وما تزخر به من حيوانات وطيور، تجعل الطرائد متوفرة بما فيه الكفاية، ومحملا المسؤولية للمواطنين عامة وللقناصين بصفة خاصة في محاربة القنص العشوائي، وخصوصا في الفترات الليلية، حيث يتم اصطياده بواسطة الكشافات الضوئية..

وسنويا تقوم مصالح المكتب الجهوي للقنص بالدار البيضاء وبن سليمان، بعملية إحصاء دقيقة لعدد طيور الحجل، لمعرفة نسبة التوالد، من خلال المحاضر التي تنجز بالتعاون مع أطر الإدارة الجهوية للمياه والغابات. ويكشف حسن صابري، أنه بالرغم من تسجيل بعض حالات القنص العشوائي، فإن هناك اتجاها عاما للمحافظة على هذه الثروة الحيوانية.

وحسب ممثل إدارة المياه والغابات، فإن الحراس يقومون بدورهم في مراقبة المخالفين للقنص بالتعاون مع أطر الجامعة الملكية المغربية للقنص، وتفرض غرامات مالية على كل المخالفين، قد تصل لسحب رخصة القنص.. وكل هذه الإجراءات هي من أجل توازن بيئي وعدالة في فرص القنص بين الجميع.

بين مناطق جبوجة الرمى وحد فريد وسيدي اعمر ولحفاري والعرعار وأولاد الطالب بإقليم بنسليمان، قطعنا ما يزيد عن 80 كيلومترا خلال أكثر من خمس ساعات، حيث تنوعت تضاريس هذه المناطق صعودا وهبوطا، أودية وبرك مائية، لم يترك الحارس حسن صابري فرصة من أجل توعية وتحسيس الطاقم المشرف على العملية، حول أهمية العملية، ومعطيات علمية حول حياة ساكنة الغابات، توالدها، طرق قنصها، تغذيتها، حياتها الاجتماعية، علاقتها بالإنسان.. من الخنازير  إلى الثعالب مرورا بطيور الحجل والبرك والحمام، لتغرب شمس الخميس مع إطلاق آخر سرب من طيور الحجل بمنطقة بنسليمان.