بداية يجدر التساؤل هل الرياضة في العصر الرقمي، تحولت من أداة لتسويق صورة البلدان، الى قوة ناعمة لتغيير العالم وتوحيده في نفس الوقت من خلال تنظيم التظاهرات والمنافسات الرياضية الدولية ؟ وهل أصبح للرياضة تأثير أقوى من الدور الذي تضطلع بها الحكومات في الداخل والخارج، في التأثير على الرأي العام العالمي، وتجاوزها للحدود والاختلافات بين الدول والأمم ؟ .
لقد تحولت التظاهرات الرياضية الكبرى، الى وسيلة فعالة، تفوق الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حيث تكون مثلا لاستضافة الأحداث الرياضية العالمية،انعكاسات إيجابية على اشعاع صورة البلدان المحتضنة لها، وتسويق حضارتها وثقافتها والتعريف بها نتيجة استئثار هذه الاحداث الرياضية باهتمامات الملايين من الجماهير بمختلف القارات. وتساهم التطورات التكنولوجية في مزيد من التواصل ما بين الشعوب، وقلصت المسافات بين الدول.
لذا يلاحظ في العقود الأخيرة تنافس محموم، بين الدول، من أجل أن تحظى بشرف تنظيم المسابقات الرياضية ذات الأبعاد القارية والدولية، رغبة منها في تعزيز صورتها وضمان اشعاعها، علاوة عن تحقيق مكاسب اقتصادية وثقافية وسياحية ودبلوماسية .
لقد تحولت التظاهرات الرياضية الكبرى، الى وسيلة فعالة، تفوق الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حيث تكون مثلا لاستضافة الأحداث الرياضية العالمية،انعكاسات إيجابية على اشعاع صورة البلدان المحتضنة لها، وتسويق حضارتها وثقافتها والتعريف بها نتيجة استئثار هذه الاحداث الرياضية باهتمامات الملايين من الجماهير بمختلف القارات. وتساهم التطورات التكنولوجية في مزيد من التواصل ما بين الشعوب، وقلصت المسافات بين الدول.
لذا يلاحظ في العقود الأخيرة تنافس محموم، بين الدول، من أجل أن تحظى بشرف تنظيم المسابقات الرياضية ذات الأبعاد القارية والدولية، رغبة منها في تعزيز صورتها وضمان اشعاعها، علاوة عن تحقيق مكاسب اقتصادية وثقافية وسياحية ودبلوماسية .
استقرار وريادة
فعلى المستوى الوطني، تذهب العديد من آراء الخبراء الى القول بأن الإنجازات الرياضية التي يحققها المغرب خاصة في رياضة كرة القدم، لم تعد مجرد لحظات فرح جماهيري، بل تحولت إلى تعبير عميق عن روح وطنية متجددة..تعكس تماسك الهوية الوطنية وترسيخ ثقة المواطنات والمواطنين ببلدهم، ويعزز مكانتها كقوة استقرار ودورها الريادى وجسرا للتواصل الشعوب المختلفة. وهكذا فإن تنظيم التظاهرات الرياضية العالمية، تفتح آفاق واسعة في مختلف المجالات، تتجاوز التنافس الرياضي الى ميادين الاستثمار الاقتصادي والتسويق التجاري والترويج السياحي. كما وأضحت فرصة سانحة للتعريف بتاريخ وحضارة وثقافة البلد الذي يستضيف هذه الملتقيات الرياضية العالمية.
وإذا كان اختيار احتضان المملكة المغربية لعدة تظاهرات عالمية، في طليعتها، كأس العالم للأندية لكرة القدم، وكأس إفريقيا للأمم ، ومونديال كأس العالم، دليل على ثقة المنتظم الدولي الرياضي في امكانياته التنظيمية،فإن ذلك جعل من رياضة كرة القدم، أكثر من مجرد منافسات، لتتحول الى وسيلة للتأثير والتسويق الحضاري والثقافي والإعلامي، وهذا ما ظهر جليا منذ تمكن المنتخب الوطني المغربي من التأهل الى نصف نهاية بطولة كأس العالم بقطر سنة2022، كأول منتخب إفريقي وعربي يبلغ هذا الدور من المسابقة. كما ترسخ هذا الدور بفوز المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة بكأس العالم، وهو مما دعم حضوره واشعاعه على الساحة الدولية.
فليس غريبا عن المغرب نجاحه في تنظيم التظاهرات الرياضية الكروية منها استضافته في السنوات الأخيرة بنجاح لكأس العالم للاندية لسنوات 2013 و2014 ثم 2022، وكأس أمم أفريقيا للسيدات 2022 و2025، بطولة إفريقيا لأقل من 23 سنة المؤهلة للألعاب الأولمبية سنة 2023، وبطولة إفريقيا للاعبين المحليين 2018، فضلا عن بطولة إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة 2020 و2024، وكأس العالم للفتيات في كرة القدم (17 أكتوبر 8 نونبر 2025)، خلال خمس دورات متتالية حتى .2029
استراتيجية واضحة
وفي ذات السياق يندرج استضافة المغرب كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم مابين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2926، وتنظيم مونديال 2030 بمعية إسبانيا والبرتغال، ضمن توجه استراتيجي واضح، يسعى الى تكريس ريادة الرياضة المغربية، وكذلك تعزيزا لاشعاع المملكة الحضاري على المستويين القاري والدولي، لأن هذه التظاهرات الرياضية العالمية والتحديات التي ستخلقها، تشكل فرصة لتعزيز القوة الناعمة التي تشكلها الرياضة
وسيكون لحدث تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 بكل من المغرب واسبانيا والبرتغال، فرصة هامة للمملكة، لتعزيز البنيات التحتية الرياضية، وخلق استثمارات في قطاعات اجتماعية مهمة كالتعليم والصحة والثقافة والبيئة، علاوة عن أن تنظيم المباريات في مناطق وجهات مختلفة من المملكة، سيساهم في تحقيق تنمية مجالية، ويسمح بتقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين هذه المناطق والجهات.
وسيكون لحدث تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 بكل من المغرب واسبانيا والبرتغال، فرصة هامة للمملكة، لتعزيز البنيات التحتية الرياضية، وخلق استثمارات في قطاعات اجتماعية مهمة كالتعليم والصحة والثقافة والبيئة، علاوة عن أن تنظيم المباريات في مناطق وجهات مختلفة من المملكة، سيساهم في تحقيق تنمية مجالية، ويسمح بتقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين هذه المناطق والجهات.
كما أن مونديال فيفا المغرب اسبانيا والبرتغال، في رياضة كرة القدم التي أصبحت تحقق، ما عجزت عنه السياسة، قد يمثل نقطة تحول تاريخية في مسار المملكة، ويرسخ اسم المغرب بين دول المعمور على المستوى التنموي، وفي تنظيم التظاهرات العالمية الكبرى. كما أن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للأحداث الرياضية العالمية، ستمكن في ضمان استدامة العمليات الاستثمارية.
فرص جديدة
فحدث كأس العالم لكرة القدم 2030، يمكن أن يوفر فرصا جديدة لتطوير السياحة الرياضية وتقوية الاستثمارات في القطاعات الإستراتيجية للمملكة، مع الاستفادة من الخدمات التي تتيحها البنية التحتية المنجزة وهو ما سيعود بالفائدة على مختلف فئات المجتمع، وخاصة الفئات التي تعاني من الهشاشة والتهميش.
لقد تحول المغرب الى ورش مفتوح، منذ اعلان الملك محمد السادس، في الرابع من أكتوبر 2023، أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منح تنظيم مونديال 2030 لكرة القدم للمغرب بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال، بعدما كان جلالته أعلن، في الـ 14 مارس 2023 بالعاصمة الرواندية كيغالي، عن ترشح المغرب لتنظيم هذه التظاهرة العالمية الكبرى، التي تعد سابقة في تاريخ كرة القدم العالمية، لكونه يربط بين قارتين هي إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورو متوسطي.
مغرب آخر
ومن المتوقع أن يوفر هذا الحدث للمملكة، فرصة فريدة لتعزيز مكانتها العالمية في مجال السياحة الرياضية والزيادة من جاذبيتها، بما يرفع من عدد السياح، واستقطاب المزيد من الاستثمارات في القطاعات الإستراتيجية، لا سيما في مجالات البنيات التحتية والسياحة والاستقبال والنقل واللوجستيك.
فبعد كأس العالم 2030، من المؤكد أن يكون هناك مغربا آخر، سيجنى ثمار المجهودات، في مجال البنية التحتية والتجهيزات المتوفرة.
فهذه العوامل ستكون لها انعكاسات إيجابية على تطوير العنصر البشرى الذي ستتاح له الفرصة في المونديال للتلاقح مع حضارات وثقافات أخرى، فضلا عن تحقق إقلاع تنموي شامل، وتقوية الشعور بالفخر الوطني وتوحد المغاربة حول مشروع جماعي للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز البناء الديمقراطي وقيم التسامح والتنوع والتضامن المجتمعي.
فبعد كأس العالم 2030، من المؤكد أن يكون هناك مغربا آخر، سيجنى ثمار المجهودات، في مجال البنية التحتية والتجهيزات المتوفرة.
فهذه العوامل ستكون لها انعكاسات إيجابية على تطوير العنصر البشرى الذي ستتاح له الفرصة في المونديال للتلاقح مع حضارات وثقافات أخرى، فضلا عن تحقق إقلاع تنموي شامل، وتقوية الشعور بالفخر الوطني وتوحد المغاربة حول مشروع جماعي للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز البناء الديمقراطي وقيم التسامح والتنوع والتضامن المجتمعي.
وفي الوقت الذي يحظى الاستثمار في التظاهرات الرياضية، باهتمام واسع من لدن كبريات الشركات التي تخصص لها استثمارات ضخمة، ضمانا للحصول على عائدات مالية وفيرة. وإذا كان الاتحاد الدولي لكرة القدم، (فيفا) عندما يسند تظاهرة كبرى لبلد ما، فإن ذلك دليل على الثقة في قدراته على التنظيم والاستثمار.
ومن جهة أخرى أصبحت الصحافة الرياضية، واحدة من أكثر التخصصات الإعلامية متابعة، نتيجة المواكبة الكبرى والمتزايدة للأخبار والمعلومات حول الرياضة والرياضيين، لذا يظل دور الصحافة والاعلام حاسما في هذه التظاهرات الرياضية. ويمكن الاستدلال على ذلك، بأن أكبر نسبة مشاهدة في تاريخ مونديال كرة القدم لأقل من 20 سنة بالشيلي سنة 2025 هي تلك التي حققها نهائي المنتخب الوطني المغربي بنظيره الأرجنتيني حيت بلغت 2 مليار و800 مليون مشاهدة عبر العالم حسب إحصائيات الفيفا. فهذا الرقم التاريخي من المتوقع أن يترجم إلى مكاسب إيجابية للمغرب تفوق أي استثمار مادي.
جمال المحافظ، رئيس المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال