الاثنين 16 سبتمبر 2024
سياسة

"الوسيط": هذه ملاحظاتنا بخصوص مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها

"الوسيط": هذه ملاحظاتنا بخصوص مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها

آخذت جمعية "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، على مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كونه تحدث عن مهام الهيئة المركزية بأن في مجملها ذات طابع وقائي، لأن المشرع أراد أن يجعل مهام التنفيذ واتخاذ القرار فيما يتعلق بمكافحة الرشوة، مجالا محفوظا للسلطات الحكومية والقضائية.

وأضافت مذكرة "الوسيط"، التي تتوفر "أنفاس بريس" على نسخة منها، أن المهام الوقائية للهيئة ليست لها قوة ضاغطة في اتجاه التفعيل والتطبيق، حيث خولها صلاحية رفع تقرير سنوي للوزير الأول ولوزير العدل، دون أن يخولها صلاحية مواكبة وتتبع مفعول التوصيات الواردة في التقارير السابقة، والعمل على نشرها وتوزيعها وتعميمها.

واسترجعت المذكرة مهام الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، من حيث أنها لم تتمكن من الاضطلاع بجميع المهام المنوطة بها، ليس فقط بالنظر إلى الاختلالات المرتبطة بالإطار القانوني والمؤسسي العام، بل وأيضا نتيجة مجموعة من الإكراهات من بينها:

غموض التوصيف القانوني للهيئة المركزية للوقاية من الرشوة الذي لا يوفر لها مقومات الشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويحد بشكل ملحوظ من استقلاليتها على مستوى التدبير اﻹداري والمالي؛ عدم توضيح وتدقيق المهام الأفقية من تنسيق وإشراف وتتبع وتقييم، والتي تم التنصيص عليها دون تحديد الإجراءات العملية لتفعيلها، مما يفتح الباب لتنازع الاختصاصات مع السلطات الإدارية أو القضائية؛ هشاشة موقع الهيئة في مسار تنفيذ منجزها والتوصيات المتعلقة بمكافحة الرشوة؛ غياب آليات إلزامية تجبر القطاعات على طلب استشارة الهيئة في المشاريع التي لها صلة باختصاصاتها قبل تفعيلها أو عرضها على مسطرة المصادقة؛ غياب تدابير واضحة تمكن الهيئة من الحصول على الوثائق والمعلومات التي تمكنها من القيام بمهامها.

محدودية مجال التدخل المقتصر على أفعال الرشوة والغدر والاختلاس واستغلال النفوذ كما هي منصوص عليها في القانون الجنائي؛ غياب بعد مكافحة الرشوة لعدم توفر الهيئة على صلاحية القيام بالتحقيقات والتحريات اللازمة حول الأفعال والمعلومات التي تصل إلى علمها والتي من شأنها أن تشكل أفعال فساد؛ ضعف تأثير الهيئة على مستوى تحريك المتابعات في حق مرتكبي أفعال الفساد، لعدم اعتبار سلطات إنفاذ القانون توصياتِها ومقترحاتِها مبررا كافيا لتحريك المتابعات، إضافة إلى عدم التفاعل الإيجابي مع الشكايات المحالة عليها من طرف الهيئة؛ الضعف النسبي لعدد الشكايات المتلقاة من طرف الهيئة على خلفية صعوبة الإثبات وقصور مقتضيات حماية المبلغين ومحدودية تفاعل سلطات الإحالة.

أما بخصوص المقتضيات ذات الصلة بمشروع قانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فأكدت جمعية الوسيط أنه من الضروري أن يتم توسيع مجال تدخل الهيئة ليشمل مجموع أفعال الفساد المنصوص عليها في الفصل 36 الذي بادر بإحداثها، مع التنصيص على تمكينها من مهام الوقاية والمكافحة المرتبطة على الخصوص بالمبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع وتنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام وقيم المواطنة المسؤولة. وكذا تثبيت استقلالية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها كما أكدتها الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد وأقرها الدستور من خلال: ضبط التوصيف القانوني بما يضمن للهيئة الوطنية التمتع بكامل الأهلية القانونية والاستقلال المالي، والتوفر على ميزانية خاصة للتسيير والتجهيز يضطلع بتنفيذها الرئيس بصفته آمرا بالصرف، وعلى موظفين ومستخدمين يحكمهم نظام أساسي خاص؛ ملاءمة المراقبة المالية لضمان ترسيخ حكامة الهيئة على أساس حرية التصرف الكفيلة بتفعيل توصياتها ومقترحاتها؛ تخويل الملك صلاحية تعيين رئيس الهيئة الوطنية وكاتبها العام وأعضاء أجهزتها التقريرية، باعتباره جهة عليا ذات طابع تحكيمي؛ اعتماد هيكلة منفتحة على مختلف الفعاليات المعنية، ومتوازنة تضمن حكامة وفعالية التدبير والامتداد الترابي اللازم لمواكبة الجهوية الموسعة.

أما بخصوص مهام الهيئة، فترى "الوسيط"، أنه لابد من:

ضبط صلاحيات الهيئة وفق تراتبية لم تحترم مضامين التسمية التي تبدأ بالنزاهة ثم الوقاية فالمحاربة؛ إغفال الجماعات الترابية والسلطة القضائية من بعض صلاحيات الهيئة المتصلة بالوقاية؛ عدم تصريف مهام النهوض بالنزاهة والاقتصار فقط على الوقاية من الفساد ومحاربته؛ حصر التقرير السنوي بشأن حصيلة الهيئة في التدابير المتخذة للوقاية من الفساد ومحاربته والتطور الحاصل بشأنها، دون تضمينه نتائج المهام المرتبطة بالتشخيص والتقييم وتقديم المقترحات ومفعول التوصيات الواردة في تقاريرها السابقة؛ اختزال صلاحيات التنسيق فقط في إعداد برامج الوقاية من جرائم الفساد والإسهام في تخليق الحياة العامة، دون أن تمتد هذه المهمة لتشمل تنسيق سياسات النهوض بالنزاهة والوقاية من الفساد عموما ومحاربته..