لم يترك المشرع أي فراغ قانوني ومسطري بخصوص الحواجز الأمنية والدركية التي تقام سواء بالمدارات الحضرية أو القروية عند مداخل المدن، وأكد أنه تندرج ضمن ضمان الأمن العام للبلاد والعباد ومراقبة السير والجولان، ولم يتحدث بتاتا عن كونها "باراجات" للانتقام أو الاستفزاز أو الاستنطاق أو جلد المواطنين أو لإهانة السائقين، مهما كانت درجة ارتكابهم للمخالفات، ومتى لو كانوا موضوع بحث من قبل المصالح المختصة، فالقانون فوق الجميع..
هذا الاستهلال يبدو أنه غائب عند بعض أعوان الأمن ببعض البراجات البوليسية بهذه المدينة أو تلك. بدليل أنه مساء أمس الأربعاء 24 دجنبر 2014، أوقفت الشرطة كانت ضمن حاجز أمني للمراقبة أقيم بمدخل المدينة الريفية الحسيمة، سيارة أحد المواطنين، لكن عوض التقيد بالمساطر القانونية والتأكد من هوية السائق ووثائق السيارة، تعرض هذا المواطن لسيل من الأسئلة البوليسية، "منين جاي؟ فين غادي؟ علاش جاي؟ اشنو كاتشتغل؟ عند من غادي..؟ أسئلة اعتبرها المواطن تدخل في باب التحقيقات الأمنية لمشبوهين قيد الاعتقال، ولأنه متأكد أنه ليس هناك مذكرة بحث صادرة ضده من قبل المصالح الأمنية، رفض الجواب عن أسئلة ذلك الشرطي، متشبتا بحقه في التنقل كيفما شاء وأينما شاء، لكن يبدو أن الشرطي اعتقد أن هناك حظرا للتجول في منطقة الريف، مما يخول له احتجاز من خرق هذا الحظر وطرح أسئلته عليهم بطريقة استفزازية، إذ تمادى في طرح الأسئلة بشكل استفزازي، مما زاد من من حدة التوتر بين الطرفين كاد أن يتحول لمشاداة بينهما، خصوصا وأن نفس الحاجز عرف مصرع أحد المواطنين في غشت 2014، عندما أوقفت دورية للشرطة سيارة الاتحادي كريم لشقر، وبعد مشاداة معه سقط صريعا، حيث تتهم عائلته الشرطة بممارسة العنف ضده، في حين يتشبت الرواية الرسمية بأن الراحل ترجل من سيارته محاولا الهروب ليسقط مغشيا عليه.. لكن مهما كان سياق هذا الحادث ومزاعم وفاة الراحل، فالأكيد أن من شأن اجتهاد بعض باراجات البوليس والدرك والبحث في أمور ليست محل موضوع المراقبة من شأنها أن توقظ "الخلايا النائمة" ليس في الريف فقط، وإنما عبر التراب الوطني، مادام أن هذه السلوكات تتكرر في عدد من "البراجات" الأمنية والدركية.
وعليه فالمطلوب من السلطات المركزية تنبيه مرؤوسيها للتقيد بالقانون خاصة وأن المغاربة راكموا تجربة حقوقية لاتسمح بعودة الشطط البوليسي. فالمغرب اختار أن يكون دولة مدنية تحترم ضوابط دولة القانون والمؤسسات ولم يختر أن يكون دولة بوليسية "يتسخسخ" فيها المواطنون على يد بعض أعضاء "الباراجات".
نعم للقانون، ونعم للقيام بكل الإجراءات اللازمة لحماية الأمن العام للدولة، لكن ليس على حساب كرامة المواطن، فالقانون أسمى من الجميع.