Friday 31 October 2025
Advertisement
منبر أنفاس

خليل البخاري: المدرسة الديمقراطية فضاء للتنشئة الاجتماعية

خليل البخاري: المدرسة الديمقراطية فضاء للتنشئة الاجتماعية خليل البخاري
لا أحد ينكر بأن المدرسة والتعليم يتحملان مسؤولية خاصة في تربية الأطفال المراهقين على الديمقراطية .
إن المدرسة فضاء للتربية على الديمقراطية. وهي ليست موضوعا يمكن تفويضه إلى المدرسين أو حصره فقط في دروس مادة التربية على المواطنة، بل هي مهمة يجب أن يتحملها جميع الأطراف العاملة بالمدرسة. فالقسم والسلوكيات المعايير والأفكار التي تشكل التعليم والحياة، تمثل مضمونا ضمنيا وحاسما يكون الفكر الممارسة الديمقراطية.

تمثل المدارس مجتمعات مصغرة يستطيع فيها التلاميذ أن يتعلموا معنى أن يكونوا مواطنين نشيطين ومسؤولين. ففي فضاء المدرسة يمكنهم أن يطوروا سلوكا ديمقراطيا ويختبروا قدراتهم على ممارسة الحقوق التي سيحتاجونها في المجتمع. ومن خلال المدرسة يكتشف التلاميذ آليات اتخاد القرار الديمقراطي ومعاني التعددية وسيادة القانون.. والهدف ليس تبسيط الديمقراطية أو الإيحاء بأنها تحل جميع النزاعات بل العكس، ينبغي تشجيع التلاميذ على المشاركة في الحياة المدرسية ليتعرفوا على مبادئ الديمقراطية إن الثقافة المدرسية الديمقراطية لها قيمة وأهمية كبيرة للتربية على الديمقراطية، لأن المدرسة هي المؤسسة الوحيدة التي تصل إلى التلاميذ بغض النظر عن أصولهم الاجتماعية والثقافية. 

كما تمثل المدرسة مجتمعا مصغرا كما قال المفكر في مجال التربية جون ديوي، يعكس عمليات الخلاف في المجتمع، والمدرسة كذلك فضاء، رئيسي للتنشئة الاجتماعية، وبانفتاحها وتعاونها مع التربية غير النظامية ودعمها للمشاركة في المجتمع، يمكنها أن تربط بفاعلية بين المدرسة وبقية مجالات الحياة الاجتماعية. 

إن المدرسة مطلوب منها أن توفر للتلاميذ فرصا للتعليم الديمقراطي والمشاركة على جميع المستويات: في الحياة المدرسية، في النشاط الصفي، وفي مختلف مجالس المؤسسة (المجلس التعليمي، مجلس التدبير، مجلس القسم..).
 
ولتحقيق هذا الهدف، من الضروري اعتماد نموذج واضح للتربية على الديمقراطية وممارسة تربوية، تجعل الثقافة المدرسية جزءا حيا من الحياة اليومية، تشارك فيها كل مكونات المجتمع المدرسي. 

إن التربية على الديمقراطية تقدم أساليب ومفاهيم متعددة من العمل في التدريس والحياة في الفصول الدراسية وتنظيم الحياة المدرسية والدعم المدرسي والتعاون خارج محيط المدرسة. 

ولبناء ثقافة مدرسية ديمقراطية ناجحة، يجب أن ترتبط العناصر السالفة الذكر بمنظومة متكاملة وشفافة مدعومة من إدارة المدرسة وأكررها التربوية والادارية وكذا أولياء الأمور. 

غالبا ما يكون درس التربية على المواطنة هو الفضاء الأساسي للتفكير السياسي. غير أن التأطير والتتبع والمرافقة مثل تدريب مندوبي الأقسام وممثلي التلاميذ، يمكن أن يعزز تعلم الديمقراطية. 

ولكي تزدهر الثقافة المدرسية الديمقراطية، يجب أن تشمل العملية أيضا الثقافة التعليمية نفسها. فالتعليم القائم على التسلط والقمع والعنف لا يتيح للتلاميذ أي مجال للمشاركة في الحياة المدرسية ويضعف أي مجهود ديمقراطي كما يقصي قرارات التلاميذ ويناقض قيم الديمقراطية. على العكس من ذلك، فإن التعليم الديمقراطي كما وضعه المفكر كورت لوين يشرك التلاميذ في اتحاد القرارات التعليمية ويهتم بآرائهم ويمنحهم المسؤولية وفرص الانخراط في مشاريع المدرسة. وينبغي إشراك كل مكونات المجتمع المدرسي خاصة التلاميذ والتنسيق بين كل الأطراف، هو الذي يضمن استدامة تطوير المدرسة الديمقراطية التي تضم: الأساتذة التلاميذ، أولياء الأمور والإدارة، وبذلك تكون المدرسة قد ساهمت في تجسيد ثقافة مدرسية ديمقراطية حية. 

وصفوة القول، فالمدرسة لا يجب أن تكون مجرد مكانا وفضاء للتعلم ونقل المعرفة بل يجب أن تكون فضاء رحبا لتجسيد قيم الديمقراطية في الممارسة اليومية عبر مندوبي الأقسام الدراسية برلمان التلاميذ وكذا المجالس التربوية بمختلف أنواعها. إن المدرسة الديمقراطية تعترف بأن كل تلميذ فريد من نوعه، له مواهبه واهتماماته واحتياجاته الخاصة كما تساهم في تنمية فكره النقدي والدفع به للانخراط في الحياة المدرسية. 
 
خليل البخاري/ باحث تربوي