لم تمر سوى أيام قليلة على تقديم مشروع “السيارة الذكية” الذي أعلنت عنه الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية يوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بالرباط، حتى خرجت أصوات مهنية منتقدة للمبادرة، معتبرة أن المشروع أُعدّ دون أي مقاربة تشاركية، مما يجعل تنزيله على أرض الواقع أمراً صعباً.
 دحان بوبرد، رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات وأرباب مدارس تعليم السياقة وقانون السير والسلامة الطرقية، أكد أن الفاعلين المهنيين وممثليهم لم يتم إشراكهم في مراحل إعداد المشروع، رغم أنهم المعنيون المباشرون والمساهمون الأساسيون في إنجاح أي إصلاح حقيقي.
 وأضاف أن التشاور المسبق كان من شأنه أن يضمن التوازن بين الطموح التقني والواقع العملي للمؤسسات.
ومن أبرز الانتقادات التي وجهت للمشروع، حسب المتحدث ذاته، ضعف البنية التحتية المخصصة للامتحانات التطبيقية، إذ لا توجد حالياً سوى حوالي عشر (10) حلبات على الصعيد الوطني، ما يجعل تعميم التجربة صعباً في الوقت الراهن، وقد يؤدي إلى تفاوتات مجالية بين الجهات.
كما عبّر بوبرد عن مخاوف المهنيين من احتمال حصر تنفيذ المشروع في ماركة محددة من المركبات، في حين تعتمد مؤسسات تعليم السياقة على أنواع متعددة من السيارات حسب إمكانياتها التقنية والمالية. وشدد على أن أي توجه نحو اعتماد ماركة واحدة قد يحدث نوعاً من الاحتكار ويحد من حرية المؤسسات، داعياً إلى اعتماد عدة ماركات معتمدة لتفادي المنافسة غير الشريفة وضمان تكافؤ الفرص.
وفي الوقت نفسه، أكد بوبرد دعمه لكل إصلاح تقني يهدف إلى رفع جودة رخصة السياقة المغربية وتقليص التدخل البشري في التقييم، باعتبار ذلك خطوة إيجابية نحو مزيد من الإنصاف والموضوعية. لكنه شدد على ضرورة أن تشمل الاختبارات تقييم السائق في الطريق العام داخل المدينة وخارجها، لأن أغلب الحوادث المميتة تقع في الطرق المفتوحة وليس في الحلبات المغلقة.
كما دعا إلى مراجعة الإطار القانوني والاقتصادي قبل الشروع في تنزيل المشروع، وخاصة القرار الوزاري رقم 1673-18 الصادر في 31 ماي 2018، ولا سيما المادة الثالثة من عقد التكوين التي تنص على “التزام المؤسسة بتوفير المركبة التي يتم بواسطتها إجراء الاختبار التطبيقي”، مشيراً إلى أن اعتماد “السيارة الذكية” التابعة للإدارة أو لطرف ثالث قد يطرح إشكالاً قانونياً يتطلب تعديلاً تشريعياً يحدد الجهة المسؤولة عن المركبة المستعملة في الامتحان.
ودعا رئيس الاتحاد الوزارة والوكالة إلى فتح حوار جاد ومسؤول مع ممثلي المهنيين من أجل بلورة رؤية واقعية مشتركة تضمن جودة التكوين وشفافية الامتحان، وتوازن المسؤوليات القانونية والإدارية بين جميع الأطراف.
 
  
 
 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 