احتضنت كلية العلوم التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط " ملتقى الرياضيات " نظمته مؤخرا جمعية رياضيات المغرب للبحث العلمي، تكريما للراحل البروفيسور العايدي حنبالي الفاعل المدني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي الأسبق لدوره الريادي قيد حياته في التدريس والبحث والتأليف في مجال العلوم الرياضية، ودفاعه المستميث عن استقلالية الجامعة.
فخلال هذا الملتقى قدمت عدة شهادات حول المسار الأكاديمى للراحل العايدي حنبالي، نوه فيها جامعيون تنتمى لأجيال مختلفة، بالأدوار الطلائعية التي قام بها في مجال التربية والتعليم، وعطاءاته العلمية واسهاماته في الارتقاء بمستوى درس الرياضيات بالجامعة المغربية. كما توقفوا طويلا عن الخصال التي كان يتمتع بها، والعلاقات المتميزة التي كان ينسجها مع زملائه في العمل وتعامله التربوي مع طلبته، فضلا عن منجزه في ميدان الدراسات والأبحاث العلمية.
وأضاف أن حنبالي كرس من جهة أخرى مساره في النقابي للدفاع بكل جرأة وإخلاص وتفان، قل نظيره على الجامعة العمومية، و معها المنظومة التربوية وكذلك الانتصار لما وصفهم عميد كلية العلوم بطلبة " الطبقة الهشة" الذين تمكن العديد منهم بفضل رعاية وتشجيع الأساتذة من شعب متعددة، من تحقيق نجاح أكاديمي متميز ، على المستويين الوطني والعالمي، وأن يجعلوا مختبرات البحث بالكلية ومنها في الرياضيات، تحتل مكانة مرموقة في نسيج البحث العلمي .
في كلمة نيابة عن النقابة الوطنية للتعليم العالي، استحضر عبد الكبير بلاوشو الأستاذ بكلية العلوم جوانب من مسار حنبالي. وقال في هذا الصدد بأنه ساهم بجدية في تكوين عدة أجيال بكلية العلوم بالرباط التي تواصل أداء رسالتها العلمية باقتدار وتميز موضحا أن الأستاذ حنبالي، كان على المستوى النقابى والسياسي، يمارس ما أسماه ب"النضال الناعم المستند على القيم والأخلاق " .
وأضاف أن الراحل كان أستاذا متميزا يحتكم دوما الى الضمير المهني، ونموذجا للإنتاج والعطاء ،ومهندسا بارعا في تدبير العلاقات وفي المفاوضات، وكان كذلك رجل المصالحات وجابرا للخواطر". كما أشار في نفس السياق إلى أنه كان إنسانا صادقا معروفا بنزاهته الفكرية وبالتزامه في كل المعارك التي كان يخوضها الى جانب زملائه بصبر وحكمة، وهو ما جعله حالة استثنائية، وشكل أحيانا بمفرده فريقا متكاملا، وصاحب شخصية من بين سيمها، الوفاء والمعرفة والأخلاق وسعة الأفق، المستندة على مبادئ الصدق والحق والعدل.
كما أجمعت الشهادات التي ألقيت خلال هذا اللقاء على أنه برحيل العايدي حنبالي الذي كان معروفا عنه اشتغاله بصمت الحكماء وبدون ضجيج. وتوقفت عند محطات الرئيسة من مساره والعلاقات التي جمعتهم بالراحل خلال اشتغاله بكلية العلوم بالرباط، واستفادتهم من التراكم الذي خلفه في مجال البحث العلمي، ودفاعه عن مغرب الحداثة، الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

واستعرضت كلمات أفراد أسرة الحنبالي من جهتها، جوانب من حياة الفقيد، وشغفه بالرياضيات وايمانه بالعمل المدني التطوعي معبرين عن شكرهم وامتناهم للمبادرين لتنظيم هذا الملتقى، وكافة أساتذة وطاقم كلية العلوم بالرباط على هذه تسهيل تنظيم هذا اللقاء الذي يترجم بالفعل قيم الوفاء والاعتراف.
ومن موقعه القيادي بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية كان معروفا عن حنبالي اجتهاداته، لاشاعة الفكر النقدي ودعوته الى اعتماد المناهج العلمية والأكاديمية في التربية والتعليم، والدفاع عن الجامعة العمومية، لتظل حصنا منيعا ضد كل محاولات تبخيس دورها وطمس مكانتها في تكوين وتأهيل الأجيال والنيل من صورتها لدى الرأي العام.
ورغبة منه في ربط النظرية بالممارسة، آمن العيادي حنبالي، بالعمل الجمعوي التطوعي، باعتباره آلية من آليات التنشئة الاجتماعية لفئتي الأطفال والشباب، وهو ما جعله ينخرط في منتصف ستينات القرن الماضي، بفرع الدار البيضاء بالجمعية المغربية لتربية الشبيبة ( AMEJ ) التي تأسست، بتوجيه من الشهيد المهدي بن بركة سنة 1956، ليتدرج في هياكلها، ليصبح فيما بعد أحد قيادييها، ظل حينها محل ثقة محمد الحيحي، ( 1928 – 1998 )، بل وكاتم أسراره، في مجال العمل الجمعوي والسياسي كذلك .
