Thursday 30 October 2025
Advertisement
فن وثقافة

 "ملتقى الرياضيات" تكريما ووفاء للراحل البروفيسور العايدي حنبالي

 "ملتقى الرياضيات" تكريما ووفاء للراحل البروفيسور العايدي حنبالي جانب من الملتقى

احتضنت كلية العلوم التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط " ملتقى الرياضيات " نظمته مؤخرا جمعية رياضيات المغرب للبحث العلمي، تكريما للراحل  البروفيسور العايدي حنبالي الفاعل المدني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي الأسبق لدوره  الريادي قيد حياته في التدريس والبحث والتأليف في مجال العلوم الرياضية، ودفاعه المستميث عن استقلالية الجامعة.

 

فخلال هذا الملتقى قدمت عدة شهادات حول المسار الأكاديمى للراحل العايدي حنبالي، نوه فيها جامعيون تنتمى لأجيال مختلفة، بالأدوار  الطلائعية التي قام بها في مجال التربية والتعليم، وعطاءاته العلمية واسهاماته في الارتقاء بمستوى درس الرياضيات بالجامعة المغربية. كما توقفوا طويلا  عن الخصال التي كان يتمتع بها، والعلاقات المتميزة التي كان ينسجها مع زملائه في العمل وتعامله التربوي مع طلبته، فضلا عن منجزه في ميدان الدراسات والأبحاث العلمية.

 
وأشاد عميد كلية العلوم بالرباط محمد الركراكي، في مداخلته خلال هذا الملتقى الذي تزامن مع الدخول الجامعي برسم الموسم الجديد، أن الأستاذ حنبالي  قامة علمية كبرى، ساهمت قيد حياتها في تطوير البحث العلمي والجامعة المغربية ، مؤكدا أن الجميع يعترف للراحل بمساره الذي تميز في جانب منه بمقالاته العلمية التي كانت تنشرها مجلات علمية محكمة شهيرة داخل وخارج المغرب والتي تشكل لحد الآن مرجعا رئيسا في الرياضيات مثيرا الانتباه من جهة أخرى إلى رمزية تنظيم هذا التكريم بمدرج  بلماحي بالكلية، القاعة الكبرى التي احتضنت ملتقيات وتظاهرات أصبحت فيما بعد جزء من ذاكرة بناء المغرب الحديث، علاوة على أن كلية العلوم التي تأسست سنة 1958، وظلت بعد ذلك لمدة 20 سنة كالكلية الوحيدة بالمغرب في مجال العلوم، تمكنت لحد الآن من الحفاظ على ريادتها، وأن ذلك كان بفضل قامات تربوية تعليمية من قبيل المرحوم حنبالي الذي يعد علما وطنيا في  الرياضيات. 

 

وأضاف أن حنبالي كرس من جهة أخرى مساره في النقابي للدفاع بكل جرأة وإخلاص وتفان، قل نظيره على الجامعة العمومية، و معها المنظومة التربوية وكذلك الانتصار لما وصفهم عميد كلية العلوم بطلبة " الطبقة الهشة"  الذين تمكن العديد منهم بفضل رعاية وتشجيع الأساتذة من شعب متعددة، من تحقيق نجاح أكاديمي متميز ، على المستويين الوطني والعالمي، وأن يجعلوا مختبرات البحث بالكلية ومنها في الرياضيات، تحتل مكانة مرموقة في نسيج البحث العلمي .

 

 في كلمة نيابة عن النقابة الوطنية للتعليم العالي، استحضر عبد الكبير بلاوشو الأستاذ بكلية العلوم جوانب من مسار حنبالي. وقال في هذا الصدد بأنه ساهم  بجدية في تكوين عدة أجيال بكلية العلوم بالرباط التي تواصل أداء رسالتها العلمية باقتدار وتميز موضحا أن الأستاذ حنبالي، كان  على المستوى النقابى والسياسي، يمارس ما أسماه ب"النضال الناعم المستند على القيم والأخلاق " .

 

وأضاف أن الراحل كان أستاذا متميزا يحتكم دوما الى الضمير المهني، ونموذجا للإنتاج والعطاء ،ومهندسا بارعا في تدبير العلاقات وفي المفاوضات، وكان كذلك رجل المصالحات وجابرا للخواطر". كما أشار في نفس السياق إلى أنه كان إنسانا صادقا معروفا بنزاهته الفكرية وبالتزامه في كل المعارك التي كان يخوضها الى جانب زملائه بصبر وحكمة، وهو ما جعله حالة استثنائية، وشكل أحيانا بمفرده فريقا متكاملا، وصاحب شخصية من بين سيمها، الوفاء والمعرفة والأخلاق وسعة الأفق، المستندة على مبادئ الصدق والحق والعدل. 

 

كما أجمعت الشهادات التي ألقيت خلال هذا اللقاء على أنه برحيل العايدي حنبالي الذي كان معروفا عنه اشتغاله بصمت الحكماء وبدون ضجيج. وتوقفت عند محطات الرئيسة من مساره والعلاقات التي جمعتهم بالراحل خلال اشتغاله بكلية العلوم بالرباط، واستفادتهم من التراكم الذي خلفه في مجال البحث العلمي، ودفاعه عن مغرب الحداثة، الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.

واستعرضت كلمات أفراد أسرة الحنبالي من جهتها، جوانب من حياة الفقيد، وشغفه بالرياضيات وايمانه بالعمل المدني التطوعي معبرين عن شكرهم وامتناهم للمبادرين لتنظيم هذا الملتقى، وكافة أساتذة وطاقم كلية العلوم بالرباط على هذه تسهيل تنظيم هذا اللقاء الذي يترجم بالفعل قيم الوفاء والاعتراف.

 
وقد تضمن الشق العلمي للملتقى، إلقاء أساتذة مختصين عروضا حول نظرية البروفيسور العايدي حنبالي حول " النقطة الثابتة "  التي أثبتها، وأصبحت مسجلة باسمه والتي غالبا ما يستشهد بها عدد كبير من العلماء من كافة الأصقاع المختصين في العلوم الرياضية. كما أثاروا الانتباه الى مجهودات الراحل بحثية أخرى منها ما توصل إليه من نتائج، مكنت من إيجاد الحلول لقضايا علمية رياضية كانت معقدة وعصية على الحل.  

 

ومن موقعه القيادي بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية كان معروفا عن حنبالي اجتهاداته، لاشاعة الفكر النقدي ودعوته الى اعتماد المناهج العلمية والأكاديمية في التربية والتعليم، والدفاع عن الجامعة العمومية، لتظل حصنا منيعا ضد كل محاولات تبخيس دورها وطمس مكانتها في تكوين وتأهيل الأجيال والنيل من صورتها لدى الرأي العام.

 

ورغبة منه في ربط النظرية بالممارسة،  آمن العيادي حنبالي، بالعمل الجمعوي التطوعي، باعتباره آلية من آليات التنشئة الاجتماعية لفئتي الأطفال والشباب، وهو ما جعله ينخرط في منتصف ستينات القرن الماضي، بفرع الدار البيضاء بالجمعية المغربية لتربية الشبيبة ( AMEJ ) التي تأسست، بتوجيه من الشهيد المهدي بن بركة سنة 1956، ليتدرج في هياكلها، ليصبح فيما بعد أحد قيادييها، ظل حينها محل ثقة  محمد الحيحي، ( 1928 – 1998 )، بل وكاتم أسراره، في مجال العمل الجمعوي والسياسي كذلك .