Wednesday 29 October 2025
Advertisement
فن وثقافة

"تجديد الشراكة ومستقبل العلاقات المغربية الفرنسية".. إصدار جديد لمحمد بوبوش

"تجديد الشراكة ومستقبل العلاقات المغربية الفرنسية".. إصدار جديد لمحمد بوبوش كتاب يحلل تطور العلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية بين المغرب وفرنسا
صدر عن دار النشر Le LYS BLEU، باريس - فرنسا، للمؤلف، محمد بوبوش، أستاذ العلاقات الدولية، بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، وجدة، كتاب بعنوان: 
Renouveler le partenariat-  l’avenir des relations franco-marocaines après la visite de Macron
 
يقدم المؤلف تحليلا  معمقا لتطور العلاقات الفرنسية-المغربية، التي تميزت بتوترات حديثة ورغبة في التصالح مستعرضا التسلسل التاريخي للعلاقات المغربية الفرنسية منذ أواخر القرن 19 مرورا بمعاهدة فاس وبسط الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912، حيث هيمنت فرنسا بحضارتها وأسلوبها في إدارة المغرب إداريا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا وثقافيا.

ورغم استقلال المغرب سنة 1956 تركت فرنسا بصماتها وإرثها الاستعماري على المغرب المستقل حديثا، وبنت علاقاتها مع الدولة الفتية على أسس قوية ومتينة، شملت الجوانب الدبلوماسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية مكرسة بذلك شراكة استراتيجية لا مثيل لها مع المغرب الحديث، حيث عمل الرؤساء المتعاقبون على فرنسا على توطيد وترسيخ هذه العلاقات في كل الجوانب رغم بعض التشنجات التي شابت هذه العلاقات في بعض الأحيان.
 
يفحص الكتاب أيضًا الجانب الاقتصادي بين البلدين، فعلى الرغم من التوترات الدبلوماسية السابقة بين البلدين، ظلت العلاقات الاقتصادية بين باريس والرباط قوية ومتينة. في عام 2023، بلغ حجم التبادل التجاري بين العاصمتين مستوى قياسيًا وصل إلى 14 مليار يورو. تعد فرنسا الشريك الاستثماري الأجنبي الأول للمغرب، حيث تتواجد الغالبية العظمى من الشركات الفرنسية المستثمرة في البورصة الباريسية. كما تعد فرنسا في صدارة المستثمرين بالمغرب برسم سنة 2023، بصافي تدفق قدره 6,8 مليارات درهم، مقابل 3,8 مليارات درهم في سنة 2022، أي بارتفاع بلغت نسبته 79,5 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر المغرب أكبر مستثمر إفريقي في فرنسا، حيث بلغت قيمة استثماراته 1.8 مليار يورو في العام 2022، مقارنة بـ 372 مليون يورو في العام 2015. كما أن المغرب هو المستفيد الأكبر من تمويلات وكالة التنمية الفرنسية.
 
موقف فرنسا من قضية الصحراء وتأثيرها على الديناميكية الإقليمية
 فيما يخص القضية الوطنية، تجدر الإشارة إلى أن فرنسا، كانت تتبنى موقفًا محايدًا نسبيًا في النزاع، لكن في السنوات الأخيرة، لوحظ أن باريس بدأت في إعادة تقييم سياستها خاصة بعد زيارة الرئيس ماكرون إلى المغرب يوم الاثنين 28 أكتوبر 2024، والاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء الذي يأتي في إطار دعم المغرب كحليف استراتيجي في منطقة شمال إفريقيا، خاصة في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب.

يتماشى القرار الفرنسي مع الرفض الدولي لفكرة الطموحات الانفصالية التي تجتاح العالم، حيث كانت فرنسا من الرافضين للاعتراف بالجمهوريات التي انفصلت عن أوكرانيا وضمها الاتحاد الروسي، كما أنه يعكس التزام فرنسا بتعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، مساهما بذلك في حل النزاع بما يتماشى مع مبادرة الحكم الذاتي التي طرحتها المغرب والتي دعمتها فرنسا منذ عام 2007 في مجلس الأمن الدولي. 
 
يتناول الكتاب أيضا إعادة تشكيل الوضع الجيوسياسي في أفريقيا بعد الانسحاب الفرنسي من منطقة الساحل والصحراء، خصوصا مع ظهور لاعبين جدد مثل روسيا والصين، وبالتالي وجدت فرنسا أمامها جملة من التحديات في منطقة الساحل. حيث شهدت السياسة الفرنسية في أفريقيا تراجعا كبيرا منذ نهاية حقبة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، نتيجة عدد من العوامل أبرزها سيطرة الروح الاستقلالية، والاستعلاء الفرنسي على الأفارقة، وتكرار السياسات الاستعمارية نفسها، لذلك ترى فرنسا في تجديد الشراكة مع المغرب ودعم سيادته على أقاليمه الجنوبية، فرصة لإعادة التموقع من جديد في إفريقيا.
وأخيرًا، يقترح المؤلف تحليلًا نقديًا للتحديات والفرص لشراكة متجددة وفرص للتعاون المستمر مستقبلا بين البلدين، نظرا لكون هذه الزيارة قد عزّزت من مكانة المغرب كشريك استراتيجي لفرنسا، مما يمهّد الطريق لتحقيق تكامل أعمق يلبي المصالح المشتركة بين البلدين. وعلى الرغم من شمولية الزيارة التي تناولت مجموعة من القضايا ذات الأهمية المشتركة، بدءًا من التعاون الاقتصادي والطاقة المتجددة، مرورًا بمكافحة الهجرة غير الشرعية، وصولاً إلى تعزيز الروابط الثقافية، والأكيد أن هذه الزيارة التاريخية للرئيس ماكرون ستسهم من تنظيم هذه العلاقة على المدى الطويل.