تقدم سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة اعتدار للشعب الفلسطيني بعد رفض مجلس الأمن القرار وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة... قال الدبلوماسي الجزائري بأنه يأسف لعجز المنتظم الدولي على إدانة الاعتداء على شعب فلسطين.... بدا الرجل في حالة إرهاق وتقمص الحزن والأسى وكأنه فوجئ بالقرار الوحيد الذي تألم له...
لكن الحقيقة هي أن السيد جامع استغل منصة مجلس الأمن للتغطية على خرافة دعم الجزائر للفلسطينيين.. والسؤال لماذا منعت السلطات الجزائرية الشعب الجزائري من التظاهر للإعراب عن إدانة شعبية واسعة للأحداث في غزة؟ هل لا يستحق الفلسطينيون هذا الدعم الشعبي ؟ هلا يستحق الشعب الجزائري حرية التعبير عن مشاعره في موضوع إجماع في عدد من العواصم ؟ كيف لنا أن نفهم أن مظاهرات شعبية عارمة ومؤيدة للحق الفلسطيني خرجت في لندن وباريس ومدريد والرباط ومنعت في كافة التراب الجزائري؟ من عليه اليوم أن يعتذر للشعب الفلسطيني؟
والسؤال من جديد.. كم بعثت الجزائر من دعم للمنكوبين في غزة والقطاع ؟ ما هي المواد الغذائية والطبية والعلاجية التي أرسلتها الجزائر؟ ما هي كميات الماء والحليب ومتطلبات علاج الأطفال والمصابين بالحروق والمعطوبين؟ والجواب هو أن الجزائر لم ترسل شيئا ! ولا كأس حليب أو قطعة خبز ! لماذا هذا التقشف في دولة تدخل خزينتها يوميا الملايير من الدولارات؟
وفي إطار شعبوية لا مفهومة تستمر الإذاعات والتلفزات والجرائد الجزائرية في دعم القضية الفلسطينية شعارات وعناوين ضخمة ومحللين وخبراء وكلام ثم كلام.. وبدون شك القصد من ذلك هو تنويم إرادة الشعب الجزائري وخوفا من غضبه إن هو خرج إلى الشوارع .... وبذلك يتأكد خوف العسكر من أن تصيحالجماهير مدنية وليس عسكرية إلى جانب فلسطين عربية ... هذا الخوف الذي أصبح من أدبيات الحكم العسكري يعكس الانفصال بين جماهير الشعب الجزائري والعسكر المرتعد من عودة الحراك...
وكانت الجزائر قد طبلت عند دخولها إلى مجلس الأمن واعتبرته انتصاراً عظيما ورددت وسائل الدعاية الجزائرية بدون حشمة... إجماع عالمي على اختيار الجزائر لدخول مجلس الأمن... العالم يحمي بلاد الشهداء والأمم المتحدة ترحب بالدبلوماسية الجزائرية..... ولم تخف الدعاية الجزائرية أن هذا الانتساب إلى مجلس الأمن «يعد حدثا عظيما سيساهم في تغيير الأوضاع وتنفيح ميثاق الأمم المتحدة وخلق توازن جديد وديناميكية إيجابية.... وباختصار دخول الجزائر العضو غير دائم سيكون فتحا مبينا سيقلب موازين القوى... ورغبة في إبراز مظاهر الفرح والارتياح أرسلت الجزائر فرقة موسيقية عزفت في ممرات الأمم المتحدة لإثارة الانتباه.. والواقع أن دخول الجزائر إلى مجلس الأمن مسألة عادية وأن ذلك المقعد غير الدائم يتسم بالتناوب
بين مجموعة دول من بينها الجزائر
لقد استغل السفير الجزائري كل مناسبة للحديث عن الصحراء المغربية في محاولة يائسة للجمع بين القضية الفلسطينية العادلة وملف الصحراء المغربية.. وبهذه الطريقة بدا واضحا أنه يستغل القضية الفلسطينية بمحاولة ربطها بقضية الصحراء... ورغم هذا الخلط المقصود والنية السيئة فشلت الجزائر سواء في الدفاع عن القضية الفلسطينية أو في الترويج للأطروحة المعادية للوحدة الترابية للمملكة.
وإذا كان السفير الجزائري قد انتبه إلى فشله في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتقدم بالاعتذار للشعب الفلسطيني، فإن عليه بعد فشله في ملف الصحراء المغربية أن يتقدم بالاعتذار للشعب المغربي... لقد فشلت الدبلوماسية الجزائرية على الواجهتين بعد أن حاولت إخفاء مطامعها الانفصالية وراء قضية عادلة للشعب الفلسطيني الجريح.
فهلا سيتوفر السفير الجزائري على الشجاعة الأدبية للاعتراف أن مشاركة بلاده في مجلس الأمن لم تحمل أي جديد، وأن جل وقته أضاعه في معاكسة الوحدة المغربية، وأنه عليه أن يزيل القناع ليرى أعضاء الأمم المتحدة الوجه الحقيقي والتآمري للدبلوماسية الجزائرية وفشلها على المستويين... القضية الفلسطينية العادلة والوحدة المغربية الراسخة.