ترأس الملك محمد السادس، يوم الأحد 19 أكتوبر 2025، بالقصر الملكي بالرباط، مجلسا وزاريا خُصِّص جزء مهم منه لمواكبة مشاريع القوانين التنظيمية المؤطرة للمسلسل الانتخابي لسنة 2026، ويتعلق الأمر بمشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، الذي يهدف إلى تخليق الاستحقاقات التشريعية المقبلة وضمان سلامتها، وإفراز نخب تحظى بالشرعية والثقة، وذلك من خلال تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية في وجه كل من صدرت في حقه أحكام يترتب عليها فقدان الأهلية الانتخابية، واعتماد الحزم اللازم لاستبعاد كل من تم ضبطه في حالة التلبس بارتكاب أي جريمة تمس بسلامة العمليات الانتخابية، علاوة على تشديد العقوبات المقررة لردع كل المحاولات التي قد تستهدف سلامة العمليات الانتخابية في جميع أطوارها، في إطار رؤية استباقية تروم تعزيز النزاهة وتحصين العملية الانتخابية من كل أشكال العبث أو المساس بحرية الاختيار.
وفي هذا السياق، أعطى المجلس الوزاري دفعة قوية لمسار تخليق الحياة العامة وترسيخ ثقافة النزاهة، من خلال مشاريع قوانين جديدة تولي أهمية قصوى للاستقامة والشفافية كشرط مسبق للتقدم إلى الترشح، عبر اعتماد آليات وقائية متقدمة تستبعد تلقائياً كل من لا يستجيب لمعايير النزاهة الأخلاقية والقانونية.
وتضمن مشاريع القوانين المقترحة تشديد العقوبات في مواجهة المخالفات الانتخابية، بما في ذلك شراء الذمم أو التأثير غير المشروع على إرادة الناخبين، وذلك عبر الرفع من العقوبات الحبسية والغرامات المالية، بهدف حماية مصداقية الانتخابات وضمان الاحتكام إلى قواعد المنافسة الشريفة.
وتبرز هذه المقتضيات الجديدة أن النزاهة ليست مجرد خيار سياسي، بل التزام مؤسساتي وواجب وطني، كما تعكس الإرادة القوية للدولة في إعادة بناء الثقة بين المواطن والشأن العام، وإعادة الاعتبار لقيمة المسؤولية في العمل السياسي والحزبي.
ويأتي إدراج هذه المشاريع ضمن المسار التشريعي قبل نهاية السنة الجارية كترجمة واضحة لـ نهج الاستباقية وحسن تدبير الزمن الانتخابي، بما يمنح الفاعلين السياسيين رؤية واضحة تتيح الإعداد الجيد للاستحقاقات المقبلة في إطار من المساواة والشفافية.
ويرى مراقبون أن هذا التوجه التشريعي المتجدد، يمثل خطوة متقدمة نحو تعزيز الاستقرار المؤسساتي وتحديث المنظومة القانونية للحياة السياسية، انسجاما مع التوجيهات الملكية الرامية إلى ترسيخ نموذج ديمقراطي مغربي متميز يجمع بين الأصالة والفعالية والابتكار، ويحفّز المشاركة المواطنة، خصوصاً في صفوف الشباب والنساء والمجتمع المدني.
ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، تتجدد رسالة بوضوح: انتخابات نزيهة، مشاركة واسعة، وتمثيلية منصفة… وهي مرتكزات المسار الديمقراطي الوطني الذي يقوده الملك محمد السادس برؤية بعيدة المدى، تستند إلى الحكمة والمسؤولية وتخدم طموحات بناء مغرب النموذج السياسي المتجدد والثقة المتبادلة بين المواطن والمؤسسات.