Saturday 18 October 2025
Advertisement
سياسة

الاتحاد الاشتراكي يعلن في مؤتمره الـ12 انطلاقة إصلاح سياسي شامل وتجديد للرؤية الديمقراطية والاجتماعية ( مع فيديو)

الاتحاد الاشتراكي يعلن في مؤتمره الـ12 انطلاقة إصلاح سياسي شامل وتجديد للرؤية الديمقراطية والاجتماعية ( مع فيديو) ادريس لشكر وهو يفتتح المؤتمر
أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ادريس لشكر، أن محطة المؤتمر الوطني 12 تمثل لحظة “إعادة بناء المشروع السياسي الوطني على أسس التجديد والمكاشفة والانفتاح على المجتمع”، ومشدداً على أن “الخروج من الأزمة يتطلب إصلاحاً جذرياً للسياسات العمومية ومصالحة بين الاقتصاد والمجتمع داخل إطار الدولة الاجتماعية”.
 
وأضاف لشكر في كلمته الافتتاحية، الجمعة 17  أكتوبر 2025 ببوزنيقة، لأشغال المؤتمر الوطني الثاني عشر للحزب، أن عقد المؤتمر الذي سبقته 72 مؤتمراً إقليمياً يشكل تتويجاً لمسار تنظيمـي دؤوب يعكس نضج التجربة الاتحادية وقدرتها على الانتظام والانضباط، مؤكداً أن “التحضير طُبِع بالسلاسة والانسجام بعيداً عن التصدعات السابقة”، ومبرزاً أن الحزب “حافظ على هويته الإصلاحية التقدمية رغم التراجعات التي طالت التيارات الاشتراكية في العالم”.
وأضاف أن المرحلة تقتضي تقييماً جماعياً لإعادة صياغة استراتيجية الحزب “بمنطق جماعي نقدي، منفتح على التحولات المجتمعية والسياسية الراهنة”.
 
وفي محور وطني ركّز الخطاب على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، معتبراً أن البلاد تعيش “منعطفاً تاريخياً يفرض فهماً عميقاً لطبيعة المرحلة وتجاوز المقاربات الظرفية”، محذراً من تآكل الثقة بين الدولة والمجتمع بسبب “غياب الوضوح الفكري والجرأة في اتخاذ القرار”.
 
وانتقد بشدة “النموذج التنموي الليبرالي الذي فاقم الفوارق الاجتماعية والمجالية وأسّس لاقتصاد ريعي تُعيد عبره الدولة توزيع الثروة لفائدة الأقلية”، مؤكداً أن الإصلاح الحقيقي “يبدأ من إعادة الاعتبار للمجتمع كفاعل في وضع وتنفيذ السياسات العمومية”.
وشدد على أن التنمية لا تختزل في الأرقام والمشاريع الكبرى، بل في العدالة الاجتماعية، والولوج العادل إلى التعليم والصحة والسكن والكرامة، داعياً إلى “تحويل الدولة من مسعفة إلى محفزة، ومن بيروقراطية إلى دولة مواطنة ضامنة للتكافؤ والسيادة الاقتصادية”.
وعلى المستوى الدولي، عبّر الكاتب الأول عن “إدانة الحزب للمجازر الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية”، واصفاً ما يحدث بأنه “حرب إبادة وانتهاك صارخ للشرعية الدولية”، مؤكداً استمرار الاتحاد الاشتراكي في “الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.  
 
كما دعا إلى “حشد الدعم الدولي لوقف جرائم الاحتلال”، منتقداً ما وصفه بـ"الصمت الدولي المريب إزاء الإبادة الجماعية ومظاهر ازدواجية المعايير في النظام العالمي”.
 
وأشاد الكاتب الأول بنضال حزب الشعب الجمهوري التركي ضد “سياسات القمع ومحاولات إسكات المعارضة”، معلناً تضامن حزبه مع قادته، لاسيما أوزغور أوزيل، ومؤكداً أن “المعركة من أجل العدالة وسيادة القانون لا وطن لها، وهي معركة كل الديمقراطيين في العالم”.
كما استعرض أبرز التحديات التي تواجه القوى التقدمية على الصعيد العالمي، من “أزمة المناخ والهجرة”، إلى “صعود اليمين المتطرف وخطاب الكراهية في أوروبا، الذي يغذي العنصرية ويمس بقيم الحرية والمساواة”.
 
وفي الشق الوطني الترابي، أكد الكاتب الأول أن “المغرب غير سردية العالم حول قضيته الوطنية بفضل إدماج أقاليمه الجنوبية في التنمية المستدامة واحترام خصوصياتها الثقافية”، مشيراً إلى أن “المرحلة تتطلب تعزيز هذا النجاح بدفع الدول الصديقة الدائمة العضوية في مجلس الأمن نحو تبني مقترح الحكم الذاتي كحل أممي نهائي للنزاع”.
 
وأضاف أن المؤتمر “يتزامن مع الذكرى الخمسين للمؤتمر الاستثنائي الأول للحزب والمسيرة الخضراء”، معتبراً أن هذا التزامن “يرمز إلى وحدة التوجه الوطني والتقدمي في مشروع التحرير وبناء الدولة الديمقراطية”.
 
وتوقف الخطاب طويلاً عند “تراجع مصداقية العمل السياسي” و"تآكل الثقة في المؤسسات"، معتبراً أن بعض الفاعلين “يستمدون القوة من القرابة لا من الكفاءة، ومن الموقع لا من المشروعية”.  
ودعا إلى “مرحلة سياسية جديدة متحررة من الأساليب القديمة، منفتحة على الشباب والطبقات الوسطى، وتستعيد دور الأحزاب في تأطير المجتمع”.
 
وأكد أن “موجة الاحتجاجات الأخيرة تعبّر عن قلق مجتمعي عميق لا يمكن التعامل معه بتبخيس أو استعلاء”، داعياً إلى “مقاربة جديدة تضع الأصوات الشابة في صلب القرار السياسي”.
وانتقد الكاتب الأول “الجمود الذي أعقب دستور 2011”، موضحاً أن “المكتسبات الدستورية لم تترجم إلى تحول ديمقراطي فعلي، بل شابها ركود وميل نحو التمركز السلطوي”.
 
وأشار إلى أن “استقلال السلطة القضائية تحول في الممارسة إلى استقلال عن الرقابة بدل أن يكون استقلالاً من أجل العدالة”، داعياً إلى “تقييم أداء مؤسسات الحكامة لضمان التناسق المؤسسي والابتعاد عن ازدواجية تدبير القرار العمومي”.
وشدد الكاتب الأول على أن “النظام الملكي يظل أساس الاستقرار وبنية الدولة، منبثقاً من الإرادة الشعبية ومؤطراً للمسار الديمقراطي”، مؤكداً أن “جلالة الملك لم يسع يوماً إلى احتكار القرار بل ظل محركاً للإصلاحات الكبرى”، غير أنه نبه إلى “خطر توظيف المؤسسة الملكية لتبرير الفشل الحكومي أو إسكات المعارضة المؤسسية”.
 
كما استعرض الكاتب الأول تفاصيل مذكرة الإصلاح الانتخابي التي رفعها الحزب إلى وزارة الداخلية، مشيراً إلى مقترحات بارزة أهمها:
- التسجيل التلقائي للشباب وخفض سن الترشح إلى 18 سنة؛  
- اعتماد لوائح انتخابية جديدة وتقسيم منصف للدوائر؛  
- تخصيص 132 مقعداً نسائياً بمجلس النواب؛  
- تشديد العقوبات ضد الفساد الانتخابي؛  
- سن قانون لإطار استعمال الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية؛  
- إنشاء هيئة وطنية مستقلة للرقابة الرقمية وتمويل الحملات.

 
وقدّمت لجان المؤتمر الثاني عشر خلاصات عملها، حيث دعت اللجنة السياسية إلى “مواصلة الإصلاحات المؤسساتية في إطار التوافق”، بينما أوصت اللجنة الاقتصادية بنموذج تنموي جديد “قائم على العدالة الجبائية والاقتصاد التضامني”.  
وأوصت لجان المرأة والشباب والثقافة ومغاربة العالم بتوسيع المشاركة والتمكين الديمقراطي، فيما شددت لجنة الإعلام على “رقمنة الأرشيف الحزبي وتأهيل الصحافة الاتحادية”.  
 
واختتم الكاتب الأول كلمته بالتأكيد على أن الثورة الرقمية “تحولت إلى مجال جديد للديمقراطية المباشرة”، داعياً الحزب إلى “تبنّي تنظيم أفقي مرن يستوعب ديناميات المجتمع ويجعل من الانفتاح والابتكار ركيزة للممارسة السياسية”.
 
وأشاد في ختام خطابه بالجهود التنظيمية واللوجستيكية لإنجاح المؤتمر، موجهاً شكره لضيوف الحزب من القوى السياسية والنقابية والمدنية الوطنية والدولية، مؤكداً أن “الوفاء لقيم الحرية والتضامن والديمقراطية سيبقى جوهر هوية الاتحاد الاشتراكي في مساره الوطني والتاريخي”.