أصدر المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال، تقريرا شاملا، يغطي الفترة 2022-2025، ويبرز المركز ككيان رائد أفريقي يهتم بمنع تجنيد الأطفال في مناطق النزاعات باستخدام مناهج بحثية متطورة تركز على الوقاية والتأهيل بدل التدخل التقليدي.
تم تأسيس المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال في 31 مارس 2022 في الداخلة بالمغرب، ليكون مركزا رائدا يقود الجهود الإفريقية للبحوث التي تركز على الوقاية من تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة.
يقود المركز عبد القادر فيلالي، حيث يمثل هذا المعهد نقلة نوعية في البحث العلمي اعتمادا على منهجيات محلية تستند إلى البحث الميداني المباشر بدلاً من أساليب التدخل التقليدية.
وتسعى المملكة المغربية، تحت القيادة الملكية، إلى تطوير مقاربات متعددة الأبعاد تشمل التوعية، إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي، والدعم النفسي للسير نحو عالم يُخلى من ظاهرة تجنيد الأطفال، حيث تُؤمن الحماية والتنشئة السليمة للأطفال في مجتمعاتهم. وتستهدف الرؤية الملكية تعبئة أكبر عدد من المدن الإفريقية عبر تدابير ملموسة وشراكات قارية تعزز حماية الطفولة المهمشة، مع التركيز على إرادة واضحة لمنع تجنيد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة وملاحقة المسؤولين عنها قانونياً وتحقيق التنمية المستدامة التي تراعي حقوق الطفولة وحمايتها.
ويعتمد المركز على نهج مبتكر يطلق عليه "لسماع صوت الميدان" ويستخدم مقاييس وأدوات بحثية متطورة مثل مؤشر إعادة الإدماج والمرونة للأطفال الجنود، ما يمكنه من رصد وتحليل الظاهرة في أكثر من 12 دولة عبر آسيا الوسطى، أمريكا اللاتينية، وإفريقيا.
شملت العمليات تقييم برامج إعادة الدمج في كازاخستان، كولومبيا، ساحل العاج، تشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مع إبراز النجاحات والتحديات التي تواجه كل دولة، خصوصًا تأثير السياقات الثقافية والمجتمعية ودور المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية. وتم تطوير استراتيجية شراكة متعددة المستويات تضمن تنفيذ البرامج بفاعلية، مع شبكة تمثيل قارية متكاملة للاستجابة السريعة والتدخل الملائم.
يقدم التقرير تفصيلات واضحة عن شراكات المركز مع مؤسسات أكاديمية عسكرية وحكومية، بالإضافة لمنظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. تؤكد هذه الشراكات على الطابع التكاملي للعمل، مع احترام استقلالية البحث، مع تقديم دعم للتطوير المهني والتدريب المكثف للكوادر الأمنية والحكومية، منها اتفاقيات مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة في ساحل العاج وبرنامج نزع السلاح وإعادة الإدماج في الكونغو الديمقراطية.
ويعكس عمل المركز التزامه بمنع تجنيد الأطفال بحلول عام 2040 من خلال البحث القائم على الأدلة، والدعوة السياسية، والتعاون الدولي. ويؤكد المركز على أهمية اعتماد تعريفات ومناهج بحثية إفريقية أصيلة، متحررة من المفاهيم الغربية الجامدة، مع التركيز على الجوانب الثقافية والاجتماعية المحلية.
يتمتع المركز بإطار تنظيمي قوي يتضمن مقره الرئيسي في الرباط ومركز أبحاث تدريبي في الداخلة، كما يشمل مجلس استشاري متعدد التخصصات يضم دبلوماسيين وخبراء وأكاديميين من مختلف أنحاء العالم.
كما يشرف على تدريب الباحثين وفرق ميدانية متخصصة، ويخطط لعقد أول مؤتمر أفريقي وزاري ضد تجنيد الأطفال في نوفمبر 2025.
وينادي المركز بدمج أبحاثه ونتائجه في برامج تدريب القوات العسكرية وسياسات الدفاع، وتفعيل مبادئ فانكوفر التي تعتمدها 95 دولة لتعزيز حماية الأطفال في الصراعات.
كما يدعو إلى تطوير آليات تحذير مبكر مبنية على بيانات ميدانية لضمان استباق المشكلة بدلاً من معالجتها بعد وقوعها.
وبرهن المركز خلال ثلاث سنوات على قدرته كمنصة بحثية رائدة تحقق تأثيرا عالميا بارزا، مستخدما منهجيات مبتكرة تدعم الوقاية عبر مقاربات محلية ومستندة إلى أدلة ملموسة. وهو يدعو إلى توسيع التعاون الدولي لدعم الحلول الأفريقية المحلية التي أثبتت فعاليتها في حماية الأطفال من التجنيد وإعادة دمجهم بكرامة في مجتمعاتهم.
ختاماً، يقدم المركز نموذجا متميزا في رصد قضايا الأطفال المجندين عبر مناهج بحثية تصوغها خبرات ميدانية وأطر ثقافية محلية، ويشكل جسرا حيويًا بين الأبحاث والسياسات العملية التي تستهدف القضاء على تجنيد الأطفال، واقتراح سياسات ودولية تتناسب مع خصوصية المجتمعات الإفريقية والعالمية على حد سواء.