يشهد قطاع العقار في مدينة وجدة تحديات متزايدة، في ظل تعقيد المساطر الإدارية المتعلقة بمنح رخص السكن. فقد عبّر عدد من المنعشين العقاريين عن تذمرهم من التأخر المفرط في معالجة طلباتهم، حيث تشير المعطيات إلى وجود أكثر من 400 رخصة لا تزال قيد الدراسة، دون حسم نهائي.
ورغم أن منح رخص السكن يدخل ضمن اختصاص مجالس الجماعات الترابية، إلا أن التشديد الكبير من قبل ولاية جهة الشرق على الالتزام الصارم بتصاميم البناء-حتى في ما يتعلق بتفاصيل دقيقة كألوان الواجهات—جعل من الحصول على رخصة السكن مهمة شبه مستحيلة، خاصة بالنسبة للوحدات السكنية الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 50 متراً مربعاً، والتي تنتشر بشكل كبير في الأحياء الهامشية مثل حي النهضة، فيلاج البكاي، حي النصر، السمارة، وفيلاج الزكارة.
وتفرض تصاميم البناء الحالية مواصفات صعبة التطبيق بالنسبة للفئات ذات الدخل المحدود، كضرورة توفر الشرفات والبهو بمساحات كبيرة، وهو ما يحرم عدداً كبيراً من المواطنين من الاستفادة من أبسط الخدمات الأساسية مثل الماء الصالح للشرب والكهرباء، في انتظار الحصول على رخص السكن.
ويمثل قطاع العقار أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي، باعتباره أكبر مشغل لليد العاملة، ومؤشراً مهماً لقياس دينامية الدورة الاقتصادية والاجتماعية. كما أن تأثير تعثره لا يقتصر فقط على المنعشين العقاريين والمواطنين، بل يمتد ليشمل سلسلة من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة به، من بينها معامل الإسمنت والحديد (كشركة هولسيم بوجدة ومعمل صوناصيد بالناظور)، بالإضافة إلى وحدات إنتاج الآجور والطوب، ومقالع الرمال والحجارة المخصصة للبناء، التي تشغل بدورها آلاف العمال.
أمام هذا الوضع، تبدو الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في الإجراءات الإدارية المعتمدة، وتسريع وتيرة معالجة طلبات رخص السكن، بما يضمن توازناً بين متطلبات التعمير واحترام المعايير التقنية والجمالية، وبين تمكين المواطنين والمستثمرين من حقوقهم في السكن والعمل. فاستمرار التأخير وغياب الحلول العملية قد يؤدي إلى مزيد من التأزم الاجتماعي والاقتصادي في جهة هي أصلاً من بين الجهات الأكثر هشاشة على المستوى الوطني.