الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

في لقاء دراسي بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة: التأكيد على الأهمية الإستراتيجية للذكاء الاقتصادي لربح معركة التنافسية

في لقاء دراسي بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة: التأكيد على الأهمية الإستراتيجية للذكاء الاقتصادي لربح معركة التنافسية

أكد المشاركون في لقاء دراسي، نظمتهالمديرية العامة للأمن الوطني، بالقنيطرة، على الأهمية الإستراتيجية للذكاء الاقتصادي في ربح معركة التنافسية وضمان تطور المقاولات والمؤسسات الوطنية.

وتميز هذا اللقاء، الذي ينظم على مدى يومين في موضوع "الذكاء الاقتصادي: مقاربة ثقافية جديدة من أجل عالم مطبوع بالتحولات"، بمشاركة مسؤولين حكوميين وممثلين عن عدد من القطاعات والمؤسسات وخبراء وفاعلين من القطاع الخاص.

ونوه الشرقي اضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، في افتتاح هذا اللقاء، براهنية ونجاعة هذا الموضوع الذي أصبح يمثل رهانا أساسيا لجميع المجتمعات والدول، ولا أدل على هذا من الأحداث التي بات يعرفها العالم خلال السنوات الاخيرة، لاسيما ما يتعلق بالكشف عن معلومات هامة وحساسة عبر قنوات التجسس الاقتصادي والصناعي والسياسي.

وأكد أن الذكاء الاقتصادي كآلية للتطوير التنافسية ونجاعة المقاولة الوطنية يهدف إلى إرساء منظومة تتوخى تأمين المعلومات المتعلقة بكل القطاعات الحيوية الاقتصادية منها والصناعية والتكنولوجية من جهة ، وإدراجها في منظومة الحكامة الاقتصادية من جهة ثانية.

وانطلاقا من هذا المعطى، يضيف الوزير المنتدب، فإن هذه الآلية العلمية تظل وسيلة أساسية لحماية وتحصين المناخ الاقتصادي وتأمين بنياته من الأخطار الداخلية والخارجية المحدقة به وكذلك ترسيخ مكتسباته وتطوير مقوماته بما فيها الرأسمال اللامادي الذي دعا إليه الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش في 31 يوليوز2014.

وشدد اضريس على أن تحدي تحصين المجال الاقتصادي الوطني في ظل تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال لم يعد يتمثل في التوفر على المعلومة وإنما في سرعة الوصول اليها وكيفية توظيفها. مبرزا، في هذا الصدد، أن انفتاح المغرب على محيطه الإقليمي والدولي وانخراطه في الاقتصاد العالمي يجعل منه مسرحا لمجموعة من التجاذبات الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يستوجب تعزيز حماية مكتسباته ضد كل نوع من أنواع الاختراق ضمانا للأمن والاستقرار، اللذين يعتبران عاملا أساسيا يضمن فضلا عن استقطاب الاستثمارات الخارجية وخلق جو من الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين والماليين، تحقيق ما يصبو إليه المواطن من رخاء وسلم اجتماعي.

ومن جانبه، اعتبر ناصر بوريطة، الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، أن موضوع الذكاء الاقتصادي يكتسب أهميته وراهنيته من خلال التحولات العميقة التي يعرفها العالم والتي تتميز بالانتقال إلى التنافسية.

وبعد أن ذكر بالزيارات الملكية إلى عدد من الأقطار والدول الإفريقية، والتي أعطت دفعة قوية للديبلوماسية الاقتصادية، أكد ناصر بوريطة، على أن الذكاء الاقتصادي أضحى يشكل إحدى العناصر الأساسية للديبلوماسية المغربية.وأشار في هذا الصدد إلى التراكمات والمكتسبات التي حققها المغرب في هذا الاطار داعيا الى وضعها في إطار مهيكل وملائم.

وأبرز الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون على الدور الهام الذي يضطلع به المستشارون الاقتصاديون في مختلف السفارات والتمثيليات الديبلوماسية للمملكة، والذي يتجلى أساسا في جمع المعلومات ومعالجتها ووضعها رهن إشارة الفاعليين العموميين والاقتصاديين. معتبرا أن الانخراط في معركة الذكاء الاقتصادي يتطلب التركيز على أهمية تكوين العنصر البشري في مجال الحصول على المعلومة وتوظيفها والحفاظ عليها.

ومن جانبه، أبرز بوشعيب ارميل المدير العام للأمن الوطني، خلال الجلسة الافتتاحية، أن التطرق لموضوع الذكاء الاقتصادي والحاجة إلى مقاربة ثقافية جديدة لفهم ومواكبة التحولات التي يعيشها العالم، أضحى يكتسي أهمية بالغة في الظرف الراهن.

وأشار في هذا السياق إلى مقولة للقائد العسكري الصيني الشهير صن تسو، يؤكد فيها أن "الخبراء في مجال فن الحروب هم من يستطيعون تقويض أسلحة الخصوم من دون الحاجة إلى القتال، والسيطرة على المدن من دون اجتياحها، والإطاحة بالدول من دون القيام بعمليات عسكرية".

وأبرز ارميل، في هذا الصدد، أن المساهمة والانخراط في التنافسية الاقتصادية يتطلب بالضرورة التحكم والسيطرة على المعلومة، التي أضحت اليوم عاملا يتمتع بقيمة مضافة غير مسبوقة. مشيرا إلى أن التوظيف الأمثل والأفضل للمعلومة من طرف المقاولة، من خلال تدبيرها واستغلالها في الوقت المناسب ومن طرف الشخص المناسب بهدف اتخاذ القرار المناسب، يمكنها من الانتصار في الحرب الاقتصادية.

وأوضح المدير العام للأمن الوطني، في هذا السياق، أن ربح المعركة الاقتصادية، يتطلب بالضرورة التحكم في ثلاث وسائل وآليات، تشمل تنافسية التكلفة، والابتكار الذي يقوم على وضع استراتيجية للبحث والتطوير، ثم النهوض بتكوين الرأسمال البشري.

وأشار إلى أن التجسس الاقتصادي، أضحى واقعا حتميا، في ظل الحروب الاقتصادية الراهنة، وفي سياق الصراعات الاقتصادية بين الدول، وعلى مستوى القطاعات المختلفة والحساسة (التسلح، النقل الجوي، الطاقة...)، مما يفرض الحاجة إلى الانخراط في حرب للمعلومات.

وأبرز بوشعيب ارميل، أنه بالرغم من اختلاف منطلقات المشاركين في هذا اللقاء الدراسي، حيث "ينشغل البعض بالقضايا الاقتصادية، والبعض الآخر بالقضايا الأمنية"، فإن الهاجس الذي يسيطر على الجميع يتمثل في حماية المصالح الاقتصادية للمملكة، وتقوية وتطوير النسيج والمنظومة الإنتاجية بالبلاد.

ومن جهتها، اعتبرت مريم بنصالح شقرون رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أنه إذا كان الوصول إلى المعلومة الاقتصادية يمكن من خلق الفرص، فإن الذكاء الاقتصادي يتوخى التدبير الذكي والفعال للمعلومات بهدف الوصول إلى معرفة واستباق المنافسة.

وشددت على أن بلورة وتنفيذ نظام للذكاء الاقتصادي واليقظة الاقتصادية الوطنية أو المجالية، يستدعي القيام بعمل شاق ومكلف على مستوى توفير وتأهيل الموارد البشرية والمادية الضرورية، وجمع وتوفير المعلومات ومعالجتها وتحليلها ونشرها، إلى جانب حمايتها، داعية في هذا السياق إلى تنسيق جهود جميع الفاعلين "ليس فقط من أجل استباق الضربات في المستقبل، ولكن بهدف تجنب تلك التي يمكن أن تهدد حاضرنا".

وحثت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب على الشروع في بلورة مخطط شمولي خاص بالذكاء الاقتصادي، داعية شركات القطاع الخاص والوزارات والسفارات ومنظمات المجتمع المدني للعمل سويا من أجل توحيد وتنسيق الجهود لتشكيل يقظة اقتصادية واعدة ذات قيمة مضافة.

وأشارت بنصالح شقرون في السياق ذاته إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كان حريصا، منذ وصولها إلى رئاسته، على إحداث لجنة هامة للذكاء الاقتصادي، تتولى تحسيس المقاولات الصغرى والمتوسطة والشركات، الأعضاء، بالأهمية المتزايدة للمعلومات والمعرفة، على مستوى تدبير المقاولة.

ويتضمن برنامج هذا اللقاء مجموعة من العروض التي تتمحور على الخصوص حول "الذكاء الاقتصادي الواقع والرهانات" و"الذكاء الاقتصادي: الاخطار والفرص" والذكاء الاقتصادي: التجارب والممارسات القطاعية".

حضر الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء على الخصوص والي جهة الغرب الشراردة بني احسن عامل اقليم القنيطرة، ومجموعة من الخبراء وعدد من رؤساء الجامعات وممثلو القطاعات الحكومية وبعض المؤسسات العمومية وفاعلون اقتصاديون.