مع اقتراب انعقاد مؤتمر الرباط حول ضحايا الإرهاب المزمع تنظيمه في 2 و3 دجنبر 2025، يصبح من الضروري التأكيد على أن المغرب لا يمكنه تفويت هذه الفرصة التاريخية لإبراز الجرائم الممنهجة التي ارتكبتها مليشيات البوليساريو بدعم مباشر من الجزائر. فقد نفذت هذه المليشيات سياسات منظمة لإرهاب المدنيين وإفراغ المناطق من سكانها الأصليين، ما جعل معاناة الضحايا في الصحراء المغربية قضية ملحة تحتاج إلى الاعتراف الدولي والتغطية ضمن سجل ضحايا الإرهاب في إفريقيا. إدراج هذا الملف في المؤتمر ليس مجرد خطوة رمزية، فهو يعد إطارا استراتيجيا يسلط الضوء على الانتهاكات المستمرة التي طالما غابت عن الرؤية الدولية، ويؤكد قدرة المغرب على حماية مواطنيه والدفاع عن حقوقهم في المحافل الدولية.
الجرائم الممنهجة للبوليساريو
شهدت المناطق الشرقية والجنوبية من الصحراء المغربية، من طانطان وآسا إلى لبيرات والزاك واسمارة، ومن طاطا وأقا إلى فم الحصن ومحاميد الغزلان، سلسلة من الاعتداءات الإرهابية الوحشية التي طالت المدنيين بشكل مباشر. لقد تعرض السكان للاختطاف القسري ونقلوا إلى مخيمات تندوف في ظروف مزرية، حيث عاشوا أوضاعا صعبة تعرضوا خلالها للتعذيب النفسي والجسدي. كما ارتكبت المليشيات انتهاكات جسيمة بحق النساء، شملت الاعتداءات الجنسية والاغتصاب كأسلوب لإرهاب المجتمعات المحلية وخلق مناخ من الخوف والرعب. لم يقتصر الإرهاب على المدنيين فحسب، بل استهدف المسافرين والمزارعين، حيث تم اعتراض القوافل واختطاف الركاب وحرق المزارع وقتل الفلاحين، بهدف تجويع السكان ودفعهم للنزوح عن أراضيهم. كما نفذت المليشيات عمليات إعدام وحرق ميداني للمدنيين، مع تدمير ممتلكاتهم ومصادر رزقهم، إضافة إلى الاعتداء على الأسرى، الذين تعرضوا للذبح والتمثيل بالجثث وللاحتجاز والسخرة والتعذيب الوحشي، وقتل واختطاف البحارة والصيادين في عرض البحر، بما يشكل خرقا صارخا للقانون الدولي.
الاعتراف الدولي بالضحايا
إدراج ضحايا البوليساريو ضمن جدول أعمال مؤتمر الرباط يمثل مطلبا إنسانيا وقانونيا عاجلا. فالاعتراف بمعاناة هؤلاء الضحايا يسلط الضوء على الانتهاكات التي طالما غابت عن الرؤية الدولية، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية الالتزام بالمعايير القانونية وحقوق الإنسان في معالجة تداعيات الإرهاب. كما أن هذا الاعتراف يعزز الدعوة إلى تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي، ويتيح ربط التجربة المغربية بتجارب الدول الإفريقية الأخرى المتضررة من الإرهاب، بحيث تصبح القضية المغربية جزءا من الجهد القاري الشامل لمكافحة الإرهاب وحماية المدنيين.
المكاسب السياسية والدبلوماسية
استثمار المغرب لهذه الفرصة يمنحه مكاسب استراتيجية هامة على الصعيد الدولي والإقليمي. فعبر توثيق هذه الجرائم وطرحها على الطاولة الأممية، يعزز المغرب مصداقيته القانونية والدبلوماسية ويثبت التزامه بحماية المدنيين ومكافحة الإرهاب. ويؤكد دور المغرب كفاعل رئيسي في تعزيز الأمن والاستقرار في إفريقيا. إضافة إلى ذلك، يمثل إدراج ملف ضحايا البوليساريو ضغطا على المجتمع الدولي لإعادة صياغة السردية حول الصحراء، من كونها قضية سياسية فقط إلى قضية إنسانية وأمنية شاملة، مع التأكيد على أن الأمن القاري يتطلب النظر إلى جميع ضحايا الإرهاب دون استثناء.
في ضوء كل ما سبق، فإن إدراج ضحايا البوليساريو ضمن مؤتمر الرباط حول ضحايا الإرهاب في إفريقيا لا يعد فقط مجرد إجراء رمزي، فهو فرصة تاريخية لا يمكن للمغرب تفويتها. الاعتراف الدولي بمعاناتهم يعيد الاعتبار للضحايا، و يعزز موقف المملكة القانوني والدبلوماسي، ويؤكد أن مكافحة الإرهاب تتطلب الاعتراف بكل ضحاياه عبر القارة، ضمن إطار حقوق الإنسان والأمن الإقليمي. إدراج هذا الملف يشكل خطوة حاسمة لتعزيز العدالة الإنسانية والسياسية، ويضع المغرب في موقع القيادة الفعلية لمكافحة الإرهاب وحماية المدنيين في إفريقيا.