Thursday 25 September 2025
مجتمع

جمعيات نسائية ترافع لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي

جمعيات نسائية ترافع لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي مشاهد من اللقاء
أطلقت كل من جمعية "كيف ماما كيف بابا"، وجمعية "إعلام وثقافات" (AMC)، والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب (ADFM)، حملة ترافع وطنية لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي الميسر عن طريق التكنولوجيا، حيث تدعو هذه المبادرة إلى إصلاح عميق للأطر القانونية والمؤسساتية، استناداً إلى مقاربة شمولية ومنسقة، بهدف مواجهة هذه الآفة التي تتخذ أبعاداً مقلقة وكسر حلقة الإفلات من العقاب.
جريدة "أنفاس بريس" تنشر أسباب هذه الحملة الترافعية، وتداعيات العنف القائم على النوع الاجتماعي على الأسرة ككل.
 
آفة ذات عواقب مدمرة:
أدى التطور المتسارع للتكنولوجيات الرقمية في المغرب، الذي عززته جائحة كوفيد-19 والاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي، إلى تغيير جذري في التفاعلالاجتماعي، ولكنه فتح الباب في الوقت نفسه أمام أشكال جديدة من العنف القائم على النوع الاجتماعي. ووفقاً لدراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019، تعرضت ما يقرب من 1,5 مليون امرأة في المغرب للعنف الرقمي، أي بمعدل انتشار يصل إلى 14%.
 
إن العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي ليس مجرد "كلمات جوفاء "، بل له عواقب حقيقية ومأساوية في كثير من الأحيان، فالتنمر الإلكتروني، والابتزاز بنشر صور حميمية، وخطاب الكراهية، والتلاعب بالمحتوى مثل التزييف العميق "deepfakes"، والتشهير الإلكتروني "doxing" ليست سوى بعض الأسلحة التي يتفاقم استخدامها بسبب الشعور بالأمان الذي يوفره إخفاء الهوية للمعتدين، مما يعرقل المتابعات القضائية.
 
تخلف هذه الأشكال من العنف، التي تعد امتداداً لأوجه عدم المساواة القائمة وتطال النساء والفتيات بأشكال متعددة، عواقب اجتماعية ومهنية وقانونية خطيرة، وتدفع بالناجيات إلى الانسحاب من الفضاء الرقمي الذي أصبح محورياً للتعلم، والولوج إلى الشغل، والمشاركة المواطنة، كما أنها تعرقل الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين.
 
تتسبب هذه الهجمات أيضاً في عبء نفسي هائل يشمل القلق، والاكتئاب، وفقدان الثقة بالنفس، وفي أحيان كثيرة، الانتحار. فالعنف الرقمي لا يدمر السمعة فحسب، بل يتسبب في فقدان الأرواح، ومن أخطر جوانب العنف الجنساني عبر الإنترنت "انتقال الجناة من التهديد إلى الفعل". فوفقاً لتقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة سنة 2021 حول العنف الجنساني عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعرضت 58,1% من النساء في المغرب للعنف والتحرش عبر الإنترنت، وواحدة من كل ثلاث منهن شهدت تحول هذا العنف من الفضاء الافتراضي إلى الواقع.
 
وفي هذا الصدد، توضح عاطفة تيمجردين، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب: "لا تزال هذه الظاهرة حقيقة متجاهلة أو مهمشة إلى حد كبير في السياسات العمومية. العنف الرقمي انتهاك لحقوق الإنسان يدمر الأرواح في صمت. يتطلب الإطار المؤسساتي تعزيز قدرات الهيئات المسؤولة وتنسيقاً أفضل بين مختلف الأطراف المعنية. إن مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي الميسر عن طريق التكنولوجيا تستلزم مقاربة متعددة القطاعات ومندمجة، ترتكز على رؤية شاملة وتكييف مستمر للقوانين لمواكبة التطور السريع للتكنولوجيات".
 
إطار قانوني ومؤسساتي بحاجة إلى تعزيز عاجل:
يتوفر المغرب على ترسانة قانونية لمكافحة العنف الرقمي (القانون المتعلق بمحاربة العنف رقم 103-13، والقانون رقم 05-20 المتعلق بالأمن السيبراني، بالإضافة إلى مقتضيات دستورية)، كما صادق على عدة اتفاقيات دولية كاتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة السيبرانية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). ومع ذلك، فإن غياب تعريف واضح "للعنف الرقمي" واستمرار وجود قوانين تحد من الحريات يقيّدان بشكل كبير وصول الضحايا إلى العدالة.
 
يؤدي هذا الغموض والتناقض بين النصوص التي تحمي الضحايا وتلك التي تعاقبهن إلى عرقة الإجراءات القضائية وي وعدم توفير حماية فعالة للناجيات.ويزداد هذا الوضع تفاقماً بسبب ضعف معدلات التبليغ. حيث كشفت دراسة المندوبية السامية للتخطيط أن غالبية الضحايا لا يقدمن شكاوى، إما بسبب نقص المعرفة بالحماية القانونية المتاحة (بين 68% و77% من النساء) أو بسبب انعدام الثقة في الآليات القائمة.
 
وتؤكد غزلان ماموني، رئيسة جمعية "كيف ماما كيف بابا": "لا يجب أن يكون الفضاء الرقمي منطقة خارجة عن القانون. من الضروري اليوم توعية شبابنا بمختلف أشكال العنف سواء عبر الإنترنت أو في الواقع، والعمل على الوقاية والحماية. يجب أن تتمكن كل ضحية من التبليغ دون الخوف من أن تصبح هي نفسها عرضة للمساءلة القانونية".
 
دعوة إلى تحرك متعدد القطاعات ومندمج:
لمواجهة هذا التحدي المعقد، تدعو جمعيات "كيف ماما كيف بابا"، و"إعلام وثقافات"، والجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إلى تفعيل تدابير ملموسة لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي الميسر بالتكنولوجيا بشكل شمولي وفعال.
 
وتشمل التوصيات الرئيسية ما يلي:
● تعريف وإدماج العنف القائم على النوع الاجتماعي الميسر عن طريق التكنولوجيا بشكل صريح في الإصلاح المرتقب للقانون الجنائي، مع التنصيص على عقوبات رادعة وإلغاء النصوص المقيدة للحريات.
 
● إجراء دراسات وطنية نوعية وكمية منتظمة لتوثيق حجم الظاهرة وأشكالها وتطورها، وتأثير العنف الرقمي على الحياة الخاصة، والصحة العقلية، والمشاركة الاجتماعية والسياسية للنساء، وذلك بهدف توجيه السياسات العمومية.
 
● التأثير على الوعي المجتمعي من خلال حملات تحسيسية وطنية حول مخاطر العنف الرقمي، وإدماج التربية الرقمية في المنظومة التعليمية.
 
● وضع آليات للانتصاف وتقديم الشكاوى تكون متاحة وآمنة ومكيفة لجميع الضحايا، سواء عبر الإنترنت أو في الواقع.
 
● إشراك الفاعلين في قطاع التكنولوجيا لتطوير أدوات فعالة للوقاية والرقابة والحماية.
 
ويضيف عبد المجيد موذني، مدير جمعية "إعلام وثقافات": "العنف القائم على النوع الاجتماعي الميسر عن طريق التكنولوجيا ليس مجرد مشكلة فردية، بل يكشف عن خلل بنيوي في مجتمعنا ومؤسساتنا. إنه يكرس عدم المساواة ويضعف ديمقراطيتنا عبر إسكات أصوات نسائية أساسية في الفضاء العام. مسؤوليتنا الجماعية مزدوجة: حماية الضحايا من خلال منحهن سبل انتصاف سريعة وفعالة، وكذلك تغيير العقليات عبر التربية على الاحترام منذ سن مبكرة، سواء في الفضاء الرقمي أو الواقعي. يجب على الإعلام والمؤسسات المعنية والمجتمع المدني العمل معاً، إنه السبيل الوحيد لكسر حلقة الإفلات من العقاب وجعل الفضاء الرقمي فضاء للحرية والمساواة".
 
ولدعم هذه القضية في الفضاء العام، سيتم إطلاق حملة تحسيسية وطنية بعنوان "#محكومش" على شبكات التواصل الاجتماعي انطلاقا من 2 إلى 10 أكتوبر 2025.
 
تهدف هذه المبادرة إلى خلق دينامية ترافع جماعية، وتعزيز الوعي بالقضية، وتعبئة الرأي العام والجهات المؤسساتية لمواجهة التأثير المدمر للعنف القائم على النوع الاجتماعي الميسر بالتكنولوجيا.
 
أرقام مقلقة:
● 58,1% من النساء في المغرب تعرضن للعنف عبر الإنترنت (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2021).
 
● 33% من النساء (واحدة من كل ثلاث) اللواتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت صرحن بأن هذا العنف امتد إلى الواقع (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، 2021).
 
● 1,5 مليون امرأة كن ضحايا للعنف الرقمي (المندوبية السامية للتخطيط، 2019).
 
● يساهم العنف الرقمي بنسبة 19% في مجموع أشكال العنف ضد النساء (المندوبية السامية للتخطيط، 2019).
 
شهادات الناجيات:
• "كل نهار، كيجيونيميساجات من عند واحد الراجل لي مبغيتشنتلاقا بيه. واخا بلوكيتو فواتساب وبلوكيتوفأنستاجرام وعاود بلوكيتو ففايسبوك، كيعاود يحل كل مرة faux compte باش يسبني ويهددني. بسباب هادشي، كيسيطر عليا الخوف لا نتلاقاه شي نهار، وماعندي حتا ملجأ باش نرتاح ولا باش نحس بالأمان."