تعتبر رواية "باب الشمس"، للكاتب والروائي اللبناني إلياس خوري، واحدة من أقوى وأنجح الروايات العربية التي تناولت القضية الفلسطينية بحسّ إنساني صادق وعميق؛ لامست الجرح الفلسطيني، المعاناة، التهجير، المخيّمات وروح المقاومة. صدرت عام 1998 عن دار الآداب اللبنانية، تعددت طبعاتها، وترجمت إلى عدد معتبر من لغات العالم، وسرعان ما تحوّلت إلى فيلم سينمائي ناجح من إخراج يسري نصر الله. قال عنها الكاتب الأردني الراحل أمجد ناصر:
"كان الفلسطينيون - والعرب كذلك- ينتظرون عملا يسدّ ثغرة في رواية النكبة الفلسطينية، سواء بأقلام كتاب فلسطينيين أم عرب، ولم يقيض لهم ذلك إلاّ مع صدور رواية "باب الشمس". كانت هناك أعمال فلسطينية تناولت جوانب من سيرة النكبة، غير أنها لم تكن بإحاطة وشمول "باب الشمس" ولا في مستواها الفني"، واصفا الياس خوري بأنه: "الكاتب اللبناني الأصل، الفلسطيني القلب والبوصلة".
أما أعظم نجاح حققته الرواية، عندما احتضنها الشعب الفلسطيني، فقد قام ناشطون فلسطينيون ببناء قرية أطلقوا عليها اسم: "باب الشمس" مستوحاة من الرواية. بنوها على مشارف القدس المحتلة، تحديا لأكبر مخطط استيطاني إسرائيلي على الأراضي المحتلة.
تأثر كثيرا الكاتب اللبناني الياس خوري بالمبادرة، هكذا كتب نصا تحت عنوان: "رسالة إلى أهلي في قرية باب الشمس":
"لن أقول يا ليتني كنت معكم، فأنا معكم.. أراكم وأرى كيف صار الحلم على أيديكم حقيقة منغرسة في الأرض. "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" كما كتب محمود درويش، لأنكم عندما بنيتم قريتكم الرائعة أعدتم المعنى إلى المعنى، وصرتم أبناء هذه الأرض وأسيادها. هذه هي فلسطين التي حلم بها يونس في رواية "باب الشمس".
كان ليونس حلم من كلمات، فصارت الكلمات جروحا تنزف بها الأرض، وصرتم أنتم يا أهالي باب الشمس كلمات تكتب الحلم بالحرية، وتعيد فلسطين إلى فلسطين. أرى في قريتكم كل وجوه الأحبة الذين غابوا في الطريق إلى أرض موعدنا الفلسطيني.. فلسطين هي موعد الغرباء الذين طردوا من أرضهم، ويطردون كل يوم من بيوتهم.
غرباء وأنتم أبناء الأرض وزيتونها وزيتها! أنتم زيتون فلسطين الذي يضيء بشمس العدل، تبنون قريتكم فيشتعل بكم نور الحرية.. "نور على نور". أرى في عيونكم وطنا يولد من ركام النكبة الكبرى المستمرة منذ أربعة وستين عاما. أراكم فتكبر في قلبي الكلمات، أرى الكلمات فتكبرون في وجداني وتعلون وتقتحمون السماء.
غرباء وأنتم أبناء الأرض وزيتونها وزيتها! أنتم زيتون فلسطين الذي يضيء بشمس العدل، تبنون قريتكم فيشتعل بكم نور الحرية.. "نور على نور". أرى في عيونكم وطنا يولد من ركام النكبة الكبرى المستمرة منذ أربعة وستين عاما. أراكم فتكبر في قلبي الكلمات، أرى الكلمات فتكبرون في وجداني وتعلون وتقتحمون السماء.
وختامًا، لي طلب واحد هو أن تقبلوني مواطنا في قريتكم، أتعلم معكم معاني الحرية والحق".
إلياس خوري / بيروت 12 يناير 2013