Tuesday 19 August 2025
رياضة

فرس كما عرفته عن قرب.. سلسلة حكايات لم ترو من قبل (الحلقة 26)

 
 
فرس كما عرفته عن قرب.. سلسلة حكايات لم ترو من قبل (الحلقة 26) المرحوم أحمد فرس يداعب معشوقته أمام نظرات إعجاب
فرس الأسطورة يحاول الاختباء فتفضحه محبة الناس
 
حين يذكر اسم أحمد فرس، تقفز إلى الذاكرة صورة أول قائد مغربي يرفع كأس أفريقيا سنة 1976، وأيقونة فريق شباب المحمدية، وأحد أبرز رموز الكرة الوطنية وأول لاعب عربي يفوز بالكرة الذهبية. ومع ذلك، فإن ما يجعل قصته مختلفة ليس فقط سجله الكروي أو إنجازاته الميدانية، بل أيضا البساطة والتواضع اللذان رافقاه طوال مسيرته وبعدها.
 
هو لا يحكي عن تواضعه وعن أخلاقه وإنجازاته، ولكن سمعت الكثير من من رافقوه، خاصة في العديد من رحلات جمعية "صداقة ورياضة"، التي يرأسها الأستاذ سعيد بلمنصور وتضم فعاليات رياضيات أهمها لاعبي المنتخب الوطني من أجيال مختلفة.
 
مثلا صديقه الحميم فؤاد إبن المير الذي رافقه في رحلات كثيرة، أكد لي أن فرس كان يفضل دائما أن يكون آخر شخص ينزل من الحافلة عند وصولهم إلى أية مدينة. 

كان يتراجع الى الخلف ويقول : "المجال للنجوم الذين لعبوا في مونديال المكسيك 86 ومن تلاهم، فهم من يعرفهم الناس وينتظرهم الجمهور. أما أنا وجيلي فقد غطانا النسيان".
 
لكن المفارقة المدهشة هي أن الجمهور، ومعه المسؤولين المحليين، لم يكونوا يسمحون له بالانسحاب إلى الظل. فما إن يتعرف أحد الحاضرين عليه وهو يسير برأس مطأطأ، حتى تعلو الهمسات: "إنه فرس!"، لتتحول اللحظة في دقائق إلى دائرة كبيرة من المحبين والمسؤولين الذين يلتفون حوله، يصافحونه بحرارة ويلحون على التقاط الصور معه.
كان فرس، في تلك اللحظات، يشعر بالحرج البالغ. وكثيرا ما كان يرد بابتسامته الخجولة المعهودة قائلا للشباب: "إلتقطوا صوركم مع بودربالة وبصير..، فأنتم شاهدتموهم في الملاعب. أما أنا، فقد انتهى زمني".
 
غير أن الحقيقة التي كان ينطق بها الواقع بصوت عال هي أن زمن فرس لم ينتهِ أبدا. فاسمه محفور في ذاكرة كرة القدم المغربية، وذكراه لا تزال حاضرة في وجدان الجماهير. لقد حاول أن يبتعد عن الأضواء، لكن حب الناس ظل يعيده إلى مقدمة المشهد، حيث يليق بالأساطير أن يكونوا.
 
إن سيرة أحمد فرس تتجاوز حدود المستطيل الأخضر، فهي ليست مجرد تاريخ من الأهداف والبطولات، بل درس إنساني في معنى التواضع والوفاء. رجل أراد أن يتوارى، لكن الناس أصروا أن يضعوه في مكانته التي يستحقها: رمز خالد للكرة المغربية وأحد أعمدتها الراسخة.
 
ملاحظة لا علاقة لها بما سبق: يشهد الأستاذ سعيد بلمنصور رئيس جمعية "صداقة ورياضة"، أن أحمد فرس كان يطلب منه بإلحاح، العودة في أسرع وقت إلى مدينة  المحمدية مباشرة بعد نهاية مباراة تكريمية أو نشاط للجمعية بأية مدينة.
المحمدية كانت تمثل للمرحوم فرس الأوكسجين..مصدر الحياة..
يتبع..