Friday 8 August 2025
مجتمع

العيش مع الهيموفيليا.. بين اليقظة الطبية ولحظات الحرية في الصيف 

 
 
العيش مع الهيموفيليا.. بين اليقظة الطبية ولحظات الحرية في الصيف  الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بومهدي بونهير (يسارا)
 بقلم الدكتور أنور الشرقاوي بتعاون مع الدكتور بومهدي بونهير، طبيب أخصائي في الراديولوجيا 
 
مع قدوم الصيف، تتزاحم الأسئلة في ذهن مريض الهيموفيليا.
العطلة على الشاطئ، اللعب مع الأطفال، تبادل الكرة على الرمال… مشاهد تبدو عادية لمعظم الآباء، لكنها عند مريض الهيموفيليا تستدعي الحذر والاتزان.
فالرمال، وإن كانت تخفف من وقع السقوط، إلا أنها تخفي مطبّات قد تسبب هبوطاً خاطئاً، أو التواءً في المفصل، أو حتى صدمة مباشرة لمفصل هشّ.
الأطباء ينصحون بتجنب الحركات المفاجئة، والاندفاع في التلاحم أو القفز على الرمال الجافة. وارتداء واقيات خفيفة للركبتين والمرفقين قد يبدو مبالَغاً فيه… حتى يحمي من نزيف مؤلم في لحظة غير متوقعة.
الترطيب الجيد للجسم بشرب الماء بصفة كافية، وتسخين العضلات قبل اللعب، يقللان أيضاً من خطر الإصابة. 
والأهم من ذلك، التوقف فوراً عند أول إشارة ألم غير معتاد.
 *شهادة رجل من قلب التجربة* 
«عمري أربعون عاماً، وأنا مصاب بالهيموفيليا.
أبٌ لطفلين.
أصغر إصابة في الكوع أو الركبة قد تُحدث نزيفاً داخل المفصل، وقد تترك أثراً لا يزول مدى الحياة».
الرجل الذي يتحدث يدرك تماماً أنه يعيش تحت سيفٍ معلّق فوق رأسه.
 فالهيموفيليا ليست مجرد مرض نادر، بل هي حالة تفرض عليه حساب كل حركة، والتنبؤ بكل نشاط بدني، ومراقبة جسده بوعي يقظ لا يهدأ.
بالنسبة له، تُمثل الأشعة الطبية حليفاً صامتاً لكنه بالغ الأهمية.
 فالفحوصات التصويرية، وعلى رأسها الموجات فوق الصوتية والرنين المغناطيسي، تكشف مبكراً عن التلف الذي تُسببه النزيفات الدقيقة المتكررة داخل المفاصل.
ويؤكد الأطباء أن المتابعة الدورية أمر لا غنى عنه، مع تحديد وتيرة الفحوصات حسب شدة المرض، وسجل النزيف، وطبيعة النشاط البدني.
 «عند البالغين المستقرين طبياً، قد يكفي فحص بالأشعة مرة في السنة، لكن يجب الإسراع بالفحص إذا ظهرت علامات تورم أو ألم أو ضعف في حركة المفصل»، يوضح الدكتور بومهدي بونهير، طبيب الأشعة.
 *معادلة دقيقة بين الخوف والحياة* 
العيش مع الهيموفيليا أشبه بالمشي على حبل مشدود: الحفاظ على التوازن بين الحذر الذي يفرضه المرض، والرغبة في الاستمتاع بالحياة.
ألا نحيا أسرى الخوف، وألا نتجاهل المخاطر في الوقت ذاته.
«أطفالي يجب أن يروني ألعب، وأركض، وأبتسم… لا أن أعيش في فقاعة»، يقول الرجل.
وربما هنا يكمن التحدي الأكبر: أن تحمي جسدك دون أن تحرم قلبك من أجمل اللحظات.