دعونا نكون أكثر صدقا و صراحة و نتساءل، هل الجموع الحاشدة التي خرجت إلى الشارع قبل أسبوع خرجت فقط من أجل الشرفة الأطلسية، أم أنها استشعرت خطورة اللحظة و أن مهزلة الشرفة هي المسمار الأخير الذي يدق في نعش العرائش ؟
نعم ، هي العرائش التي تعرضت وعلى إمتداد سنين و أعوام لإنتهاكات جسيمة، فربما نحن المدينة الوحيدة في الجهة التي ما تزال فيها أحياء كاملة من الصفيح في وسطها مثل ورم سرطاني في قلبها بجنان باشا و حومة لكواش و حومة روافة و لمحصحص و جنان بيضاوة و الثكنات العسكرية التي تعود لزمن الإستعمار بزوادة و الباركي و القشلتين .. هي العرائش التي يموت أبناءها و عيونهم مشرعة في سقوف سيارات الإسعاف و هم في طريقهم إلى طنجة بحثا عن سرير علاج ، فالمستشفى الإقليمي هو مجرد مكتب إحالة على طنجة .. هي العرائش التي يعيش أطفالها ونساءها بالمدينة العتيقة في رعب كبير كلما حل فصل الشتاء و هبت نسمات الربح و انهمرت الأمطار .. هي العرائش التي إستيقضت ذات يوم على دوي إنفجار قنبلة إسمها القرار العاملي بإعدام قوارب العبور التي كانت تنشط بنهر اللوكوس العظيم و لعقود من الزمن .. نعم هي عرائش النقل الحضري المهترئ و الأراضي السلالية والغابات المستهدفة و الميناء الذي تضيع فيه مقدرات الوطن ، عرائش العديد من الملفات العالقة و العنوان الكبير للفشل التدبيري ، لهذا فإننا عندما طالبنا بالتدخل العاجل لإعادة الأمور إلى نصابها في الشرفة الأطلسية كنا نطالب أيضا و بقوة برؤية واضحة شاملة كاملة تضع قطار العرائش على سكة التنمية، و دون هذه الرؤية ستبقى العرائش قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، فغدا ربما خرجت ساكنة دور الصفيح لتطالب بالحق في السكن أو خرج الناس ليحتجوا على سوء الوضع الصحي و يطالبوا بالحق في العلاج أو خرجوا ليحتجوا على الغش في الشوارع و الطرقات ..
الشرفة الأطلسية كانت النقطة التي أفاضت الكأس و كلمة الحراك بدلالاتها تستمد قوتها من اللحظة القوية و من حناجر المئات من بنات و أبناء هذه المدينة الأبية!
مصطفى المحمدي / فاعل مدني بالعرائش