الثلاثاء 21 مايو 2024
ضيف

محمد رويندي: الأمن المناخي بالمغرب مهدد بإغلاق 42 محطة الأرصاد الجوية

 
 
محمد رويندي: الأمن المناخي بالمغرب مهدد بإغلاق 42 محطة الأرصاد الجوية

 دق محمد رويندي الكاتب العام للنقابة العامة لمستخدمي الأرصاد الجوية الوطنية «إ م ش»، ناقوس الخطر من أن أجل أن يلتفت المسؤولون لقطاع الأرصاد الجوية ببلادنا. واعتبر رويندي أن الفيضانات ليست استثناء مغربيا بل هناك إجماع لدى كل خبراء المناخ أنه نتيجة لهذه التغيرات المناخية سوف تزداد وتيرة وقوة الظواهر المناخية القصوى ومنها الفيضانات. وأكد الكاتب العام أن شبكة المغرب الرصدية لا تراعي معايير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. ففي الوقت الذي توصي فيه هذه المعايير باعتماد محطة رصدية في كل 150 كلم نجد أن مساحات واسعة من البلاد لا تشتمل على محطات رصدية

* عرفت بلادنا خلال الأسبوعين الماضيين ظروفا مناخية استثنائية كان من نتائجها فيضانات أودت بحياة العشرات وأحدثت خسائر مادية كبيرة خاصة في أقليم الجنوب، ما قراءتك لهذه الفيضانات ونتائجها الكارثية؟

- هذه الفيضانات أظهرت، بما لا يدع مجالا للشك، أن البنية التحتية لبلادنا يجب أن تدبر بعقلية وبمعطيات علمية جديدة تعتمد نتائج الدراسات الحديثة في مجال المناخ وأوضحت للجميع أنه يلزمنا الكثير من العمل الصادق لتحقيق الأمن المناخي. إلا أنه في ظل هده المحنة التي مرت بنا كان أداء مديرية الأرصاد الجوية الوطنية منارة أضاءت الأمل، بأنه إذا صدقت الإرادات يمكن أن نكون على قدر التحديات. ونغتنم هذه الفرصة لتحية كل الرصديات والرصديين للعمل المشرف الذي بذلوه طيلة مدة هذه الظروف العصيبة، والذي مكن كل القطاعات والسلطات من ترشيد وتركيز تدخلاتها. ما يجب أن نعرفه جميعا أن هذه الفيضانات ليست استثناء مغربيا حيث أنه في نفس الوقت كانت هناك فيضانات في غزة والجزائر وجنوب فرنسا وجنوب إسبانيا وقبلها بأسبوعين كانت ولاية نيويورك غارقة تحت مترين من الثلوج. يعرف مناخ العالم تغيرات كبيرة نتيجة ظاهرة الاحتباس الحراري والتي سببها الرئيسي الانبعاثات الكبيرة لغاز ثاني أكسيد الكربون. وهناك إجماع لدى كل خبراء المناخ أنه نتيجة لهذه التغيرات المناخية سوف تزداد وتيرة وقوة الظواهر المناخية القصوى ومنها الفيضانات. هذه حقيقة علمية الآن مثل حقيقة الجاذبية والسؤال الجوهري ماذا نحن فاعلون؟

* في ظل هذه التغيرات المناخية، هل يمتلك المغرب ارصاد جوية قوية قادرة على مواكبة هذه التقلبات المناخية؟

- الأداء المتميز لمديرية الأرصاد الجوية الوطنية في التنبؤ الاستباقي وبدقة فائقة شهد بها القاصي والداني، ساهمت فيه عدة أسباب منها الكفاءة والمهنية العالية التي يتميز بها الرصديات والرصديون وكذلك الجندية المتمثلة في العمل 24 ساعة على 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار السنة، إضافة للمعدات ذات التكنولوجيا العالية من حواسيب عملاقة ورادارات ومحطات استقبال للساتل..

إلا أنه وبرأيي أهم سبب هو الرؤية المتقدمة التي كانت للمسؤولين على كل مستوياتهم في بداية تسعينات القرن الماضي، لجعل الأرصاد الجوية المغربية في مصاف الدول المتقدمة في هذا الميدان. هذه الرؤية ترجمت على أرض الواقع باقتناء العديد من المعدات ذات التكنولوجيا العالية وتكوين كفاءات رصدية ذات مستوى عال. وتواصل هذا الاهتمام عدة سنوات حينما كانت مديرية الأرصاد الجوية تابعة لوزارة الأشغال العمومية حتى سنة 2002. ولكن للأسف الشديد عند إلحاق المديرية بقطاع الماء ولأسباب نجهلها خفت هذا الاهتمام إلى أن تحول إلى إهمال. كان من النتائج المباشرة لهذا الإهمال الخصاص البشري الحاد الذي تعاني منه مديرية الأرصاد الجوية منذ ما يقارب عقدين من الزمان نتيجة إحالة عدد مهم من الكفاءات الرصدية على التقاعد دون تعويضهم، فانتقل عدد الرصديات والرصديين من 1200 بداية الألفية الثالثة إلى 700 الآن والذي زاد الطين بلة أن هذا الخصاص مس حلقة مهمة ألا وهي الملاحظة الجوية حيث أن العديد من المحطات الرصدية - التي عددها 42 وهو عدد قليل حسب معايير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية - مهدد بالإغلاق نتيجة هذا الخصاص وعدد آخر من المحطات يعمل به رصدي واحد عمل اثنين أو ثلاثة.

* ألم تنبهوا أنتم كنقابة لهذه المشاكل التي تتخبط في مؤسسة الأرصاد الجوية المغربية؟

- لقد نبهنا في النقابة العامة لمستخدمي الأرصاد الجوية الوطنية التابعة «إ م ش» طيلة العشر سنوات الماضية جميع المسؤولين على القطاع لهدا المشكل ولكن وللأسف لم نجد آذانا صاغية. وأذكر في لقاء نقابي بكاتب الدولة في الماء سنة 2011 قلنا له أن الحكومة يجب أن تولي للقطاع نفس العناية التي توليها للتعليم والصحة والأمن فيما يتعلق بالتوظيف; فأجابنا متسائلا كيف نقارن الأرصاد الجوية بالأمن، فأجبناه أن الحكومة يجب أن توسع نظرتها للأمن ليشمل الأمن المناخي، ولكن للأسف لم يتم الاستجابة أو الالتفات لهذه المقترحات وهذه التحذيرات. وها هي الأحداث، وللأسف الشديد، تؤكد صحة اقتراحاتنا حيث أصبح المناخ وتقلباته وما ينتج عنها من ظواهر قصوى جديدة يحصد أرواح المغاربة والوضع، لا قدر الله، سيزداد سوءا وفق آراء كل خبراء المناخ.وللإنصاف تم خلال السنوات الأخيرة ضخ دماء جديدة داخل المديرية ولكن العدد يبقى جد ضعيف مقارنة مع النزيف الذي عرفته المديرية طيلة 15 سنة -500 موظف متقاعد-

* هناك من يقول إن شبكة المغرب الرصدية لا تراعي معايير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، ما صحة ذلك؟

- صحيح، فهناك مشكل لا يقل أهمية ألا وهو المطالبة بتكثيف الشبكة الرصدية الرئيسية والثانوية، فكما تم التطرق من قبل فشبكة المغرب الرصدية لا تراعي معايير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. ففي الوقت الذي توصي هذه المعايير باعتماد محطة رصدية في كل 150 كلم نجد أن مساحات واسعة من البلاد لا تشتمل على محطات رصدية، وكمثال على ذلك نجد بين محطات وجدة وبوعرفة أكثر من 300 كلم وبوعرفة والراشيدية أكثر من 300 كلم والراشيدية وورزازات أكثر من 400 كلم وللأسف هذه المناطق تعرف كل سنة في العقد الأخير فيضانات تكون لها عواقب وخيمة على الساكنة وممتلكاتها. كما يلح في هذه الآونة ملف تمكين مديرية الأرصاد الجوية الوطنية من إطار مؤسساتي لائق يمكنها من الوسائل الضرورية للقيام بالمهام الموكولة إليها كما يمكنها من وسائل تدبيرية جديدة لتطوير القطاع. وهنا نذكر بالدراسات والاقتراحات السابقة التي كانت ترمي لإعطاء المديرية صفة المؤسسة العمومية وتلك التي كانت توصي باعتماد المديرية كوكالة أو ذلك الاقتراح بالمرور بالمديرية لمديرية عامة. رسالتي من هذا المنبر، هو أنه آن الأوان أن يولي المسؤولون المغاربة أهمية أكبر للأمن المناخي وذلك بإعطاء الأهمية اللازمة لقطاع الأرصاد الجوية شأنهم شأن الدول المتقدمة، وذلك بالموارد المالية والمعدات الكافية والأهم بالموارد البشرية الكافية والكفؤة وتحفيز الرصديات والرصديات لمزيد من العطاء حتى يبقى قطاع الأرصاد الجوية تلك المنارة التي يعتز بها الجميع ويؤدي مهامه الاستباقية كما عهدناه لحماية الأرواح والممتلكات. وألا تستمر الحكومة في سياستها الحالية تجاه القطاع لأنها إن فعلت سوف تطفئ منارة من المنارات القلائل المنيرة بين مؤسسات هذا الوطن.