أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات دراسة بعنوان " مستقبل السلطة الفلسطينية في ضوء معركة طوفان الأقصى " تضمنت مجموعات من السيناريوهات المتعلقة بمستقبل السلطة الفلسطينية، بعد عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023 والتي شكلت منعطفا مهما في تاريخ القضية الفلسطينية .
فيما يتعلق بالسيناريو الأول فيتعلق بحسب الدراسة في " المراوحة وبقاء الوضع الراهن " بمعنى انتهاء الحرب على غزة دون تغيير في معادلة من يحكم غزة في اليوم التالي للحرب. وأشارت الدراسة أن هذا الأمر يبقى بعيد المنال خصوصا في ظل التوجهات الدولية والعربية بتغييب حماس عن مشهد الحكم أو المشاركة السياسية بشكل عام نظرا لما تمثله الحركة من خطر على " إسرائيل " .
لكن وعلى الرغم من بقاء هذا السيناريو بعيد المنال، فإن الحاجة لقوة تمنع الفوضى وتضمن بقاء قطاع غزة محيدا عن الاشتباك مع " إسرائيل "، قد يعيد حماس الى الواجهة من جديد لأنها قادرة على فعل ذلك لو تحققت الظروف الموضوعية اللازمة : فتح كافة المعابر ورفع الحصار عن غزة، وضمان عدم التعرض للشخصيات السياسية، وهو في الوقت نفسه يعطي الذريعة للاحتلال بعدم وجود شريك فلسطيني ل " السلام "، خصوصا اذا استمر الانقسام الفلسطيني الفلسطيني .
فيما يتعلق بالسيناريو الثاني، أشارت الدراسة الى احتمال عودة الأمور الى ما قبل انتخابات 2006، وعودة إدارة غزة الى السلطة الفلسطينية، ليعود نظاما برأس واحد تحكمه فتح، ولا وجود لحماس في مؤسسات الحكم، وأوضحت الدراسة أن هذا السيناريو قريب من المطلب الإسرائيلي الذي يريد إقصاء حماس وإبعادها عن إدارة الحكم في غزة مع ضمان وجود قوة أخرى تدير غزة، وفقا للرغبات الإسرائيلية التي تبحث عن أمنها واستقرارها، سواء كانت هذه الجهة الاحتلال نفسه ام جهة عربية أو فلسطينية تحقق الرغبة الاسرائيلية وتنال الرضا والقبول .
وأضافت ان ما يدفع باتجاه اعتماد هذا السيناريو هو الضغوط القوية التي تتعرض لها حماس عربيا ودوليا، خصوصا في ظل ضعف إمكانات المقاومة بعد اكثر من 19 شهرا من الحرب، وكذلك ضعف السيطرة الميدانية للحكومة في غزة في ظل استهداف الاحتلال لأي مكون سياسي أو إداري او أمني لها .
والسيناريو الثالث هو " تفكيك الاحتلال الاسرائيلي للسلطة الفلسطينية " عبر إعادة الاحتلال الكامل لقطاع غزة والضفة الغربية وتطبيق سياسات الضم والتهجير، أو إلحاق غزة بمصر والضفة بالأردن. وهو السيناريو الأكثر تطرفا، فتزداد فرص هذا السيناريو كلما زادت " إسرائيل " من ضغوطها على قطاع غزة بالنار أو تشديد الحصار وزيادة وتيرة التجويع والتهديد بالتهجير، وكذلك باستمرار حركة حماس في رفض التخلي عن الحكم وتفكيك جهازها العسكري وتسليم السلاح، ما يجعل الحل العسكري، هو الحل المتاح، وهو ما قد يتطور إلى إعادة احتلال قطاع غزة بشكل كامل، والتفكير في استكمال احتلال الضفة، خصوصا في ظل التطورات الحادثة في الضفة والضغط العسكري الإسرائيلي فيها، مع التذكير دائما بأن أحد اهداف الحكومة الاسرائيلية المتطرفة الحالية كان " حسم الصراع " مع الفلسطينيين في إشارة الى احتلال الضفة الغربية وطرد السكان منها.
وقالت الدراسة إن عدة أمور تمنع حدوث هذا السيناريو، منها ماهو متعلق بالشعب الفلسطيني، ويتمثل في الصمود والثبات على الأرض على الرغم من كل التضحيات وعدم القبول بالهجرة الى أي مكان، ومنها ما يتعلق بمصر والأردن واستمرار ثباتهما على رفض فكرة استقبال الفلسطينيين مهاجرين إليهما أو رفض إعادة الإدارة المدنية الى الضفة وغزة عبرهما كما كان في الفترة من 1948 – 1967، وهناك جانب آخر متمثل في نجاح جهود تطبيق حل الدولتين وإعلان دولة فلسطينية مستقلة في مناطق السلطة .
أما السيناريو الرابع فيتعلق بإصلاح النظام السياسي للسلطة الفلسطينية بحيث يضمن مشاركة الجميع. ما يدفع بتنفيذ هذا السيناريو – بحسب الدراسة – هو شهور كافة الأطراف بخطر تفكيك النظام السياسي للسلطة وما يهدد الشعب الفلسطيني من أخطار الهجرة أو تنفيذ خطة الضم الإسرائيلية، إضافة الى شعور الفصائل الفلسطينية بالخطر على كينونتها ومكانتها معا، ما قد يدفع الى التنازل والرضا بما كان مرفوضا من قبل من أجل المحافظة على المنجزات الوطنية ولو في حدها الأدنى .