"مشكل التواصل بين الشباب والحكومات العربية يزداد تعقيدا رغم ثورات الربيع العربي.. وعلى الحكومات العربية أن تنصت لمطالبنا وتستجيب لحقوقنا..على خاطر، إذ أن الحكومات "ما سمعاتناش مين بس يسمعنا .." بهذا التصريح المقتضب لخصت الطفلة البرلمانية التونسية فدوى الفيلالي، أبرز انشغالات الشباب العربي في حديث لـ " أنفاس بريس" بمناسبة انعقاد الجمع العالمي للشباب بمراكش الذي نظمه المرصد الوطني لحقوق الطفل بتعاون مع السكرتارية العامة للأمم المتحدة.
هذا، الحدث الدولي عرف حضور خبراء دوليين في حقوق الإنسان، وشخصيات وازنة من مختلف دول العالم، وعلى الخصوص من أمريكا اللاتينية، حيث أبدى المتدخلون انشغالهم العميق بالعديد من القضايا المؤرقة بالعالم، وضمنها قضية ندرة المياه بالعالم التي أثارها "جويل ماردانا" عمدة مدينة اينكارنسيون، إذ اعتبر العناية بالحفاظ على المياه التزام ينبغي أن تشارك فيه مختلف حكومات العالم باعتبار الماء حق إنساني وشرط أساسي للتمتع بالحياة وللتمتع بكل حقوق الإنسان.
من جانبه أشار المدير التنفيذي للمرصد الوطني لحقوق الطفل إلى بروز تحديات تهم الفئة العمرية من 16 إلى 23 عاما بعد إعمال اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، أبرزها أن الشاب ليس له إطار يحميه مثل الطفل أو الراشد الذي تحميه المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هناك مشاكل تواجه هذه الفئة العمرية تتعدى مقدرات الآباء، أبرزها وسائل الإعلام الحديثة، وهو التحدي الذي يفرض تظافر جهود المجتمع الدولي وتبني إستراتيجية موحدة للتعامل مع هذه القضية، فكل ما قامت به البلدان لحد الآن – يضيف دنيال - مجرد تجارب واجهت صعوبات في التنفيذ، وتبقى أبرز رهانات الشباب العالمي – حسب المتحدث ذاته – هو التعامل بمعايير دولية موحدة فيما يخص فئة الشباب، مشيرا إلى أن أجندة ما بعد 2015 والتي قال عنها الأمين العام الأممي " يتعلق الأمر بأجندة التنمية الأكثر تشاركية على الإطلاق " تفرض على الجميع التأقلم مع المعايير الجديدة للتفاعل مع المستقبل وتحقيق الأهداف المنشودة وأبرزها تحقيق الأمن الإنساني للطفل والإجابة عن سؤال كيفية الاهتمام بالفئة العمرية 16 – 23 عاما .
همينة العقلية الذكورية في مجتمعات البلدان النامية، كان من جملة القضايا التي طرحت على منصة الجمع العالمي للشباب بمراكش، رغم وجود دساتير صريحة تنص على منع التمييز القائم على الجنس، فالسلطة – حسب كريستينا رايس هيدالكو، الوزيرة بالإكوادور، والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء – ترجح كفة جنس على حساب الجنس الآخر، مما أدى إلى هلاك الكثير من النساء وخصوصا بأمريكا اللاتينية، الأمر الذي يحتاج إلى تغيير في السلوك والمواقف حتى يمكن إقرار المساواة، علما أن هناك جيوب مقاومة تحول دون خلق سياسات عمومية تخدم المساواة .
أما ممثل الوفد الألماني، فركز في تدخله على أهمية ضمان الحق في الحصول على المعلومة، علما أن الكثير من منظمات المجتمع المدني وحتى في البلدان المتقدمة – يقول المتحدث – تواجه مشكل الولوج إلى المعلومة مما يفرض دمقرطة الحصول على المعلومة أخذا بالاعتبار القيم الثقافية والديمقراطية، داعيا إلى إيجاد حلول لتشجيع تبادل المعلومات ومحاسبة كل من يرفض إعطاء المعلومة.
تدخلات الوفود البرلمانية للشباب ركزت أيضا على أهمية ضمان حرية التنقل للأشخاص وضمان الآمان والحماية من التعذيب، والانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون وكذا المهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء على الحدود مع مليلية " المحتلة " وكذا المهاجرون من أمريكا اللاتينية على حدود المكسيك مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي تشكل انتهاكا صارخا لاتفاقية "فيينا"، إذ دعا ممثل الوفد الأرجنتيني الدول المتقدمة إلى احترام حقوق الإنسان وإشاعة ثقافة التسامح والتآخي بين الشعوب، فالتآخي بين الشعوب ليس بالأمر الطوباوي – على حد قول ممثل الوفد الأرجنتيني.
ويظل الإرهاب من جملة النقاط المؤرقة بالعالم، والتي خيمت على أشغال الجمع العالمي للشباب، فالحق في الحياة يعتبر من أهم حقوق الإنسان ومع ذلك لازال العالم يتفرج إزاء أعمال القتل الوحشي التي ترتكبها جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا – تقول ممثلة الرأس الأخضر، ودون أن تتحرك المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، مما يقود إلى سؤال ملح : هل الأمم المتحدة هي ضامن فعلا لحقوق الإنسان في جميع البلدان ؟
نفس الموقف تدافع عنه مشيرة أبو غالي، رئيسة مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة، فالشباب العربي – تقول أبو غالي - يعاني من قضية واحدة تجب كافة القضايا وتحت مظلتها تضيع كافة حقوق الإنسان للطفل والشاب العربي وهي قضية الإرهاب الذي تعاني منه الدول العربية ، ومخططات ومؤامرات المنظمات الإرهابية التي تستهدف تدمير البنية التحتية للدول وإثارة الفتنة وتفتيت الشعب الواحد مما يفرض موقف أممي حازم تجاه المنظمات الإرهابية التي اتخذت- حسب أبو غالي - من منظمات حقوق الإنسان مظلة لها لحماية مصالح ليست حقوقية، داعية إلى " رصد الدول التي تمول الإرهاب وتدفع بالإرهابيين وتضع لهم مظلات حقوقية حتى توفر لهم حقوق شرعية لممارسة الإرهاب ".