Monday 19 May 2025
مجتمع

أنور الشرقاوي: سرطانات الرئة سنة 2025 ودور البيولوجيا الجزئية وعلم التشريح المرضي الرقمي في لقاء دولي بالمغرب 

أنور الشرقاوي: سرطانات الرئة سنة 2025 ودور البيولوجيا الجزئية وعلم التشريح المرضي الرقمي في لقاء دولي بالمغرب  الدكتور أنور الشرقاوي ( يمينا) والأستاذ إبراهيم الخصاصي
لا تزال سرطانات الرئة والشعب الهوائية تمثل تحديًا صحيًا خطيرا، على الصعيدين العالمي والمغربي، إذ تستمر في فرض ثقلها المأساوي على أنظمة الصحة والمجتمعات.
 
ففي عام 2024، سُجلت أزيد من 2.4 مليون حالة جديدة حول العالم، مما يجعل هذا النوع من السرطان أحد أكثر السرطانات شيوعًا، بل أول سبب للوفاة الناجمة عن الأورام الخبيثة.
 
ولم يكن المغرب بمعزل عن هذا الواقع المُر، حيث يحتل سرطان الرئة المراتب الثلاثة الأولى بين أنواع السرطان الأكثر تشخيصًا لدى الرجال، مع ارتفاع ملحوظ في نسبة انتشاره، وتفاقمٍ في خطورته نتيجة التأخر في اكتشافه.
 التبغ... المتهم الأول والأبرز 
 
لقد باتت العلاقة بين سرطان الرئة والتدخين أمرًا غير قابل للجدل، حيث تُعزى أكثر من 80% من الحالات إلى استهلاك التبغ، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر ما يُعرف بالتدخين السلبي.
 
ورغم حملات التوعية، لا يزال التدخين يمثل مصدر قلق حقيقي في المغرب، حيث يُقدّر عدد المدخنين المنتظمين بنحو 6 ملايين نسمة، في بلد يرزح تحت أعباء صحية واجتماعية واقتصادية متفاقمة.
 
 تقدّم طبي مقابل تأخر في التشخيص 
وفي مواجهة هذا الداء الخبيث، يتحرك الجسم الطبي المغربي، علمًا وتنظيمًا.
ففي يومي 23 و24 ماي 2025، تحتضن العاصمة الرباط النسخة الرابعة من المؤتمر السنوي للمجموعة العلمية "أونكوثورَاكس"Onco5horax"، والمخصص لأحدث التطورات في تشخيص وعلاج سرطانات الرئة والشعب الهوائية.
 
ومن أبرز محاور المؤتمر: أهمية التشخيص المبكر، الذي يشكل المفتاح الحقيقي لتحسين فرص البقاء على قيد الحياة.
فاليوم، تُمكّن الفحوصات المتقدمة، كفحص PET-CT (التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني المدمج مع الأشعة المقطعية)، من رصد الآفات الدقيقة غير الظاهرة سريريًا، وتقييم مدى انتشار الورم بدقة فائقة.
 
 خلايا صغيرة... وشر عظيم 
ومن بين أكثر أنواع السرطانات الرئوية شراسة، يبرز السرطان القصبي ذو الخلايا الصغيرة في مرحلته المتقدمة، الذي سيتم تسليط الضوء عليه خلال المؤتمر.
 
وهو سرطان يتميز بسرعة نموه وقدرته العالية على الانتشار، كما يشير الأستاذ إبراهيم الخصّاصي، طبيب متخصص الأورام الصدرية.
 
وغالبًا ما يُشخّص هذا النوع في مراحل متأخرة، مما يفرض بروتوكولات علاجية مكثفة تشمل العلاج الكيميائي والإشعاعي، وربما المناعي كذلك، في محاولة لكبح جماح الورم.
 
 البيولوجيا الجزيئية والتشريح المرضي... ثنائية الانتصار 
ومن المحاور التي لا تقل أهمية، التحول الثوري الذي أحدثته البيولوجيا الجزيئية في فهم ومعالجة سرطانات الرئة.
 
فبتكاملها مع علم التشريح المرضي، أصبحت قادرة على كشف التحولات الجينية الدقيقة، كطفرات جين EGFR أو ALK أو KRAS، مما يفتح آفاق العلاج الموجّه والمُصمم خصيصًا لكل مريض، كما يوضح الدكتور هشام العطار، الأخصائي المغربي في التشريح المرضي، والذي نظم حديثًا أول مؤتمر إفريقي للتشريح الرقمي.
 
ويُعد هذا التكامل، خاصة عند توظيف الذكاء الاصطناعي، طفرة حقيقية في مجال الأورام عمومًا، وفي أورام الرئة الدقيقة على وجه الخصوص.
 
 الذكاء الاصطناعي والروبوت... حلفاء الأطباء في ساحة المعركة 
وسيتناول المؤتمر الرابع لـ"أونكوثورَاكس" أيضًا دور الذكاء الاصطناعي والروبوتات الطبية في مساندة الطبيب في مراحل التشخيص والعلاج: من التحليل التلقائي للصور الشعاعية في إطار الكشف المبكر، إلى تحسين بروتوكولات العلاج الإشعاعي، ووصولًا إلى التدخلات الجراحية الدقيقة بواسطة الروبوتات، كدعم للتقنيات المناعية الحديثة.
 
ويؤكد الأستاذ إبراهيم الخصّاصي، رئيس مجموعة OncoThorax  "أونكوثورَاكس" وأخصائي الأورام الصدرية بمركز سيدي محمد بن عبد الله التابع للمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط-سلا، قائلاً:
 
« الرهان اليوم لم يعد فقط على العلاج، بل على السبق في الاكتشاف، عبر التكنولوجيات الحديثة، واستراتيجيات الفحص، وتنسيق الجهود بين مختلف التخصصات ».
 
إن معركة 2025 ضد سرطان الرئة ما تزال مفتوحة على مصراعيها، لكنها باتت أكثر نضجًا، وعتاد الأمل يزداد متانة، كما يشدد رئيس "أونكوثورَاكس"، البروفسو الخصاصي في نبرة لا تخلو من الإصرار والحكمة والتشبت بمعطيات التقدم العلمي.