Thursday 15 May 2025
مجتمع

"قانون وهبي" حول إجرام القاصرين: إصلاح حقيقي أم قناع لاستقالة الدولة؟

"قانون وهبي" حول إجرام القاصرين: إصلاح حقيقي أم قناع لاستقالة الدولة؟ ‬هل‭ ‬انتقلت‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬«القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر»‭ ‬إلى‭ ‬«القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقراء»؟
في‭ ‬خطوة‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل،‭ ‬أعلن‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬وهبي،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬مستجدات‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬الجنائي‭ ‬المنتظر‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يخضع‭ ‬لنقاش‭ ‬داخلي‭ ‬دام‭ ‬نحو‭ ‬سنتين‭ ‬دون‭ ‬الحسم‭ ‬النهائي‭ ‬فيه،‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬الحكومة‭ ‬دراسة‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬يُحمّل‭ ‬الآباء‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬أو‭ ‬المالية‭ ‬عن‭ ‬أفعال‭ ‬أبنائهم‭ ‬القاصرين،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬الأبيض‭ ‬أو‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭. ‬كما‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬تحميل‭ ‬المسؤولية‭ ‬أيضاً‭ ‬للمدرّسين‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ارتكب‭ ‬التلميذ‭ ‬فعلاً‭ ‬جرمياً‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬التعليمية،‭ ‬مؤكداً‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬جنائي‭ ‬جديد‭ ‬يكرّس‭ ‬مبدأ‭ ‬المساءلة‭ ‬القانونية‭ ‬للأولياء،‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬غرامات‭ ‬وإجراءات‭ ‬واضحة‭ ‬لإعادة‭ ‬ترسيخ‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬القاصرين‭.‬

وبحسب‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬تسريبه‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التقارير،‭ ‬ينص‭ ‬المشروع،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قيد‭ ‬الدراسة‭ ‬والتشكل‭ ‬داخل‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬دون‭ ‬إعلان‭ ‬عن‭ ‬تفاصيله‭ ‬النهائية‭ ‬أو‭ ‬تاريخ‭ ‬إحالته‭ ‬إلى‭ ‬البرلمان،‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬تغريم‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بمبالغ‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬سنتيم،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تورط‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬سلوكيات‭ ‬إجرامية‭. ‬وتبرر‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬بضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬الرقابة‭ ‬الأسرية‭ ‬وردع‭ ‬التفكك‭ ‬القيمي‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تزايد‭ ‬الجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أطفال‭ ‬قاصرين،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬الذي‭ ‬اختزل‭ ‬الإشكال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتربوي‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الأسرة‭.‬

تحميل‭ ‬الآباء‭ ‬مسؤولية‭ ‬أفعال‭ ‬أبنائهم‭ ‬قد‭ ‬يبدو‭ ‬حلاً‭ ‬سهلًا‭ ‬ومباشرًا،‭ ‬بل‭ ‬هروبا‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬لكنه‭ ‬يخفي‭ ‬خلفه‭ ‬أزمة‭ ‬أعمق‭ ‬ترجمها‭ ‬غياب‭ ‬سياسات‭ ‬عمومية‭ ‬فعالة‭ ‬تدمج‭ ‬الشباب،‭ ‬وتؤطرهم،‭ ‬وتوفر‭ ‬لهم‭ ‬البدائل‭ ‬التربوية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬بوسعها‭ ‬أن‭ ‬تقلص‭ ‬من‭ ‬رقعة‭ ‬الإجرام‭ ‬والانحراف‭ ‬والعنف‭.‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬السؤال‭ ‬التالي:‭ ‬هل‭ ‬يضعنا‭ ‬«قانون‭ ‬وهبي»،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬عنه‭ ‬الوزير: «النص‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يعكس‭ ‬قناعاتي»،‭ ‬أمام‭ ‬إصلاح‭ ‬حقيقي‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬قناع‭ ‬قانوني‭ ‬وتجاوز‭ ‬دستوري‭ ‬لاستقالة‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أدوارها‭ ‬ومسؤولياتها‭ ‬الأساسية؟‭ ‬بأي‭ ‬منطق‭ ‬عقلاني‭ ‬وحقوقي‭ ‬يتحمل‭ ‬الآباء‭ ‬مسؤولية‭ ‬انحراف‭ ‬أبنائهم؟‭ ‬ألا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المغاربة‭ ‬متهمون‭ ‬بتحريض‭ ‬أبنائهم‭ ‬على‭ ‬الإجرام‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يثبت‭ ‬العكس؟‭ ‬هل‭ ‬قدر‭ ‬الآباء،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬أن‭ ‬يتركوا‭ ‬أشغالهم‭ ‬وقوت‭ ‬يومهم‭ ‬ويسيحوا‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬لمرافقة‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات؟‭ ‬هل‭ ‬معنى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الوظيفة‭ ‬الجديدة‭ ‬للآباء‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬هي‭ ‬حراسة‭ ‬الأبناء‭ ‬وفض‭ ‬النزاعات‭ ‬بينهم،‭ ‬وزجرهم‭ ‬وتكبيلهم‭ ‬وإغلاق‭ ‬البيوت‭ ‬عليهم،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬عقاب‭ ‬الوزير؟

لقد‭ ‬أعرب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬مشروع‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬عنه‭ ‬وهبي‭ ‬يعكس‭ ‬توجها‭ ‬عقابيا‭ ‬يعفي‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬دورها،‭ ‬ويبطل‭ ‬المسؤولية‭ ‬عن‭ ‬سياساتها‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بل‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬القاعدة‭ ‬الدستورية‭ ‬التي‭ ‬تُحمّل‭ ‬الفرد‭ ‬وحده‭ ‬مسؤولية‭ ‬أفعاله،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬إذا‭ ‬أُقر‭ ‬بصيغته‭ ‬الحالية،‭ ‬سيخترق‭ ‬مبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية،‭ ‬ويخلق‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬الجماعي‭. ‬وتساءل‭ ‬هؤلاء:
هل‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬عبء‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬إلى‭ ‬الأسرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمهمشة؟‭ ‬هل‭ ‬انتقلت‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬«القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر»‭ ‬إلى‭ ‬«القضاء‭ ‬على‭ ‬الفقراء»؟

هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬العقابي‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬على‭ ‬العائلات؟‭ ‬وألن‭ ‬يتحول‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬إلى‭ ‬سكاكين‭ ‬ابتزاز‭ ‬على‭ ‬رقاب‭ ‬الآباء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القاصرين‭ ‬المنحرفين،‭ ‬ما‭ ‬دامت‭ ‬مسؤولية‭ ‬ردع‭ ‬السلوك‭ ‬الإجرامي‭ ‬للطفل‭ ‬القاصر‭ ‬رميت‭ ‬إلى‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الولي؟

ما‭ ‬البديل‭ ‬الحقيقي‭ ‬لتعزيز‭ ‬الانضباط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بالحقوق‭ ‬الأساسية؟‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬المجالس‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬كبح‭ ‬جماع‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬التمييزية‭ ‬وغير‭ ‬الدستورية؟

ويرى‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬تحميل‭ ‬الآباء‭ ‬المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬عن‭ ‬أفعال‭ ‬القاصرين‭ ‬يخالف‭ ‬منطق‭ ‬العدالة،‭ ‬وقد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬عكسية،‭ ‬أهمها‭ ‬الضغط‭ ‬النفسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬على‭ ‬العائلات،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬أصلاً‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والهشاشة‭. ‬كما‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬يصطدم‭ ‬بجوهر‭ ‬القوانين‭ ‬الجنائية؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬«المسؤولية‭ ‬الجنائية‭ ‬شخصية»،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إطلاقا‭ ‬معاقبة‭ ‬شخص‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬لم‭ ‬يرتكبه‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تقصير‭ ‬في‭ ‬التربية،‭ ‬فذلك‭ ‬شأن‭ ‬اجتماعي‭ ‬وتربوي،‭ ‬لا‭ ‬يُعالج‭ ‬بالغرامات‭ ‬أو‭ ‬العقوبات‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يطرح‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬سؤالًا‭ ‬جوهريًا:‭ ‬من‭ ‬يتحمل‭ ‬فعليًا‭ ‬مسؤولية‭ ‬تقويم‭ ‬السلوك‭ ‬والانحراف‭ ‬لدى‭ ‬القاصرين؟‭ ‬وهل‭ ‬تملك‭ ‬الدولة‭ ‬رفاهية‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬أدوارها‭ ‬التربوية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬فقط‭ ‬لأنها‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬مواكبة‭ ‬تحولات‭ ‬المجتمع؟
هل‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬على‭ ‬الوزير‭ ‬والحكومة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمجالس‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والحقوقية‭ ‬والقضائية‭ ‬إلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الأب‭ ‬أو‭ ‬الأم،‭ ‬وتبرئة‭ ‬مؤسسات‭ ‬التنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتمتيع‭ ‬الدولة‭ ‬بصك‭ ‬البراءة‭ ‬وكفى‭ ‬الله‭ ‬المؤمنين‭ ‬شر‭ ‬القتال؟‭ ‬ألا‭ ‬يعبر‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬عن‭ ‬استقالة‭ ‬الدولة؟‭ ‬وما‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الآباء‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬سيتكلفون‭ ‬بالأمن‭ ‬العام،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬سيقومون‭ ‬بالردع‭ ‬والمراقبة؟‭ ‬ومن‭ ‬المسؤول‭ ‬المباشر‭ ‬عن‭ ‬ابتكار‭ ‬الحلول‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتأطير‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬إجرام‭ ‬القاصرين‭ ‬(تشكل‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬حوالي‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬حالات‭ ‬اعتقال‭ ‬القاصرين‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية)‭ ‬مرتبطة‭ ‬أساسًا‭ ‬بسياقات‭ ‬اجتماعية‭ ‬مركبة:‭ ‬البطالة،‭ ‬الهدر‭ ‬المدرسي،‭ ‬التفكك‭ ‬الأسري،‭ ‬وضعف‭ ‬البنيات‭ ‬الترفيهية‭ ‬والثقافية؟

لقد‭ ‬صرح‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬«إذا‭ ‬لم‭ ‬يُربِّ‭ ‬الأبوان‭ ‬أبناءهما،‭ ‬فمن‭ ‬سيربّيهم؟‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للدولة‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬شرطيًا‭ ‬خلف‭ ‬كل‭ ‬طفل»‭. ‬وبالمثل‭ ‬يرد‭ ‬عليه‭ ‬مراقبون: «هل‭ ‬يمكن‭ ‬منطقيا‭ ‬وحسابيا‭ ‬واجتماعيا‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬الدولة‭ ‬أبا‭ ‬أو‭ ‬وليا‭ ‬خلف‭ ‬كل‭ ‬طفل؟‭ ‬هل‭ ‬هكذا‭ ‬يفهم‭ ‬الوزير‭ ‬الأمن‭ ‬ويختزله‭ ‬في‭ ‬الشرطة‭ ‬وأدوات‭ ‬الردع؟‭ ‬أين‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬بيئة‭ ‬حاضنة‭ ‬وآمنة‭ ‬للأطفال،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬أوليائهم‭ ‬غرامات‭ ‬مالية‭ ‬قد‭ ‬تعجز‭ ‬بعض‭ ‬العائلات‭ ‬عن‭ ‬تحمّلها؟»‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭  ‬القانون‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬مثلًا،‭ ‬ينص‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬مساءلة‭ ‬الآباء‭ ‬مدنيًا‭ ‬-‭ ‬لا‭ ‬جنائيًا‭ ‬-‭ ‬عن‭ ‬أضرار‭ ‬يرتكبها‭ ‬أبناؤهم‭ ‬القاصرون،‭ ‬لكن‭ ‬الدولة‭ ‬توفر‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬برامج‭ ‬واسعة‭ ‬للرعاية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والمرافقة‭ ‬النفسية،‭ ‬والتعليم‭ ‬الإجباري‭. ‬وفي‭ ‬كندا،‭ ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬«الإصلاح‭ ‬التربوي»،‭ ‬وليس‭ ‬«العقاب‭ ‬المادي»‭. ‬ولهذا،‭ ‬فالسؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هو:‭ ‬كيف‭ ‬تسعى‭ ‬الحكومة،‭ ‬بإلحاح‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬وهبي،‭ ‬إلى‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬في‭ ‬التأطير‭ ‬والمرافقة‭ ‬وتأمين‭ ‬الفضاء‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬محاسبة‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬أصلاً‭ ‬الأدوات‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭ ‬(الآباء)؟‭ ‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬المثير‭ ‬للجدل‭ ‬لن‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الرقابة‭ ‬الأبوية‭ ‬للأبناء‭ ‬القاصرين‭ ‬باي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال،‭ ‬بل‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاصطدام‭ ‬بين‭ ‬الآباء‭ ‬والأبناء‭ ‬في‭ ‬الأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمهمشة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الجزء‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬القصة‭ ‬هو‭ ‬النشوة‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬سيشعر‭ ‬بها‭ ‬«راعي‭ ‬هذا‭ ‬المشروع»‭ ‬بإلقاء‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسر،‭ ‬وتحميلها‭ ‬مسؤولية‭ ‬فشل‭ ‬«السياسات‭ ‬العمومية»‭ ‬الدامجة‭ ‬والمؤطرة‭ ‬للقاصرين،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬تأطير‭ ‬الشباب‭ ‬اختبار‭ ‬صعب‭ ‬لبناء‭ ‬الإنسان‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬سنراهن‭ ‬عليه‭ ‬لبناء‭ ‬المستقبل‭.‬
 
تفاصيل أوفى تجدونها تجدونها في العدد الجديد "الوطن الآن "