يوما بعد يوم تتساقط أوراق التوت لتفضح الواقع الارتجالي والفضائحي داخل كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل، إذ بعد فضيحة التلاعبات بمجموعة من الماسترات بالشعب والوحدات بهذه الكلية، خاصة شعبة الآداب الإسباني وشعبة اللغة العربية، جاء الدور هذه المرة على شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع من خلال ما دار في كواليس مباراة توظيف أستاذين في شعبة الفلسفة. إذ أن هذه الخروقات تجاوزت بكثير ما حدث في ماسترات الشعب والوحدات المذكورة، حيث سجل المتتبعون للشأن الجامعي بالمدينة وضع معايير وتفصيلات على المقاس، لغرض في نفس يعقوب، وحددت في تخصصين اثنين: الأول تخصص فلسفة، والثاني تخصص تاريخ العلوم والأفكار العلمية، في شعبة حديثة العهد بالمؤسسة الجامعة، ولا تتطلب تخصيصا لأجل التوظيف.
وأكدت مصادر من داخل الكلية أن إحدى هذه المباريات أجريت خلال دورة 10 شتنبر 2014، بعدما كان قد أعلن عن تنظيمها في وقت سابق يوم 20 يوليوز 2013، وذلك بغية تمكين صاحب الحظوة من مناقشة رسالة الدكتوراه، وفسح المجال له لاستكمال ولتقديم ملفه، والظفر بهذا المنصب، وهو ما تم بالفعل.
وحسب المصدر ذاته، فان هذا المسلك لا يزال في بداياته الأولى، وبه أستاذان، ولا يحتاج إلى كل هذه التخصصات الدقيقة، إذ أن التكوين في الإجازة الأساسية لا يتطلب ذلك ويفترض تكوينا في كل مستوياتها، وتنويعا في التخصصات وليس التركيز على نفس التخصص. وتضيف، مصادرنا، أنه قد يكون ذلك مفهوما حين يكون هناك عدد كاف من الأساتذة في هذه الشعبة، فيتم اللجوء إلى تخصص محدد ومعين، إلا أن الأمر لا ينطبق على مسلك الفلسفة بكلية الآداب بمارتيل، لاسيما وأن هذا التخصص لا يمثل أهمية كبرى في الإجازة الأساسية.
كل هذه التساؤلات تنمحي عندما يتأكد أن هذا المنصب فصل على مقاس مترشح معين، حيث أنه في الدورة الأولى من اختبار مباراة التوظيف، لم يتمكن من مناقشة أطروحته قبل تاريخ المباراة، ليتم إعادة المنصب مرة أخرى، وبنفس التخصص، وليتقدم المعني بالأمر للمباراة بعدما ناقش مؤخرا أطروحته في نهاية الموسم الجامعي الماضي، حيث كان الكل في عطلة، ولم يجف بعد مداد ومناقشة أطروحته.
بل الأنكى من كل هذا، هو أن أطروحة صاحب الحظوة لا تنتمي لبنية الفلسفة، ولم يشرف عليها أستاذ حاصل على الدكتوراه في الفلسفة.. فالطالب المترشح، والناجح بالقوة، مسجل في بنية تنتمي إلى شعبة التاريخ، وهي بنية شمال المغرب وعلاقاته بحضارات الحوض المتوسطي الغربي، و الأستاذ المشرف ليس متخصصا في الفلسفة وأطروحته لنيل الدكتوراه سجلت ونوقشت في شعبة الدراسات الإسلامية. هذا دون الحديث عن مساره الجامعي منذ الإجازة إلى مناقشة الدكتوراه، مع سيل من التقلبات والتحولات في المسالك والشعب.
وتضيف مصادرنا أن المنصب الثاني في تخصص فلسفة، عرف بدوره خروقات قانونية، أبرزها وجود عضوين بلجنة المباراة كانا ضمن لجنة مناقشته لنيل شهادة الدكتوراه لصاحب المنصب الفائز بالمباراة، وهو خرق سافر يتناقض والمذكرة المؤطرة لاختيار أعضاء لجان مباريات التوظيف، بل هو خرق من شأنه الطعن في مشروعية وقانونية نتائج المباراة. كما أن الخطير في هذا كله هو عدم الاستشارة، سواء مجلس المؤسسة أو ما يسمي بشعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس، في المنصبين معا، وهو ما يؤكد بالملموس أن الخروقات والتجاوزات التي تعرفها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل يسهر على تأطيرها ومباركتها مركب مصلحي متماسك، تلعب فيه العمادة الحالية دور الراعي والمحتضن.