الأحد 20 إبريل 2025
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: صرخة متقاعد

إدريس المغلشي: صرخة متقاعد إدريس المغلشي
رغم ارتفاع صوت المتقاعد محتجا على وضعه المزري في كثير من المناسبات أمام قبة البرلمان لم نسمع لصراخه أثرا لدى جميع المؤسسات، وكأن صيحته في واد بدون نتيجة تذكر ، تنكر له الجميع وتركوه لوحده يستغيث، لم نسمع بأي مبادرة تعترف له بمجهوده و بما قدمه للوطن بل رأينا كيف استطاعت هذه الحكومة المتوحشة أن تأتي على الأخضر واليابس .ولن يخرج وزيرها بايتاس على القاعدة بتصريح فيه كثير من المغالطات وكأنه حقق معجزة وشر البلية. وكأنه الفتح المبين، صراحة اعتبر كلامه مجرد ضحك على الذقون بعدما أصبح يتكلم بلغة متعالية بعيدة كل البعد عن الحقيقة ، فيها من التعالي الشيء الكثير وهي تشبه الفتات وتعتبر إجراءات بسيطة وعادية لاوقع لها على المعيش اليومي بينما نفخ في رقمها الهزيل كأنها انجاز غير مسبوق. مدعيا أن التخفيض الضريبي سيساهم في تحسين الدخل لكن تبين بعدها انه مجرد ذر للرماد في العيون لايسمن ولايغني من جوع : بضع دريهمات لن تسد الفراغات في راتب مواطن انهكته تقلبات الزمن وتنكرت له إدارة غير معترفة له بطول مساره المهني . كم هي جاحدة للجميل والمعروف وهي تعطي مثالا صريحا للآخرين ،كيف تقهر موظفيها بعدما تلفظهم خارج أسوارها للمصير المحتوم الإهمال والضياع، دون أن تسجل التفاتة في حقهم .سمتها بالبند العريض زيادة في الدخل وهي في الحقيقة لاتستحق الذكر، فكيف بها ان تحتل كثير من المواقع ويضيع معها صوت المتقاعد ،حكومة جاحدة لاتعترف بأحد ولاتحمل من النفس الاجتماعي سوى شعار اجوف اتجاه المواطن سواء كان نشيطا او متقاعدا.

الزيادات التي عرفتها الوظيفة العمومية أقصت المتقاعدين وكأنهم غير معنيين بغلاء الأسعار وضيق العيش. يظهر جليا أن المتقاعد لايدخل في أجندتها باعتباره منتهي الصلاحية. بل تولد لديه إحساس قوي من الاقصاء والتهميش بعدما تخلى عنه الجميع . تنكرت الدولة له بعدما انتفت العلاقة الشغلية. ماسبب هذا الجحود ؟ ماهي مراميه التي لا تشرف وطن يحرص حسب الدستور على العيش الكريم .يبدو اننا نعيش هوة سحيقة بين منطوقه كأسمى وثيقة وبين الواقع المعيش والحالة التي آلت إليها اوضاعه.

بداية حين نشخص واقع المتقاعد رغم اختلاف فئاتهم وتباين مستواهم المعيشي فلن يتميزوا عن النشطاء انما هم نتيجة حتمية لواقع عمل مكلف زمنيا واسقاط حقيقي له بعدما استطاع المشغل أن يجعل منهم فئات وطبقات لارابط بينها سوى حتمية نهاية مأساوية. العدد المتزايد للمتقاعدين رقم لايستهان به في غفلة من الجميع إذ يشكلون قوة كبيرة لكنها مهمشة تحتاج لمن يرسم لها معالم طريق المطالب حتى لايطويها النسيان . ولعل من الأعطاب التي تعاني منها كثيرة لعل أبرزها كون أغلبهم يئسوا من مسار النضال الشاق الذي لايوازي إمكاناتهم الفيزيولوجية والمادية كذلك زد على ذلك البعض ممن ينتسبون للفئة لايتقنون سوى إحباط العزيمة وكأنهم يؤدون عن هذه المهمة القذرة مقابل . لم يكن النضال يوما بلا ثمن وليس بالمجان بل له ضريبة من الزمن والمال ونكران الذات فلا اعتبار لمن يتوارون خلف الجدران يوزعون صكوك الاتهام يمينا وشمالا بلا وازع اخلاقي .