الزيادات التي عرفتها الوظيفة العمومية أقصت المتقاعدين وكأنهم غير معنيين بغلاء الأسعار وضيق العيش. يظهر جليا أن المتقاعد لايدخل في أجندتها باعتباره منتهي الصلاحية. بل تولد لديه إحساس قوي من الاقصاء والتهميش بعدما تخلى عنه الجميع . تنكرت الدولة له بعدما انتفت العلاقة الشغلية. ماسبب هذا الجحود ؟ ماهي مراميه التي لا تشرف وطن يحرص حسب الدستور على العيش الكريم .يبدو اننا نعيش هوة سحيقة بين منطوقه كأسمى وثيقة وبين الواقع المعيش والحالة التي آلت إليها اوضاعه.
بداية حين نشخص واقع المتقاعد رغم اختلاف فئاتهم وتباين مستواهم المعيشي فلن يتميزوا عن النشطاء انما هم نتيجة حتمية لواقع عمل مكلف زمنيا واسقاط حقيقي له بعدما استطاع المشغل أن يجعل منهم فئات وطبقات لارابط بينها سوى حتمية نهاية مأساوية. العدد المتزايد للمتقاعدين رقم لايستهان به في غفلة من الجميع إذ يشكلون قوة كبيرة لكنها مهمشة تحتاج لمن يرسم لها معالم طريق المطالب حتى لايطويها النسيان . ولعل من الأعطاب التي تعاني منها كثيرة لعل أبرزها كون أغلبهم يئسوا من مسار النضال الشاق الذي لايوازي إمكاناتهم الفيزيولوجية والمادية كذلك زد على ذلك البعض ممن ينتسبون للفئة لايتقنون سوى إحباط العزيمة وكأنهم يؤدون عن هذه المهمة القذرة مقابل . لم يكن النضال يوما بلا ثمن وليس بالمجان بل له ضريبة من الزمن والمال ونكران الذات فلا اعتبار لمن يتوارون خلف الجدران يوزعون صكوك الاتهام يمينا وشمالا بلا وازع اخلاقي .