في مشهد غير مألوف تمسكت فصائل الإلتراس المناصرة للوداد والرجاء البيضاويين، بقرار مقاطعة مباراة «الديربي»، التي جمعت الفريقين مساء السبت 12 أبريل 2025 على أرضية المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء.لقيت هذه المقاطعة تجاوبا واسعا، إذ خلت المدرجات من الأجواء الحماسية المعتادة، وافتقد الملعب أحد أهم عناصره ألا وهو الجمهور، والنتيجة مباراة بدون طعم في ما سجل الرجاء والوداد إلى أدنى نسبة مداخيل من عملية بيع تذاكر الديربي البيضاوي على مر التاريخ.
"الوطن الآن" ترصد تداعيات المقاطعة في بعدها الاقتصادي والاجتماعي والرياضي.
لأول مرة.. اتفق جمهور الوداد والرجاء على أن يتفقوا
نجحت حملة المقاطعة في جعل العزوف الجماهيري عنوانا لمباراة "الديربي" التي لطالما انتظرها جمهور الوداد والرجاء، بعد حوالي سنتين من الغياب عن معقلهما. وشهدت شبابيك سحب التذاكر عزوفا جماهيريا غير مسبوق، بل إن المنصة الإلكترونية الخاصة ببيع التذاكر سجلت إقبالا ضئيلا لا يوازي أبدا قيمة المباراة، وشهدت شبابيك سحب التذاكر عزوفا جماهيريا غير مسبوق كما أن المنصة الإلكترونية الخاصة ببيع التذاكر سجلت إقبال محدود جدا ولا يوازي أبدا قيمة المباراة وهي الصور التي تم تناقلها عبر منصات التواصل الاجتماعي قبل أيام من مباراة الديربي.
اتفق مسؤولو الفريقين على اقتسام مداخيل هذه المباراة مناصفة، إضافة إلى تقسيم عدد جمهورهما بالتساوي على مستوى المقاعد المخصصة لهما، كما عهد لشركة سونارجيس بتدبير هذه القسمة بين الفريقين، بعد اقتطاع المصاريف الخاصة، بها في أول ظهور لهذه الشركة، التي تسلمت مشعل التدبير بعد «كازا إيفنت».
غالبا ما يكون دافع المقاطعة الجماهيرية مرتبطا بثلاث عوامل أساسية: غلاء ثمن التذاكر، أو الغضب الجماهيري من مستوى الكرة المغربية بصفة عامة خاصة على مستوى المنتخبات، أو المطالبة بإسقاط مكتب مسير. لكن في مقاطعة الديربي لا وجود لأي سبب من بين الأسباب الثلاثة، بل إن السبب يكمن في رفض التعامل مع مشجعي الفريقين كأثاث لتزيين مدرجات ملعب في يوم افتتاحه.
لأول مرة في تاريخ الديربي يتفق الرجاويون والوداديون على مقاطعة الديربي، لهذا أكدت الفصائل المساندة للفريقين، أن «سبب المقاطعة يعود إلى العشوائية والتدبير العبثي لورش إصلاح معلمة رياضية عريقة من قيمة مركب محمد الخامس على مر التاريخ، دون أي محاسبة تذكر».
وأوضحت المجموعات عبر بلاغ مشترك: «لسنا ديكور أو دمى لتأثيث الفضاء نحن أبناء هذا الوطن نمتلك غيرة وحبا لهذه الأرض الطيبة لا للمصالح الضيقة» وأضافت «المقاطعة هي وقفة لإيقاظ الضمائر الحية»، وختمت المجموعات بلاغها بـ «شغفنا غير قابل للترويض ولسنا أداة لتسويق مباراة».
مباراة "الديربي"..واحدة من المواجهات التي تضخ عائدات مالية مهمة
وتعد مباراة «الديربي»، واحدة من المواجهات التي تضخ في خزينة الفريقين عائدات مالية مهمة، فقد توقع القائمون على الشأن المالي للوداد والرجاء جني مداخيل مالية مهمة من بيع التذاكر ناهيك عن مداخيل المستشهرين وعائدات بيع الأمتعة الرياضية في المحلات التجارية للناديين.
مباراة "الديربي"..واحدة من المواجهات التي تضخ عائدات مالية مهمة
وتعد مباراة «الديربي»، واحدة من المواجهات التي تضخ في خزينة الفريقين عائدات مالية مهمة، فقد توقع القائمون على الشأن المالي للوداد والرجاء جني مداخيل مالية مهمة من بيع التذاكر ناهيك عن مداخيل المستشهرين وعائدات بيع الأمتعة الرياضية في المحلات التجارية للناديين.
وحسب الأرقام التي تم الكشف عنها بخصوص مباريات «ديربي» سابقة فقد حقق فريق الوداد الرياضي لكرة القدم مداخيل قياسية في مباراة الديربي أمام غريمه الرجاء الرياضي، يوم الأحد 23 أكتوبر 2022، برسم مؤجل الجولة السادسة من البطولة الاحترافية.
وبلغت مداخيل الوداد الرياضي، وفق الأرقام التي تم الكشف عنها من مباراة «الديربي» 302 ملايين سنتيم، بعدما تم بيع 29 ألف تذكرة خاصة بالمدرجات العادية التي حدد ثمنها في 50 درهما، و8500 تذكرة للمدرجات المغطاة البالغ ثمنها 150 درهم، و600 تذكرة من فئة 500 درهم. بينما وصل أعلى إيراد للرجاء إلى 270 مليون سنتيم في ديربي سنة 2015 .

المقاطعة تضرب قطاعات تجارية وخدماتية
سلط أيوب قطاية الاستشاري المتخصص في التدبير الاستراتيجي لأندية كرة القدم، الضوء على تكلفة مقاطعة الجماهير لمباريات كرة القدم مشيرا إلى أن تداعيات المقاطعة سلبية.
سلط أيوب قطاية الاستشاري المتخصص في التدبير الاستراتيجي لأندية كرة القدم، الضوء على تكلفة مقاطعة الجماهير لمباريات كرة القدم مشيرا إلى أن تداعيات المقاطعة سلبية.
وأوضح قطاية في حديثه لـ «الوطن الآن» أن المتضرر الأول هي صورة النادي خاصة عندما يكون النادي من بين الأندية التي لها شعبية كبيرة، باعتبار أن إجراء المباريات بحضور الجماهير يكون مناسبة لتسويق صورة النادي على مستوى الإعلام وعلى مستوى منصات التواصل الاجتماعي، وكذا على مستوى الصحافة الدولية، وفي ظل المقاطعة في إن المتضرر الأول هي صورة نادي، بالإضافة إلى كون «الديربي» مناسبة للتسويق الإعلامي لصورة المغرب الذي تنتظره استحقاقات كبيرة إلى جانب فقدان جزء مهم من الموارد المالية التي تساعد النادي على النفقات المالية الموسمية.
وقال: «تشكل عائدات المباريات المالية جزء مهما من مالية النادي تقدر بـ 20 إلى 30 في المائة وهي مبالغ تساعد النادي على سد باب مجموعة من النفقات وعندما نتحدث عن أندية ذات شعبية كبرى فأكيد أن التكلفة تكون كبيرة."
وقال: «تشكل عائدات المباريات المالية جزء مهما من مالية النادي تقدر بـ 20 إلى 30 في المائة وهي مبالغ تساعد النادي على سد باب مجموعة من النفقات وعندما نتحدث عن أندية ذات شعبية كبرى فأكيد أن التكلفة تكون كبيرة."
وربط أيوب قطاية، بين الحضور الجماهيري وبين مردودية اللاعبين خلال المباريات، لأن وجود الجماهير بالمدرجات يشكل حافزا ذهنيا للاعبين من أجل تقديم الأفضل بسبب تأثيره المباشر على المستوى الذهني والنفسي للاعبين.
وتطرق قطاية، في معرض حديثه إلى معطى الفرجة باعتبار أن حضور الجماهير بالمدرجات ينعكس بشكل مباشر على جانب الفرجة من خلال الضغط الذي تشهده المباريات والذي يشكل عاملا مباشرا لتقديم اللاعبين أفضل ما لديهم خلال أطوار المباريات.
لا يقتصر «الديربي» على كرة القدم، بل يتعدى ذلك إلى مجالات أخرى، تلامس العائدات التجارية والمداخيل الإعلامية والإعلانية والقيمة التسويقية للاعبيهما، فالأمر لم يعد محصورا بكرة القدم وما يقدمه اللاعبون وما يسجلونه من أهداف، بل تصل الاستفادة المادية التي يمكن تحقيقها من جراء بيع القمصان التي تحمل أسماء هؤلاء اللاعبين أو المقتنيات الأخرى التي أصبحت الجماهير تلاحق كل جديد فيها.
تضرر من المقاطعة كل القطاعات المرتبطة بهذه المباراة، إذ شهد سوق بيع وسائل التشجيع كسادا ملحوظا في جنبات الملعب، كما عانى أصحاب المطاعم المتنقلة حول الملعب من المقاطعة، فضلا عن وسائل النقل وحراس الدراجات السيارات وكل القطاعات المهيكلة وغير المهيكلة ذات الارتباط بالديربي.
وأوضح قطاية تضرر النسيج السوسيو-اقتصادي، من قرار المقاطعة باعتبار أن حضور الجماهير يضمن حركية اقتصادية على مجموعة من الجوانب منها المتعلقة بجانب التنقل، بالإضافة إلى المحلات التجارية والمطاعم المحيطة بملعب المباراة.

الدروس المستخلصة من المقاطعة
أصبحت المكاتب المسيرة للرجاء والوداد والعصبة الاحترافية لكرة القدم، مطالبة بالبحث عن سبل جديدة لتوسيق هذه المباراة التي بدأت تفقد جاذبيتها تدريجيا.
أصبحت المكاتب المسيرة للرجاء والوداد والعصبة الاحترافية لكرة القدم، مطالبة بالبحث عن سبل جديدة لتوسيق هذه المباراة التي بدأت تفقد جاذبيتها تدريجيا.
فقد كشفت المقاطعة الجماهيرية عن ضعف تسويق مباراة «الديربي»، إذ أن كلاسيكو إسبانيا يدر على ريال مدريد وبرشلونة 6.8 مليون يورو لكل منهما، حين يتم نقله إلى الخليج العربي، وقد تصل العائدات إلى 12 مليون يورو، بالنظر للأمور التجارية والدعائية المرتبطة بالمباراة.
على المستوى العربي يتم تسويق مباريات الأهلي والزمالك المصريين ، بشكل أفضل حيث تم إجراء «ديربي» القاهرة في السعودية وفق اتفاق هو الأعلى ماليا في تاريخ الكرة المصرية، إذ بلغ العائد المالي للنقل المباراة إلى السعودية مليون دولار، كما أن هناك عوائد مالية لكل الأندية المصرية وليس للقطبين وفقا للاتفاق.
