في لقاء خاص بحضور برلمانيين ودبلوماسيين، بالبرلمان البريطاني، وقفت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان يوم الإثنين 24 مارس 2025 عند محطات بارزة في سعي مغربي متواصل لتعزيز الحقوق والحريات، تحت شعار: "ممارسات وطنية فضلى، أوراش إصلاحات كبرى، ومسارات إعمال رؤية متبصرة جامعة"..
وشددت بوعياش عند "التزام المغرب بالإصلاح المستمر ليس مجرد خيار سياسي…، بل إن كل إصلاح يمثل دينامية مجتمعية وفعلا جماعيا يعيد تأكيد التزام راسخ لا رجعة فيه بتعزيز سيادة القانون.
وتطرقت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى محطات بارزة وأخرى فريدة في مسار إصلاح مغربي متواصل، على مدى عقدين ونصف، من القطع مع انتهاكات جسيمة للحقوق، والحريات إلى قراءة الماضي من أجل بناء المستقبل؛ ومن دسترة حقوق الإنسان وترسيخ سمو الالتزامات الحقوقية الدولية على التشريع الوطني إلى أوراش تعميم الحماية اجتماعية وحماية كرامة النساء والفتيات والفئات الهشة…
مسار متدرج ومنتظم، تقول رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مشددة على أن المغرب يسير بخطى ثابتة وفقا لرؤية واضحة وجامعة، في تملكنا الجماعي للتحديات والسعي المشترك لمواصلة الإصلاح.
هكذا سلطت بوعياش الضوء على تجربة الحقيقة والإنصاف والمصالحة، التي خلد المغرب السنة الماضية ذكراها العشرين، منوهة بديناميكية المجتمع المدني وعائلات الضحايا، التي تبلورت عنها توصية حولها الملك محمد السادس إلى إطار وخطة عمل انطلقت بإحداثه لهيئة الإنصاف والمصالحة، التقائية أولى، توضح بوعياش، بين إرادة دولة ومجتمع، لقراءة صفحة الماضي وإنصاف الضحايا وبناء المستقبل.
هذه المبادرة غير المسبوقة إقليميا والرائدة قاريا ودوليا، كان المفوض السامي لحقوق الإنسان قد وصفها في دجنبر 2024 بـ "المحطة البارزة في تاريخ العدالة الانتقالية" في العالم، ساهمت، وفقا للمسؤول الأممي، "في معالجة الانتهاكات، وشكلت لبنة أساسية في مسار إجلاء الحقيقة والمصالحة مع الماضي".
وأضافت أن تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقال، لم تقتصر فقط على إحقاق الحقوق وإنصاف الضحايا ومعالجة الماضي، بل شكلت نقطة قطيعة، وتحول حقيقي في مسار المغرب نحو الإصلاح والانتقال الديمقراطي والحكامة وترسيخ حقوق الإنسان، خاصة بعد دسترة التوصيات الناجمة عن هذه التجربة.
وأشادت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تحت قبة برلمان أحد أعرق ديمقراطيات العالم، بإصلاح مدونة الأسرة سنة 2004، لما تحقق من خلاله للمرأة المغربية، خاصة في سياقنا الإقليمي.
لقد شكل هذا الإصلاح، تؤكد بوعياش "محطة تاريخية في مسار المجتمع المغربي"، إصلاح ما كان ليتحقق "لولا رؤية متبصرة وجامعة لصاحب الجلالة، حولت التردد المجتمعي تجاه حقوق النساء ومسار المساواة بين الجنسين إلى مكتسب ملموس، غير مسبوق في المنطقة.
وزادت قائلة: "
بعد عشرين سنة من الإعمال، وبنفس الرؤية الاستشرافية، أطلق المغرب مسارا جديدا سنة 2023 لمراجعة المدونة للمرة الثانية في غضون عقدين… في سياق مقاربة الإصلاح المتواصل، بهدف معالجة الاختلالات القائمة وتعزيز المساواة بين الجنسين بشكل أكبر، مما يؤكد على التزام ثابت بالعدالة الاجتماعية والنهوض بحقوق النساء، تعديل قانون الجنسية؛ الترسيخ الدستوري للمساواة بين الجنسين والمناصفة، وعدم التمييز وسمو القانون الدولي لحقوق الإنسان؛ ولوج المرأة لمهنة العدول، تكريس احترام مبدأ المساواة بين الجنسين ومحاربة الصور النمطية في الإعلام، قانون مكافحة العنف ضد النساء، المساواة بين الرجال والنساء في علاقة بالأراضي السلالية، مواصلة تعزيز المشاركة السياسية للنساء وتمثيليتهن…".
"محطات في مسيرة إصلاح متواصلة، تقول بوعياش مبرزة أنها "ليست مجرد تعديلات قانونية؛ بل تعكس رؤية نحو مجتمع أكثر شمولًا وإنصافًا"، كما تطرقت إلى ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب، وواقع حرية التعبير في الفضاء الرقمي، بفرصها وتحدياتها، في المغرب والعالم، وأولويات حماية حقوق الإنسان، داخل هذا الفضاء، فضلا عن مقومات مقاربة المغرب في بناء إصلاحاته بركائزها الثلاث: التوافق، بدل البحث عن تسويات عقيمة؛ الابتكار لتصميم ووضع حلول تتناسب مع أولويات السياق الوطني؛ المقاربة التشاركية الحقيقية، التي تكفل إشراك كافة الفاعلين بجهات المغرب الـ12…مقاربة، تقول رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنها "تبحث عن حلول حقوقية متجذرة بعمق في الواقع الاجتماعي والثقافي بالمغرب."، مشددة على أن تسليط الضوء على مسارات الإصلاح، هو اعتراف أيضا بالتحديات التي لا يجد المغرب أي مركب نقص في الاعتراف بها، في سعيه لتحويل الوعد الدستوري والمعياري لواقع معيش وملموس… بل"أولوية ملحة نطمح لتحقيقها جميعا، والتزام المغرب بالإصلاح المستمر ليس خيارًا سياسيًا فقط، بل هو واجب أخلاقي من شأنه المساهمة دون شك في تحقيق التنمية المستدامة والتماسك الاجتماعي على المدى الطويل، تختم رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان".