الجمعة 26 إبريل 2024
سياسة

الجنيرال عروب يطلق مخططا لترحيل الثكنات العسكرية من مدينة مكناس

الجنيرال عروب يطلق مخططا لترحيل الثكنات العسكرية من مدينة مكناس

أطلق الجنرال دوكوردارمي، بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة العسكرية الجنوبية، مخططا يقضي بترحيل الثكنات العسكرية من مدينة مكناس إلى إقليم الراشيدية.

وحسب بعض المصادر فإن منطقة " تيجيت" القريبة من الطريق المؤدية إلى تازمامارت، ستتحول إلى منطقة لإيواء الثكنات العسكرية، وحسب نفس المصادر فإن فرقة الهندسة العسكرية بالمنطقة توصلت بتعليمات للقيام بالإجراءات المواكبة لخطة ترحيل ثكنات العاصمة الإسماعيلية

وكانت العديد من الأصوات قد ارتفعت في الآونة الأخيرة مطالبة بضرورة ترحيل الثكنات العسكرية بمدينة مكناس، في ظل أزمة استنفاذ العاصمة الإسماعيلية لوعائها العقاري، إذ يستحوذ العقار العسكري بمكناس على مساحة 1450 هكتار(تعتبر مكناس هي الثانية بعد الدار البيضاء التي تضم 1650 هكتار من العقار العسكري).

كما تأتي خطوة بوشعيب عروب والقاضية بترحيل الثكنات العسكرية استجابة لتوصيات ومقترحات مكتب الدراسات " دراسات " الذي يشرف على وضع المخطط المديري للتهيئة والعمران لعاصمة المولى اسماعيل، حيث خلص التشخيص الذي قام به مكتب "دراسات"، بطلب من الوكالة الحضرية بمكناس، الى ضرورة تحرير الأراضي العسكرية بمدينة مكناس لمواجهة حالة الاختناق العمراني الذي أضحت تعانيه مع الانفجار الديمغرافي الذي طرح بقوة في السنوات الأخيرة بسبب عامل الهجرة القروية. إذ طرح مكتب "دراسات" اقتراحات مهمة تتماشى مع الرؤية الداعية إلى عقلنة المجال الحضري للمدينة وحل مشاكل النمو الديمغرافي في إطار التصميم التوجيهي لمكناس الكبرى، والذي يرسم المعالم الكبرى للتوجه العمراني للمدينة في أفق إعداد تصميم التهيئة. وتتضمن الدراسة إحداث محطة للقطار في مكان القاعدة الجوية. وهو المقترح الذي لايعتبر غاية في حد ذاته، لأن مكناس تتوفر على محطتين للقطار، بل لأن المهندسين توصلوا إلى أنه بالإمكان تقليص المسافة الفاصلة بين مكناس والرباط إلى مدة زمنية لا تتعدى ساعة واحدة بدل ساعتين من خلال إقامة خط سككي للقطار السريع على امتداد الطريق السيار الرابط بين مكناس والرباط، وهو مشروع إن تحقق سيساهم بشكل كبير في تحقيق الرواج التجاري والسياحي وتدفق الاستثمارات، ليس بمكناس فحسب، بل أيضا بجهة مكناس- تافيلالت بأكملها.

أما الاقترح الثاني لمكتب "دراسات" فيتضمن إقامة مركز للخدماتquartier d'affairesوجامعة تقنية وحي للأعمال.

وهو ما يعني أن السلطات العسكرية قد انتبهت مؤخرا إلى ضرورة تصحيح الأعطاب العمرانية التي رافقت التخطيط الحضري في الفترة السابقة.. مثلا كان يقوم في عهد الجنيرال بويميرو الذي حدد معالم المدينة على تمطيط المدينة الجديدة من خلال خلق أحياء شعبية لاستقبالعمال الحي الصناعي (الممتد من"بلاص دارم" إلى عين السلوكي) بحي برج مولاي عمر، وهي الرؤية التي استمرت بعد الاستقلال من خلال إحداث مشاريع سكنية كبرى بحي المنصور ومرجان دون توفير المرافق الضرورية، وتغليب منطق التوسع العمودي من خلال منح رخص الاستثناء لبناء عمارات من 6 أو 7 طوابق بدلا عن الفيلات التي تعود إلى فترة الاستعمار، في حين كان من الأجدر التفكير ومنذ مدة طويلة في ترحيل الثكنات العسكرية المتآكلة من قلب المدينة إلى خارجها وتوظيف العقار العسكري المحرر لإنجاز المجمعات السكنية والمرافق العمومية الضرورية وهو ما سيساهم في التخفيف من حالة الاختناق الذي تعانيه المدينة وتطويق صعوبات السير والجولان، خصوصا بوسط المدينة التي تفتقد - ويا للحسرة- لموقف للسياراتمع أن نسبة زوار المدينة الجديدة جد مرتفع (الشركات، الإدارات العمومية، الأبناك المواطنين..) مما يطرح مشكل الولوج الى المدينة الجديدة علما أن هناك إمكانيات واعدة لتنمية وسط المدينة من خلال الوعاء العقاري العسكري وأيضا من خلال الوعاء العقاري الذي تستحوذ عليه مؤسسات البعثة الفرنسية والعقار الذي يضم الملعب الشرفي الذي لم يعد من المجدي الإبقاء عليه في نفس المكان.

قرار بوشعيب عروب بترحيل الثكنات العسكرية من مكناس الى الراشدية قوبل بارتياح كبير لدى العديد من فعاليات العاصمة الإسماعيلية، قرار جاء ليقطع مع الإرث الإستعماري الذي حول مكناس إلى مدينة عسكرية لحماية خطوط الإمداد ومحاصرة قبائل الأطلس المتوسط، كما أنه قرار سيعفي القائمين على الشأن المحلي من التفكير في اكتساح أجود الأراضي الفلاحية لمنطقة سايس بكل من جماعة أيت ولان ومجاط وسيدي سليمان للتخفيف من حدة الإختناق الحضري وفتح فرص حقيقية لجلب الإستثمارات وتنمية المدينة وتخليص عاصمة المولى اسماعيل من الأعطاب والتشوهات العمرانية التي تشوه جماليتها (منشآت عسكرية قديمة ومتآكلة وسط المدينة، بنايات سكنية عشوائية تشوه جمالية المدينة، سكك حديدية مهملة تقطع أطراف المدينة..) وإن كان البعض لايخفي تخوفاته من تحول العقار العسكري بمكناس الى مجال للمضاربات العقارية بدل أن يساهم تحرير العقار العسكري في خلق فرص جديدة للتنمية الحضرية، وهو المعطى الذي يجد تبريره – حسب المراقبين – بما سبق أن طرحه ممثل وكالة المساكن والتجهيزات العسكرية خلال النقاشات التي صاحبت إعداد تصميم التهيئة السابق ب تحويل الحامية العسكرية بـ "بلاص دارم"  إلى عمارات سكنية، فتم إدراج الاقتراح ضمن تصميم التهيئة الذي انتهت صلاحيته.