الأربعاء 12 مارس 2025
فن وثقافة

في لقاء عقده مركز مدى.. باحثون يسلطون الضوء على موضوع حقوق الإنسان بين الكونية والخصوصية الثقافية

في لقاء عقده مركز مدى.. باحثون يسلطون الضوء على موضوع حقوق الإنسان بين الكونية والخصوصية الثقافية جانب من اللقاء
عقد بمقر مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية؛  السبت 15 فبراير 2025 اللقاء الثاني ضمن الموسم الثاني من مشروع "مفاهيم ذات الصلة بالتحول الديمقراطي"، والذي اختار تيمة لهذا الموسم تحت عنوان: "الحداثة السياسية: المفاهيم والأسس". حيث شكل موضوع: "حقوق الإنسان"، مدار هذا اللقاء الذي شارك فيه ثلة من الباحثين والمتخصصين.

استهلت الجلسة الأولى من اللقاء بمداخلة للأستاذ يونس شاهيم التي ناقشت طبيعة العلاقة بين كونية حقوق الانسان والخصوصيات الثقافية، حيث تم استحضار بعض الأفكار والرؤى لفلاسفة من قبيل سلافوي جيجيك وكريشون أبرهارد، ومحمد أركون، وهابرماس الذين أشاروا إلى التعارض بين فكرة كونية حقوق الانسان والخصوصيات الثقافية للأفراد والجماعات.

أما الباحث عماد الورياشي فقارب مسألة حقوق الانسان في مواجهة سلطة شركات التكنولوحيا في عصر العولمة من خلال تصور المفكرة الأمريكية المعاصرة شوشانا زوبوف، حيث تم تسليط الضوء على مسألة تسليع الإنسان تحت شعار الغاية الربحية تبرر الوسيلة الرقمية.

أما مداخلة الباحث محمد جبور؛ فقد تناولت مسألة حقوق الانسان بين القانوني، والسياسي والأخلاقي، قارب فيها الباحث، مفهوم الحق القانوني والحق السياسي في إطار الاخلاق السياسية. وانشغل بالتبعة؛ بتحديد معيار تصنيف حقوق الانسان بغض النظر عن إشكالية كونيتها أو خصوصيتها. وخلص الباحث في نهاية مداخلته إلى أن نمط المقاربة الذي يدمج القانوني والسياسي والأخلاقي يسعف في تحقيق فهم معقول وعقلاني لحقوق الإنسان؛ لأنه يكسب المفهوم معنى وغنى على المستوى النظري، وأهمية كبيرة على مستوى العملي، إنه نمط من الفهم ينظر للحق باعتباره حقا أخلاقيا محصنا ضد تحليلات التكلفة والعائد، أو حسابات المنفعة الاجتماعية.

وفي الجلسة الثانية، التي استهلت بمداخلة الباحث عبد العزيز الراشدي، بعنوان حقوق الانسان من كونية المبادئ إلى ازدواجية المعايير، تناول فيها الباحث موضوع حقوق الإنسان من خلال تحليل تطور كونية المبادئ إلى مظاهر ازدواجية المعايير في التطبيق الدولي، مع التركيز على التحديات التي تواجهها هذه الحقوق في الواقع العملي. انتقد الباحث ازدواجية المعايير التي تظهر في الممارسات الدولية، حيث يتم التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان في دول معينة (كبعض دول الشرق الأوسط أو أفريقيا) بينما يتم التغاضي عن انتهاكات مماثلة أو أسوأ في دول أخرى بسبب مصالح جيوسياسية أو اقتصادية، كما تظهر في التعامل المختلف مع قضايا مثل الحروب أو الاحتلال أو قمع الحريات.

أما مداخلة الباحث عليوي خلافة فوقفت عند مستوى حضور حقوق الانسان في منهاجي مادتي التربية الإسلامية والفلسفة من خلال مقاربة سوسيولوجية للمنهاج الدراسي والمقاربة السوسيولوجية للقيم، للوقوف عند التقابلات وشدة التوتر والتقارب في المنهاجين معا حول القيم بشكل عام وحول مفهوم حقوق الإنسان بشكل خاص. ومن جانبه عمل الباحث مصطفى الإدريسي؛ من خلال ورقته المعنونة بحقوق الانسان ومطلب الانتقال الديمقراطي، المصالحة والإنصاف وسياسة الذاكرة، على الوقوف على مساهمة السينما المغربية في حفظ الذاكرة الجماعية، وكيف تكشف عن المسكوت عنه من أدب السجون؛ خاصة ماتعلق منه بما يسمى سنوات الرصاص، وذلك بذكر بعض الأفلام المغربية التي اشتغلت على هذا الجانب، في إشارة واضحة من الباحث لفشل هيئة المصالحة والانصاف في تحقيق المصالحة مع تاريخ الضحايا الأليم.

وقد عرف اللقاء تفاعلا كبيرا وغنيا من طرف الحضور مع مداخلات الباحثين، والتي اتفق الجميع على غنى مضمونها المعرفي، وتعدد زوايا الاستشكال ومناهج التحليل، والذي يرجع في جانب منه لتنوع المقاربات التي توزعت بين الفلسفة السياسية وفلسفة القانون، والعلوم السياسية، وسوسيولوجيا التربية، والسيميولوجيا.