يرى العربي حبشي، عضو الفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين وعضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن مشروع قانون المالي 2015 يدخل في سياق استمرارية نفس التوجه الحكومي السابق المبني على البحث عن التوازنات المالية على حساب البعد الإجتماعي مما يهدد التوازنات الإجتماعية للبلاد، مشيرا الى ان مشروع قانون المالية 2015 يعد الأسوأ على الإطلاق منذ بداية حكومة عبد الإله بنكيران التي تنهج سياسة تقشفية بشكل ناعم . كما ان مشروع قانون المالية 2015 – حسب حبشي - يفتقد لرؤية سياسية استراتيجية ذات نفس اجتماعي، تأخذ بعين الإعتبار مضامين الخطابين الملكيين،اللذين أكدا على ضرورة الإهتمام بالرأسمال اللامادي والتقليص من الفوراق الإجتماعية .
بعض الأصوات تعتبر مشروع القانون المالي الحالي هو الأسوأ على الإطلاق في تاريخ المغرب الحديث، هل تشاطر هؤلاء طرحهم أم على العكس ترى بعض المبالغة في تقييمهم؟
بالفعل، مشروع قانون المالي 2015 يدخل في سياق استمرارية نفس التوجه المبني على البحث عن التوازنات المالية على حساب البعد الإجتماعي مما يهدد التوازنات الإجتماعية للبلاد، فمشروع قانون المالية 2015 يعد الأسوأ على الإطلاق منذ بداية حكومة عبد الإله بنكيران، بحيث لاحظنا أن هناك سياسية تقشفية تمارس بشكل ناعم، وهذا التقشف يتجلى في رفع أسعار العديد من المواد الأساسية التي تشكل القوت اليومي لأغلبية المواطنين، عن طريق الرفع من نسبة الضريبة على القيمة المضافة، كذلك هناك ميزانيات بخسة وضعيفة مخصصة للعديد من القطاعات الإجتماعية، كذلك المناصب المالية لاتغطي ولو جزءا يسيرا من حاجيات الإدارة المغربية وكذلك حاجيات سوق الشغل، إضافة الى أن هناك مضامين لاتتجاوب ولاتتناغم حتى مع التصريح الحكومي المصادق عليه من طرف البرلمان. كما ان مشروع قانون المالية 2015 يفتقد لرؤية سياسية استراتيجية ذات نفس اجتماعي، تأخذ بعين الإعتبار مضامين الخطابين الملكيين، اللذين أكدا على ضرورة الإهتمام بالرأسمال اللامادي والتقليص من الفوراق الإجتماعية والبحث عن كل الإمكانات التي تمكن بلدنا من الإنخراط في نادي الدول الصاعدة .
وكيف تلقيتكم كنقابة قرار الحكومة بفرض مساهمات تهم تأمين التقاعد بوضع سقف لها في حدود 10 في المائة ؟
الحكومة الحالية لم تفي بالتزاماتها وخاصة أننا في المناظرة الوطنية الأخيرة لإصلاح منظومة الضرائب في الصخيرات خرجنا بتوصيات متوافق عليها وتبنتها الحكومة جملة وتفصيلا وبالتالي كان على الحكومة على الأقل ان تجسد هذه التوصيات من خلال إجراءات وقرارات يتضمنها القانون المالي 2015 ، لكن عكس ذلك كما قلت لاحظنا بأن الحكومة لها توجه مالي تفقيري تبحث من خلاله عن الحلول السهلة عبر تضريب العديد من القطاعات والعديد من المواد التي تهم الطبقات الوسطى والفئات الضعيفة من المواطنين. واذا كانت الحكومة قد رفعت شعارات كبرى تتعلق بمحاربة الفساد والرشوة والتقليص من الفوارق الإجتماعية فإننا لمسنا عكس ذلك، هناك توسيع للفوارق الإجتماعية وهناك ارتفاعات متوالية للأسعار تضرب القدرة الشرائية لأغلب الفئات الإجتماعية، مما يهدد السلم الإجتماعي في بلدنا.
سبق للإتحاد العام لمقاولات المغرب أن أعد دراسة تناول من خلالها إشكالية الرفع من قيمة حقوق التسجيل الخاصة بتفويت الأسهم والمساهمات واعتبرها من الإجراءات التي تعرقل عملية إعادة هيكلة المقاولات المغربية، فمارأيك ؟
الحكومة الحالية تفتقد للقيادة الإقتصادية، بحيث أن اهتمامها منصب بشكل آلي على التوازنات المحاسبية في ظل لامبالاة بالوضعية الإقتصادية لبلادنا وخصوصا وضعية المقاولة الوطنية. ليست هناك إجراءات ابتكارية مبدعة فيما يخص تنظيم إدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الإقتصادية العادية عبر العديد من الإجراءات العادية، كذلك لم نلاحظ أي مجهود في إطار إعادة النظر بشكل جذري في الميثاق الوطني للإستثمار، أخذا بعين الإعتبار التحولات التكنلوجية والخدماتية والإنتاجية التي تعرفها بلادنا ويعرفها العالم ، كذلك ليست للحكومة استراتيجية واضحة في مجال التكوين والتكوين المستمر للطبقة العاملة وعموم المأجورين في إطار شراكة مع الجمعيات المهنية المقاولاتية.
ماذا عن ضعف الميزانية المخصصة للإستثمار العمومي في قانون المالية 2015، إذ لوحظ أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية في أوجه الأزمة المالية العالمية خصصت اعتمادات مهمة للإستثمار العمومي ( بناء الجسور، الطرق السيارة ، تعزيز البنيات الإجتماعية ..) لإنعاش اقتصادها ، في حين يلاحظ أن الحكومة المغربية تسير في اتجاعه تقليص الإستثمار العمومي رغم الأزمة الإقتصادية الخانقة بالبلاد مارأيك ؟
الإشكال المطروح في بلادنا ليس في الإعتمادات المرصودة للإستثمارات العمومية، بل الإشكال الخطير هو مدى الإلتزام بإنجاز المشاريع العمومية بحيث أنه ترصد مجموعة من الإعتمادات ، لكن نسبة الإنجاز تبقى ضعيفة جدا، وهذا إشكال مطروح على بلادنا، يبيين أن الحكومة تفتقد للسرعة في الأداء في الإنجاز. الإشكال الثاني المطروح هو عدم التزام الحكومة بأداء ما بذمتها للمقاولات الوطنية التي أنجزت المشاريع العمومية، مما يدفع المقاولات الى اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية أساسها على حساب الطبقة العاملة، فإفلاس هذه المقاولات ينجم عنه تشريد العديد من الأسر أو التخفيض من عدد اليد العاملة أو عدد ساعات العمل وهذا كله سببه الحكومة . والإشكال الثالث هو ان مساطير تفويت الصفقات العمومية لازالت تشوبها مجموعة من الإختلالات ومجموعة من التجاوزات، التي للأسف ليست للحكومة الإرادة السياسية لمحاربتها وتجاوزها مما يضر بمصالح المقاولة الوطنية والذي ينجم عنه تضرر مصالح اليد العاملة.