الأربعاء 5 فبراير 2025
اقتصاد

غلاء الأسعار يهدم الطريق بين المغاربة واللحوم والأسماك

غلاء الأسعار يهدم الطريق بين المغاربة واللحوم والأسماك التجربة‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬الأسعار،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تواصل‭ ‬الارتفاع
لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬أن‭ ‬الغلاء‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يعرف‭ ‬حاليا‭ ‬ارتفاعا‭ ‬جامحا‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق،‭ ‬وأن‭ ‬المغاربة‭ ‬يواجهون،‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬أشهر،‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬شامل،‭ ‬موجات‭ ‬غلاء‭ ‬متتابعة‭ ‬تلمس‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬ضراوة‭ ‬الفئات‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬مما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمغاربة‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬العناية‭ ‬المركزة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬هذا‭ ‬الغلاء‭ ‬المضطرد‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عامًا‭. ‬
 
وتعتبر‭ ‬اللحوم،‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬(اللحوم‭ ‬الحمراء،‭ ‬الدجاج،‭ ‬السمك)،‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬أثار‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعارها‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ملحوظ،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬مشتقاتها‭ ‬(الحليب،‭ ‬البيض،‭ ‬الأجبان)‭. ‬فقد‭ ‬سجلت‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬بنسبة 1%،‭ ‬والزيوت‭ ‬والذهنيات‭ ‬بنسبة‭ ‬0.8%،‭ ‬كما‭ ‬زادت‭ ‬أسعار‭ ‬الحليب‭ ‬والجبن‭ ‬والبيض‭ ‬بنسبة 0.6%،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬مندوبية‭ ‬التخطيط‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬حول‭ ‬الرقم‭ ‬الاستدلالي‭ ‬للأثمان‭ ‬عند‭ ‬الاستهلاك‭ ‬(2024)‭. ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬متوالية‭ ‬من‭ ‬الزيادات‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭  ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المواضيع‭ ‬المؤرقة‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جمود‭ ‬الأجور‭ ‬وفشل‭ ‬سياسات‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬تشكل‭ ‬جزءًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الغذائي‭ ‬للمغاربة‭.‬
 
وتعزو‭ ‬الحكومة‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬تعرفه‭ ‬سوق‭ ‬اللحوم‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬الأعلاف،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬الأعلاف‭ ‬المستوردة‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بسبب‭ ‬التضخم‭ ‬العالمي‭ ‬وأزمة‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد،‭ ‬مما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬تكلفة‭ ‬الإنتاج‭. ‬كما‭ ‬ترجعه‭ ‬إلى‭ ‬الجفاف‭ ‬ونقص‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تقلّص‭ ‬الإنتاج‭ ‬الحيواني‭ ‬والسمكي‭ ‬وانخفاض‭ ‬العرض‭. ‬تنضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬زيادة‭ ‬تكاليف‭ ‬النقل‭ ‬(سوق‭ ‬المحروقات)،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬التوزيع،‭ ‬ويؤدي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬كما‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬السماسرة‭ ‬الذين‭ ‬يستغلون‭ ‬الوضع‭ ‬للمضاربة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭.‬
 
أمام‭ ‬ذلك،‭ ‬وبدل‭ ‬الانكباب‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الأزمة‭ ‬جذريا‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬اختارت‭ ‬الحكومة‭ ‬دعم‭ ‬المستوردين‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬النقص‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الأسعار‭ ‬تجاوزت‭ ‬120‭ ‬درهما‭ ‬للكيلوغرام‭. ‬بل‭ ‬إنها،‭ ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬محسوبة،‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬نيتها‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استيراد‭ ‬القطيع‭ ‬الأسترالي،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬فعلت‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬مع‭ ‬القطيع‭ ‬البرازيلي‭ ‬والقطيع‭ ‬الإسباني،‭ ‬بمناسبة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭. ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬تمثل،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬الخبراء،‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬توسيع‭ ‬مصادر‭ ‬استيراد‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء‭ ‬وتنويع‭ ‬الإمدادات‭ ‬وتقوية‭ ‬العرض‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الداخلي،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬فشل‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬مستدامة‭ ‬تدعم‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬وتقلل‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬الخارجية"‭.‬
 
ولا‭ ‬تشد‭ ‬سوق‭ ‬الدواجن‭ ‬عن‭ ‬قاعدة‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬سعر‭ ‬الكيلوغرام‭ ‬الواحد،‭ ‬مؤخرا،‭ ‬إلى‭ ‬27‭ ‬درهما‭. ‬ويرجع‭ ‬مراقبون‭ ‬السبب‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬جودة‭ ‬الكتاكيت‭ ‬(التلاعب‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التفقيس)‭ ‬وسوء‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاحتكار‭ ‬والزراعة‭ ‬السيئة‭ ‬(ضعف‭ ‬جودة‭ ‬الأعلاف،‭ ‬انخفاض‭ ‬المناعة،‭ ‬نقص‭ ‬الأدوية‭ ‬البيطرية)،‭ ‬إذ‭ ‬تلجأ‭ ‬جهاتٌ‭ ‬إلى‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬العرض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيع‭ ‬كميات‭ ‬محددة‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬السوق‭. ‬كما‭ ‬يفسر‭ ‬مراقبون‭ ‬آخرون‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬بزيادة‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬الدواجن‭ ‬نتيجة‭ ‬لارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء‭.‬
 
وبينما‭ ‬يرى‭ ‬متابعون‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مبرر‭ ‬لارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الدواجن،‭ ‬وأن‭ ‬السبب‭ ‬يرجع‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬عشوائية‭ ‬القطاع،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬تترك‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الغارب،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬عجزها‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬تعزيز‭ ‬مراقبة‭ ‬سوق‭ ‬الأعلاف‭ ‬المركبة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الاحتكارية،‭ ‬وضمان‭ ‬وجود‭ ‬منافسة‭ ‬عادلة،‭ ‬ودعم‭ ‬المزارعين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬إعانات‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬تخفيض‭ ‬تكاليف‭ ‬الطاقة‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬المزارع،‭ ‬وتحسين‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الإنتاج‭ ‬لتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الأعلاف‭ ‬المستوردة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬قيامها‭ ‬بإجراءات‭ ‬زجرية‭ ‬وعقابية‭ ‬ضد‭ ‬المخالفين،‭ ‬سواء‭ ‬أكانوا‭ ‬مربين‭ ‬أم‭ ‬أصحاب‭ ‬محاضن،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬إنتاج‭ ‬الكتكوت‭ ‬صنف‭  ‬اللحم‭ ‬سجل‭ ‬ارتفاعا‭ ‬ملحوظا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬إنتاج‭ ‬391,137‭ ‬مليون‭ ‬كتكوت‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬5%‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬370,946‭ ‬مليون‭ ‬كتكوت‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬فيما‭ ‬عرف‭ ‬إنتاج‭ ‬كتاكيت‭ ‬الديك‭ ‬الرومي‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة 17%،‭ ‬ليصل‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬14,306‭ ‬مليون‭ ‬وحدة‭ ‬في‭ ‬2024‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬12,265‭ ‬مليون‭ ‬وحدة‭ ‬في‭ ‬.2023‭ ‬
 
على‭ ‬مستوى‭ ‬الوضع‭ ‬السمكي،‭ ‬وخاصة‭ ‬السردين،‭ ‬فإن‭ ‬الأسعار‭ ‬عرفت‭ ‬قفزة‭ ‬كبيرة،‭ ‬حيت‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬30‭ ‬و50 درهما‭ ‬للكيلوغرام‭. ‬كما‭ ‬بات‭ ‬الصيادون‭ ‬يواجهون‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬نشاطهم‭ ‬وقوتهم‭ ‬اليومي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬قواربهم‭ ‬باتت‭ ‬تعود‭ ‬فارغة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الطلعات‭ ‬البحرية،‭ ‬وهو‭ ‬وضع‭ ‬خطير‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق‭. ‬وبينما‭ ‬ترجع‭ ‬الحكومة‭ ‬النقص‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬السردين‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬مناخية‭ ‬وبيئية،‭ ‬تشير‭ ‬أصابع‭ ‬الصيادين‭ ‬إلى‭ ‬الاستنزاف‭ ‬المفرط‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬مراكب‭ ‬الصيد‭ ‬الوطنية‭ ‬والأجنبية‭ ‬للثروة‭ ‬السمكية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬السردين‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يوجه‭ ‬نحو‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬التدابير‭ ‬الحكومية‭ ‬لحماية‭ ‬مخزون‭ ‬السمك‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬إذ‭ ‬السؤال‭ ‬هو:‭ ‬أين‭ ‬تجديد‭ ‬المخزونات؟‭ ‬وأين‭ ‬ضمان‭ ‬استدامة‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتصل‭ ‬بمصايد‭ ‬الأسماك‭ ‬السطحية‭ ‬الصغيرة،‭ ‬خاصة‭ ‬السردين؟.
 
إن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬المرشح‭ ‬للاستمرار،‭ ‬كما‭ ‬تنبئ‭ ‬بذلك‭ ‬تغيرات‭ ‬الأسواق،‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬لم‭ ‬تؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬وخاصة‭ ‬اللحوم‭ ‬والأسماك،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الغلاء‭ ‬مستمر‭ ‬ويتفاقم،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬الوعود‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬الحكومة‭ ‬لضبط‭ ‬الأسواق‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬ضغط‭ ‬الأسعار‭ ‬وغلاء‭ ‬المعيشي‭. ‬كما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الانفجار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بات‭ ‬وشيكا،‭ ‬إذ‭ ‬يبدي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الأسر (53.8%)‭ ‬تشاؤمًا‭ ‬بخصوص‭ ‬تطور‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬القادمة،‭ ‬حيث‭ ‬يتوقع‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬التدهور،‭ ‬بينما‭ ‬يعتقد‭ ‬38.5%‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬سيظل‭ ‬على‭ ‬حاله،‭ ‬وترجح‭ ‬نسبة‭ ‬ضئيلة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الأسر (7.7%) حدوث‭ ‬تحسن‭. ‬وهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المغاربة‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬مستقبلهم‭ ‬نظرة‭ ‬قاتمة‭.‬
 
ولعل‭ ‬ما‭ ‬يرشح‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬التفاقم‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أي‭ ‬رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتأمين‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬أو‭ ‬السيادة‭ ‬الغذائية،‭ ‬وذلك‭ ‬راجع‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬مؤسسات‭ ‬الرقابة‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بتشخيص‭ ‬الأوضاع‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الإصلاحية‭ ‬والتقويمية‭ ‬والزجرية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬سيطرة‭ ‬الوسطاء‭ ‬والسماسرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬اللحوم،‭ ‬وسوء‭ ‬توجيه‭ ‬الدعم‭ ‬المخصص‭ ‬للأعلاف‭ ‬أو‭ ‬المستوردين‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬أزمة‭ ‬الجفاف‭ ‬التي‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬بدائله،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬حلولًا‭ ‬شفافة‭ ‬ومقنعة‭ ‬لتجاوز‭ ‬تداعياتها‭.‬
 
إن‭ ‬الجواب‭ ‬على‭ ‬أزمة‭ ‬اللحوم‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬السوق‭ ‬عبر‭ ‬الاستيراد،‭ ‬لأن‭ ‬التجربة‭ ‬كشفت‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬لم‭ ‬يؤد‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬الأسعار،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تواصل‭ ‬الارتفاع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد‭ ‬كحل‭ ‬أساسي‭ ‬وسريع‭ ‬يجعل‭ ‬المغرب‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬لتقلبات‭ ‬الأسعار‭ ‬العالمية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الحل‭ ‬المستدام،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬التبعية‭ ‬للأسواق‭ ‬الخارجية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬تربية‭ ‬المواشي‭ ‬والدواجن‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭. ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يفضي‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬الأسعار‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬تحفيز‭ ‬المربين‭ ‬والمزارعين‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وإلى‭ ‬تراجع‭ ‬الأسعار،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬
 
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"