تميز الدخول الجامعي لهذا الموسم بالارتباك والعشوائية خاصة بالمؤسسات ذات الولوج المفتوح، فمن جهة عرف هذا الموسم تدفق عدد هائل من الطلبة ليتضاعف عدد المسجلين ثلاث مرات مقارنة مع الطاقة الاستيعابية للكليات، ومن جهة أخرى وبعد النقص المهول الذي خلفته المغادرة الطوعية، استمر النقص في الموظفين بسبب العدد الكبير من المقبلينعلى التقاعد، وبعدد كبير في السنوات الأخيرة. وبدا الارتباك أفظع حين أقدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وكعادته بقرار أفقي وانفرادي وبدون إشعار، على دمج جامعتي الحسن الثاني عين الشق والحسن الثاني المحمدية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وكذا جامعة محمد الخامس السويسي وجامعة محمد الخامس أكدال في جامعة محمد الخامس بالرباط. هذا الدمج الذي خلق فوضى عارمة بالجامعتين، بحيث ولحد الآن لم يتعدى الدمج التسمية لا غير. والسؤال أو الإشكال طرح على السيد الداودي والذي أجاب ب: (ندمجو الآن ومن بعد نفكرو فالكيفية). ومن بين الأسئلة أو الإشكالات المطروحة دائما:
- ما مصير الكليات ذات نفس الاختصاص الموجودة بهذه الجامعات ( ثلاثة كليات الحقوق بالدار البيضاء مثلا ) ؟ هل ستدمج هي الأخرى في كلية واحدة؟
- ما مصير موظفات وموظفي رئاسات الجامعات المدمجة؟ هل سيلحقون هم أيضا بمقر واحد؟ علما بأنه بالدار البيضاء مقر وبالمحمدية مقر آخر وتنقيل إحداهما للآخر سيخلق مشاكل كبيرة للمنقلين والذي لا نقبله كنقابة حتما وسنتصدى له بكل الأشكال النضالية.
المشاكل كبيرة ومتنوعة ولا يمكن التطرق لها كاملة الآن، المهم أن كل هذا نتيجة لعشوائية التسيير والتدبير للقطاع.
وتستمر معاناة الموظفات والموظفين وتتعمق يوما بعد يوم، في ظل الهجوم الكاسح الذي تشنه الوزارة الوصية لضرب ما تبقى من المكتسبات التي حصنوها بنضالاتهم عبر سنين.وحتى يغطي السيد الوزير عن فشله، خصوصا بعد أن أقرت التقارير والتصريحات حتى من طرف أشد المدافعين عنها، فشل منظومة التعليم العالي و وصولها إلى النفق المسدود، وقد اتضحت معالم هذا الهجوم بشكل جلي بدءا بإقدام السيد الحسن الداودي على إصدار مذكرة تحرم الموظفين من متابعة دراستهم، هذا الوزير الذي يعتبر أن كل انتقاد أو رأي مخالف له هو تشويشا على عمله، شأنه شأن أغلب وزراء حزبه، كأننا أمام حكومة من الملائكة يحيط بها شعب من الشياطين. كما قام بالإجهاز على حق الموظفين الدستوري في الإضراب، ولأول مرة في التاريخ، بالاقتطاع من أجورهم دون إخوانهم الأساتذة المضربين، مع العلم أننا ضد الاقتطاع لا من أجور الموظفين ولا من أجور الأساتذة ونعتبره حقا مشروعا وليس غيابا غير مبررا كما تدعي الحكومة.
ولعل من بين أهم الانشغالات التي تؤرقنا جميعا وتشغل بال جميع المناضلات والمناضلين والطبقة العاملة بالمغرب عموما هو محنة الحريات النقابية والعامة، محنة تذكرنا بلحظات الماضي الذي كان فيها العمل النقابي يتأرجح بين الخطر والترخيص، والتي شكلت أعنف اللحظات في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب، واليوم وفي العهد الجديد، تمارس كل الأساليب لمحاصرة العمل النقابي كما هو الحال في العديد من الجامعات. وفي هذا السياق نسجل ما تعرضت له مناضلاتنا ومناضلينا من قمع شرس بجامعة القاضي عياض بمراكش، حيث أن رئيس الجامعة المعني يدخل في باب المحميات بالمغرب، ينضاف إلى ذلك التنقيلات التعسفية ل 26 مناضل نقابي، بمن فيهم كل أعضاء المكتب النقابيبرئاسة الجامعة، داخل وخارج مدينة مراكش وبشكل انتقامي وبمباركة السيد الوزير الذي اعترف في لقاء مع النقابة بأنه انتقال تعسفي، خاصة من نقلوا إلى قلعة السراغنة، ولم يتخد أي إجراء لإرجاعهم لتستمر معاناتهم حتى الآن.