الأحد 16 فبراير 2025
فن وثقافة

أريري: دكالة.. أرض الصلحاء وحاضنة تراث الإنسانية في "الجلابة السايسية"

أريري: دكالة.. أرض الصلحاء وحاضنة تراث الإنسانية في "الجلابة السايسية" الزميل عبد الرحيم أريري في دواوير "زاوية سايس" بدكالة
"إن أرض دكالة تنبث الصالحين، كما تنبث الأرض الكلأ".
هذا القولة المنسوبة لابن قنفد، لا تحتاج إلى بذل مجهود كبير للتحقق منها. إذ يكفي التجول بتراب قبائل دكالة لمعاينة انتشار "قبب الأولياء والصالحين"، ويكفي تصفح الكتاب الشهير :" التشوف إلى رجال التصوف"، لابن الزيات التادلي، وهو الكتاب الذي ضم 275 شخصية صوفية من مختلف البلاد الإسلامية، ليقف المرء على وجود تراجم 50 من الصلحاء الدكاليين، أي ما يمثل خمس الكتاب.

"زاوية سايس"، تعد من أشهر الزوايا بدكالة، التي لا تتميز فقط بتعدد أوليائها، بل وتشتهر كذلك بكونها عاصمة"الجلابة الراقية والغالية"، المعروفة باسم:"الجلابة السايسية"، التي يتراوح ثمن "الخرقة" ( أي قطعة ثوب) بين 1700درهم و 2500 درهم للقطعة الواحدة، حسب نوع "الخرقة": أي هل هي من نوع "الحبة"، أو من نوع "السدا".

وإذا كان الموروث المغربي في اللباس التقليدي يضم أربعة أصناف مشهورة من الجلابة، وهي: البزيوية، الفاسية، الوزانية والسايسية، فإن "الجلابة السايسية" تبقى الأكثر طلبا من طرف "نبلاء القوم في المغرب".

لماذا؟
لأن "الجلابة السايسية" تنسج فقط من "القريصة" المتأتية من الصوف الخالص للحولي "السردي"، وتمزج بالحرير الحر من النوع الجيد، ولا يلجأ في نسجها إلى "الرومي" أبدا.

وحسب ما شرحته لي بعض النسوة بالدوار، فإنجاز "الخرقة" الواحدة من "الجلابة السايسية"، يتطلب شهرا واحدا كأقل تقدير، بالنظر لتعقد عملية الإعداد من سلخ "البطانة" من الكبش، إلى "المنزج التقليدي"، مرورا بترطيب الصوف في الماء لمدة 24 ساعة وتركها تنشف لمدة يوم أو يومين، ومشطها بالخلخال والغزل بالمغزل، ثم تنظيفها بالماء والتيد والكبريت، والانتقال إلى "السدا في الأرض" قبل البدء في النسج باليد لأيام طويلة.

وإذا كان "النبلاء والأعيان " من مختلف مدن المغرب يتسابقون للظفر بشراء "خرقة" واحدة أو أكثر من الجلابة السايسية في الأفراح والمناسبات والأعراس من عند لمعلمات الدكاليات اللواتي ينتشرن في دواوير "زاوية سايس"، فإن ضغط الطلب وارتفاع منحنى الإقبال على "الجلابة السايسية" يتم في شهري شعبان ورمضان.
والدليل أنه ما أن هل هلال شهر رجب إيذانا بقرب "عواشر شعبان ورمضان" حتى بدأت الطلبات تتقاطر على حوالي 200 معلمة بزاوية سايس( هناك تعاونية تأوي 80 معلمة)، طمعا في أن يرتدي المرء هاته الجلابة ابتداء من منتصف شعبان وعلى امتداد رمضان المقبل.

ويبقى الأمل في أن تتبنى وزارتي الصناعة التقليدية والثقافة بتعاون مع عمالة الجديدة وجهة البيضاء سطات والمجلس الإقليمي والمجلس الترابي وغرفةالصناعة التقليدية وجامعة أبي شعيب الدكالي، ملف الجلابة "السايسية" و"الوزانية" و"البزيوية" و"الفاسية"، لإدراجها في لائحة تراث الإنسانية باليونيسكو، لتبقى عنوان تميز موروث مغربي أصيل وبهي ومشرق.

فهل من مجيب؟!