الأربعاء 19 فبراير 2025
سياسة

زين العابدين الوالي:البرلمان الأوروبي يتخلى عن “المجموعة البرلمانية المشتركة للصحراء الغربية”: انتصار دبلوماسي مغربي وعزلة الأطروحات الجزائرية

زين العابدين الوالي:البرلمان الأوروبي يتخلى عن “المجموعة البرلمانية المشتركة للصحراء الغربية”: انتصار دبلوماسي مغربي وعزلة الأطروحات الجزائرية زين العابدين الوالي
في تحول ملحوظ في توجهات البرلمان الأوروبي، أعلن هذا الأخير رسميًا التخلي عن المجموعة البرلمانية المشتركة الخاصة بـ”الصحراء الغربية”، والتي كانت تمثل منصة تستخدمها الجزائر وجبهة البوليساريو للترويج لأطروحاتهما الانفصالية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي. هذا القرار يأتي بعد عقود من استغلال هذه المجموعة لانتقاد المغرب والتشويش على سياساته السيادية في الصحراء المغربية.


المجموعة البرلمانية المشتركة، التي كانت تشكل واجهة للوبي الجزائري داخل البرلمان الأوروبي، واجهت رفضًا قاطعًا من جميع الدول الأعضاء الـ27، مما يشير إلى توافق واسع بين البرلمانيين الأوروبيين على إنهاء وجودها. كان لهذه المجموعة تأثير محدود خلال السنوات الأخيرة، حيث تراجعت فاعليتها بفعل التحولات السياسية داخل أوروبا ونجاح المغرب في تعزيز شراكاته مع الدول الأوروبية.

قرار البرلمان الأوروبي لا يعكس فقط رغبة المؤسسات الأوروبية في تجاوز خطابات الانفصال التي أصبحت غير ملائمة للواقع الدولي، بل يعبر أيضًا عن فشل النظام الجزائري وحلفائه في الحفاظ على موطئ قدم داخل الأروقة الأوروبية. الجزائر، التي استثمرت بشكل كبير في بناء لوبيات داخل أوروبا لدعم أطروحة الانفصال، وجدت نفسها اليوم في موقف ضعف، حيث باتت مقترحاتها تواجه رفضًا جماعيًا في المحافل الدولية.


رد الفعل الجزائري على القرار الأوروبي لم يتأخر. حيث عبّر ممثل جبهة البوليساريو لدى الاتحاد الأوروبي عن استيائه الشديد من هذه الخطوة، موجهًا اتهامات لاذعة إلى الحزب الاشتراكي الإسباني، الذي اعتبره متحالفًا مع المغرب ضد القضية الصحراوية. لكن هذه التصريحات لا تعكس الواقع، إذ أن القرار الأوروبي جاء بإجماع الدول الأعضاء، ما يُظهر أن القضية ليست مرتبطة بموقف دولة أو حزب واحد، بل هي نتيجة توجه أوروبي جديد نحو التعاون مع المغرب واحترام سيادته.

الخطاب الجزائري وممثل البوليساريو يعكس حالة من التخبط والارتباك، حيث بات واضحًا أن الدعم الأوروبي لم يعد متاحًا بنفس القوة التي كان يعتمد عليها النظام الجزائري. فالبرلمان الأوروبي، الذي أصبح يركز على القضايا الكبرى مثل الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة، لا يجد مبررًا للاستمرار في دعم مشاريع الانفصال التي لا تخدم الاستقرار في المنطقة.


منذ تأسيسها، كانت المجموعة البرلمانية المشتركة للصحراء الغربية مصدرًا دائمًا للإزعاج للمغرب. فقد استغلت هذه المجموعة منصتها داخل البرلمان الأوروبي لمهاجمة المغرب والترويج لأطروحات الانفصال تحت شعارات كاذبة حول “حرية الشعوب”. إلا أن التطورات السياسية والدبلوماسية في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها اعتراف العديد من الدول الكبرى بمغربية الصحراء، جعلت هذه المجموعة تفقد زخمها تدريجيًا، إلى أن انتهى بها الأمر إلى الرفض الكامل من البرلمان الأوروبي.


ما حدث داخل البرلمان الأوروبي يُعد انتصارًا جديدًا للدبلوماسية المغربية، التي نجحت في تقديم ملف الصحراء كقضية تنموية وإنسانية، بدلًا من أن تظل محصورة في إطارها السياسي التقليدي. مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب أصبحت تلقى قبولًا متزايدًا من الدول والمؤسسات الدولية، باعتبارها الحل الواقعي والعملي الوحيد للنزاع.

المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، تمكن من بناء شراكات استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، جعلت منه شريكًا موثوقًا في مجالات الأمن والتنمية والطاقة الخضراء. هذه الشراكات عززت مكانة المغرب داخل الاتحاد الأوروبي، وساهمت في تغيير الصورة النمطية التي حاولت الجزائر وجبهة البوليساريو الترويج لها.


على الجانب الآخر، يعكس القرار الأوروبي تراجع الدور الجزائري داخل المؤسسات الدولية. النظام الجزائري، الذي أنفق مليارات الدولارات على دعم مشروع البوليساريو، بات يواجه عزلة متزايدة نتيجة فشله في تقديم مشروع واقعي أو قابل للتطبيق. النهج الجزائري القائم على خلق الأزمات وزرع الانقسامات أصبح غير مقبول لدى المجتمع الدولي، الذي يفضل الآن دعم مبادرات الاستقرار والتنمية، كما هو الحال مع المغرب.


قرار البرلمان الأوروبي بالتخلي عن المجموعة البرلمانية المشتركة للصحراء الغربية يمثل انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا للمغرب، ويؤكد أن الأطروحات الانفصالية لم تعد تجد صدى داخل المؤسسات الأوروبية. هذا التحول يعكس تغيرًا أعمق في المواقف الدولية تجاه قضية الصحراء، حيث باتت رؤية المغرب القائمة على التنمية والحكم الذاتي هي الخيار الأكثر قبولًا وواقعية.

هذا الانتصار ليس مجرد نجاح دبلوماسي، بل هو دليل على أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تعزيز سيادته على أقاليمه الجنوبية، في مقابل عزلة النظام الجزائري وتراجع تأثيره داخل المحافل الدولية.