الخميس 17 إبريل 2025
سياسة

أحمد المكّي الداهي: هؤلاء هم المتورطون فـي اغتصاب نساء مخيمات تندوف وتجنيد أطفاله وكل محتج يكون مآله التّصفية

أحمد المكّي الداهي: هؤلاء هم المتورطون فـي اغتصاب نساء مخيمات تندوف وتجنيد أطفاله وكل محتج يكون مآله التّصفية أحمد المكّي الداهي
ما‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬عليه،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬“معسكر‭ ‬12‭ ‬أكتوبر“ ‭ ‬بتندوف‭ ‬خصّص‭ ‬لاستقبال‭ ‬كلّ‭ ‬الملتحقين‭ ‬بالبوليساريو‭ ‬الجدد،‭ ‬لكن‭ ‬يشتغل‭ ‬على‭ ‬اختصاص‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬يضم‭ ‬جناحا‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬جناح‭ ‬“الأشبال”،‭ ‬“أشبال‭ ‬الثّورة“،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬شابّ‭ ‬وشابّة‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬سنة‭. ‬ذاك‭ ‬المعسكر‭ ‬مورست‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭.‬

‮ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬تجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬يعني‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬السّلاح‭ ‬وحمل‭ ‬الّسلاح،‭ ‬يعني‭ ‬الرّمي‭ ‬بالدخيرة‭ ‬‮ ‬الحيّة‭. ‬كلّ‭ ‬هذا‭ ‬وقع‭ ‬وكان‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬“معسكر‭ ‬12‭ ‬أكتوبر“‭. ‬أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬دخلت‭ ‬إليه،‭ ‬وربّما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬عمري‭ ‬آنذاك‭ ‬16‭ ‬سنة،‭ ‬وكان‭ ‬يتواجد‭ ‬معي‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬سنوات،‭ ‬وذوي‭ ‬6‭ ‬سنوات،‭ ‬و7 سنوات‭.

‮ ‬وبخصوص‭ ‬مسلسل‭ ‬إجرام‭ ‬البوليساريو‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬منها‭ ‬سجون‭ ‬التّعذيب‭ ‬والقتل‭ ‬بشهادات‭ ‬الضحايا،‭ ‬منها‭ ‬حالات‭ ‬الاغتصاب‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬مع‭ ‬تأسيس‭ ‬التنظيم‭. ‬لكن،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لحساسية‭ ‬هذا‭ ‬الجرم‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لعادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬المجتمع،‭ ‬فإن‭ ‬جرم‭ ‬اغتصاب‭ ‬النساء‭ ‬يعدّ‭ ‬من‭ ‬المحظورات،‭ ‬فلا‭ ‬يتم‭ ‬تداوله‭ ‬داخل‭ ‬المخيمات‭ ‬نتيجة‭ ‬لحساسياته‭.
 
‬وهو‭ ‬ما‭ ‬استغله‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬بشكل‭ ‬فاحش‭. ‬فكلّ‭ ‬النّساء‭ ‬والفتيات‭ ‬اللّواتي‭ ‬تعرّضن‭ ‬للاغتصاب‭ ‬دائما‭ ‬يواجهن‭ ‬هذا‭ ‬الجرم‭ ‬بالجحود‭ ‬والصّمت‭ ‬والكتمان،‭ ‬لأن‭ ‬المجتمع‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭. ‬فأيّ‭ ‬فتاة‭ ‬وامرأة‭ ‬أعلنت‭ ‬أنّها‭ ‬تعرضت‭ ‬لاغتصاب‭ ‬ستكون‭ ‬محلّ‭ ‬سخط‭ ‬من‭ ‬عائلتها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أصبح‭ ‬الاغتصاب‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬قيادة‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬على‭ ‬النّسوة‭ ‬بالمخيمات‭ ‬هو‭ ‬اغتصاب‭ ‬مسكوت‭ ‬عنه،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للنساء‭ ‬أن‭ ‬تكشفنه‭ ‬وتفجّرنه‭ ‬للعلن‭.

‮ ‬مسلسل‭ ‬الاغتصاب‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬نساء‭ ‬المخيّمات‭ ‬تفاقم،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬“العارفات“‭ ‬“امرأة‭ ‬موالية‭ ‬للقيادة‭ ‬تشرف‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬نساء“‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو،‭ ‬مهّمتهن‭ ‬هو‭ ‬التبليغ،‭ ‬تبلغ‭ ‬عن‭ ‬النّسوة‭ ‬كلّ‭ ‬24‭ ‬ساعة‭. ‬وهذا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬السّيطرة‭ ‬والتّحكّم‭ ‬تنهجه‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ممّا‭ ‬جعل‭ ‬النّساء‭ ‬الضّحايا‭ ‬ترضخن‭ ‬للقيادة،‭ ‬لأنّهن‭ ‬يتخوّفن‭ ‬من‭ ‬جبروت‭ ‬واعتداءات‭ ‬القيادة‭ ‬واتقاء‭ ‬شرّهن‭ ‬من‭ ‬اختطاف‭ ‬وتعذيب‭ ‬وما‭ ‬شابهه‭. ‬وتحولت‭ ‬“العارفات“‭ ‬من‭ ‬مهمة‭ ‬التّبليغ،‭ ‬إلى‭ ‬الوساطة‭ ‬اللاأخلاقية‭ ‬في‭ ‬الدعارة‭ ‬والاغتصاب‭. ‬فكل‭ ‬قيادي‭ ‬في‭ ‬البوليساريو‭ ‬كلّما‭ ‬أعجبته‭ ‬امرأة،‭ ‬يعطي‭ ‬أمره‭ ‬للعارفة،‭ ‬ويتمّ‭ ‬‮ ‬تسخيرها‭ ‬‮ ‬لاستدراجها‭ ‬واستقدامها‭ ‬‮ ‬وإعطاء‭ ‬الأمر‭ ‬لأن‭ ‬تلتحق‭ ‬بالإدارة‭ ‬المركزية‭ ‬“الرّابوني“‭. ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اغتصابها‭.‬

لقد‭ ‬عشنا‭ ‬هذه‭ ‬المآسي‭ ‬والفواجع‭ ‬ورأينا‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭. ‬وأكثر‭ ‬قيادات‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬ممارسة‭ ‬لهذا‭ ‬الجرم‭ ‬هو‭ ‬إبراهيم‭ ‬غالي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬“إبراهيم‭ ‬لعليات“،‭ ‬وبعده‭ ‬بدرجة‭ ‬ثانية‭ ‬معه‭ ‬البشير‭ ‬مصطفى‭ ‬السّيد،‭ ‬اللّذان‭ ‬يتفاضلان‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬والفساد‭ ‬وهاته‭ ‬الجرائم‭ ‬على‭ ‬النساء،‭ ‬وفي‭ ‬استغلال‭ ‬السّلطة‭ ‬ونشر‭ ‬الرّعب‭ ‬بين‭ ‬النّساء‭ ‬والرّجال‭ ‬أيضا‭.‬
مسلسل‭ ‬اغتصاب‭ ‬النّساء‭ ‬استمر،‭ ‬ممّا‭ ‬نشر‭ ‬الرّعب‭ ‬والخوف‭ ‬في‭ ‬صفوفهن‭ ‬من‭ ‬السّجن‭ ‬والعقوبة،‭ ‬وبالتّالي‭ ‬فهن‭ ‬يرضخن‭ ‬لنزوات‭ ‬القيادة‭. ‬ودائما‭ ‬قيادة‭ ‬البوليساريو‭ ‬تعلن‭ ‬حالة‭ ‬الطوارئ،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الرّجال‭ ‬داخل‭ ‬المخيم‭ ‬لتبقى‭ ‬النّساء‭ ‬داخله‭ ‬مع‭ ‬القيادة،‭ ‬ويتمّ‭ ‬استغلال‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬27‭ ‬فبراير‭ ‬الممنوعة‭ ‬على‭ ‬الرجال‭.‬

‭ ‬أعرف‭ ‬سيدة،‭ ‬اتحفّظ‭ ‬على‭ ‬ذكر‭ ‬اسمها،‭ ‬تعرضت‭ ‬لاغتصاب‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مصطفى‭ ‬البشير،‭ ‬وهي‭ ‬متزوجة‭ ‬ولديها‭ ‬خصام‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭. ‬فكانت‭ ‬امرأة‭ ‬جميلة‭ ‬جدا،‭ ‬أرسل‭ ‬لها‭ ‬البشير‭ ‬سيارة‭ ‬التنظيم‭ ‬لتلتحق‭ ‬بالإدارة‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬“الرّابوني“،‭ ‬فأغلق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬أمانة‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‮ ‬‭ ‬ومارس‭ ‬عليها‭ ‬الاغتصاب‭ ‬لثلاثة‭ ‬أيام،‭ ‬وتظاهرت‭ ‬بالحمل،‭ ‬واتصلت‭ ‬بي‭. ‬فأرسلها‭ ‬البشير‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬لإجهاضها،‭ ‬ممّا‭ ‬تسبّب‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬نزيف‭ ‬فعادت‭ ‬إلى‭ ‬المخيم‭ ‬وهي‭ ‬مريضة،‭ ‬فنقص‭ ‬وزنها‭ ‬وظهرت‭ ‬عليها‭ ‬علامات‭ ‬المرض‭ ‬الشّديد،‭ ‬وحينما‭ ‬كنت‭ ‬أفتح‭ ‬معها‭ ‬الموضوع‭ ‬تصارحني‭ ‬وتجهش‭ ‬بالبكاء‭. ‬وهذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬متعدّدة‭ ‬وكثيرة‭ ‬متكرّرة،‭ ‬حيث‭ ‬النساء‭ ‬يحملن‭ ‬حملا‭ ‬غير‭ ‬شرعيّ‭ ‬في‭ ‬المخيم‭. ‬أما‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬ينجبنهن‭ ‬فهم‭ ‬غير‭ ‬شرعيين‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭. ‬وهذا‭ ‬النّوع‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬يسبّب‭ ‬إحراجا‭ ‬لأسرة‭ ‬المرأة‭ ‬الضّحيّة،‭ ‬فصارت‭ ‬معها‭ ‬تجارة‭ ‬الأطفال‭ ‬المولودين‭ ‬بحمل‭ ‬غير‭ ‬شرعيّ‭ ‬رائجة،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬إرسالهم‭ ‬إلى‭ ‬عائلات‭ ‬أوروبية‭ ‬عبر‭ ‬رحلات،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬تبنّيهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أٍسر‭ ‬غربية‭. ‬وهذه‭ ‬شهادة‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬آلاف‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬عشتها‭ ‬وعايشتها‭.‬

في‭ ‬المخيم،‭ ‬حينما‭ ‬تتظاهر‭ ‬سيدة‭ ‬بالحمل،‭ ‬يتمّ‭ ‬حملها‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬تحت‭ ‬الأرض‭ ‬تسمى‭ ‬بـ‭ ‬“الغار“،‭ ‬وهو‭ ‬سجن‭ ‬تحت‭ ‬الأرض،‭ ‬تسجن‭ ‬فيها‭ ‬النساء‭ ‬اللّواتي‭ ‬حملن‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وحتّى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬السّجون‭ ‬يتم‭ ‬اغتصابهن،‭ ‬حيث‭ ‬تفشى‭ ‬ذلك‭ ‬‮ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الطغيان‭ ‬والجبروت‭ ‬بمخيمات‭ ‬الذّل‭ ‬والعار‭ ‬في‭ ‬تندوف‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مدير‭ ‬المخابرات‭ ‬لدى‭ ‬البوليساريو‭ ‬أحمد‭ ‬البطل،‭ ‬يمارس‭ ‬بدوره‭ ‬الاغتصاب‭ ‬على‭ ‬نساء‭ ‬حملن‭ ‬حملا‭ ‬غير‭ ‬شرعيّ‭. ‬وهنا‭ ‬أتذكر‭ ‬أنه‭ ‬لمّا‭ ‬احتجت‭ ‬سيدة‭ ‬حامل‭ ‬عليه‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬الرّصاص،‭ ‬وحينما‭ ‬احتج‭ ‬زوجها‭ ‬بدوره‭ ‬كان‭ ‬مصيره‭ ‬القتل‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭. ‬وهذه‭ ‬عملية‭ ‬ذائعة‭ ‬الصّيت‭ ‬بالمخيمات،‭ ‬كل‭ ‬ومن‭ ‬يحتج‭ ‬على‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬يفشيه،‭ ‬يكون‭ ‬مآله‭ ‬التّصفية‭ ‬والقتل‭.‬
 
أحمد المكّي الداهي، ضابط سابق في البوليساريو