الاثنين 13 يناير 2025
سياسة

محمد الطيار: مخيمات المحتجزين بتندوف.. متى يتم الكشف عن المصير المجهول لأطفال الغار؟

محمد الطيار: مخيمات المحتجزين بتندوف.. متى يتم الكشف عن المصير المجهول لأطفال الغار؟ محمد الطيار ، باحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية ومشهد من سجن الغار
يوجد‭ ‬سجن‭ ‬الغار‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬كلومترات‭ ‬شمال‭ ‬مخيم‭ ‬اسمارة‭ ‬بتندوف،‭ ‬وهو‭ ‬خاص‭ ‬باحتجاز‭ ‬وسجن‭ ‬النساء‭ ‬المغتصبات‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬قيادة‭ ‬البوليساريو‭ ‬وأزلامهم،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬الجزائري‭ ‬أو‭ ‬غيرهم‭. ‬ولا‭ ‬تخرج‭ ‬النساء‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭  ‬يتعرضن‭ ‬خلالها‭ ‬لأقسى‭ ‬أصناف‭ ‬التعذيب‭ ‬والإهانة‭ ‬والاستغلال‭  ‬الجنسي،‭ ‬وقد‭ ‬تخرج‭ ‬المرأة‭ ‬أو‭ ‬الفتاة‭ ‬بطلب‭  ‬رسمي‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬يريدها‭ ‬للزواج،‭ ‬وهي‭ ‬حالة‭  ‬نادرة‭ ‬الحدوث‭.  ‬
 
في‭ ‬شهادتها‭ ‬المنشورة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي https://vm.tiktok.com/ZMhvqVtto/‭. ‬تقول‭ ‬الرباب‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬أحمد،‭ ‬من‭ ‬قبيلة‭ ‬الرقيبات‭ ‬أهل‭ ‬قاسم‭ ‬وإبراهيم،‭ ‬إنه‭ ‬تم‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬عليها‭ ‬ليلا‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬دورية‭ ‬الدرك،‭ ‬وقام‭ ‬عناصرها‭ ‬باغتصابها‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي،‭ ‬وحملت،‭ ‬ليتم‭ ‬الذهاب‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬الغار،‭ ‬حيث‭ ‬تعرضت‭ ‬للعذاب‭ ‬والاغتصاب،‭  ‬وأنجبت‭ ‬طفلا‭ ‬ذكرا‭ ‬تم‭ ‬انتزاعه‭ ‬منها،‭ ‬وبقيت‭ ‬مسجونة‭ ‬بـ‭ ‬"سجن‭ ‬الذهبية"‭ ‬الملقب‭ ‬بالغار‭ ‬من‭ ‬سنة‭  ‬2002‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬2013،‭ ‬أي‭ ‬مدة‭ ‬إحدى‭ ‬عشر‭ ‬سنة‭. ‬وذكرت‭ ‬في‭ ‬شهادتها‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬صحبتها‭ ‬بسجن‭ ‬الغار،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬السن،‭ ‬اللواتي‭ ‬تم‭ ‬اغتصابهن‭  ‬وحملن،‭ ‬إحداهن‭ ‬اغتصبها‭ ‬وكيل‭ ‬الجمهورية‭ ‬المسمى‭ ‬«حرايمة».‭ ‬وقد‭ ‬حصل‭ ‬لها‭ ‬نزيف‭ ‬دموي‭ ‬حاد،‭ ‬نقلت‭ ‬على‭ ‬إثره‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬تندوف‭ ‬لتتوفى‭ ‬نتيجة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬والنزيف‭ ‬الحاد‭ ‬والتعذيب‭ ‬والمهانة‭. ‬وقالت‭ ‬الرباب‭ ‬في‭ ‬شهادتها‭ ‬أيضا‭ ‬إن‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬اللواتي‭ ‬يتم‭ ‬الزج‭ ‬بهن‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬الغار،‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أي‭ ‬واحدة‭ ‬منهن‭ ‬الزواج‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬خروجها،‭ ‬ويتجنبها‭ ‬الناس‭ ‬وتنعت‭ ‬بصاحبة‭ ‬«الفرخ»‭ ‬«أي‭ ‬الطفل‭ ‬غير‭ ‬الشرعي»‭. ‬وقد‭ ‬طالبت‭  ‬الرباب‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التدخل‭ ‬والبحث،‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬مصير‭ ‬طفلها‭ ‬وإعادته‭ ‬إليها‭. ‬
 
يمنع‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬تناول‭ ‬حبوب‭ ‬منع‭ ‬الحمل،‭ ‬ويمنع‭ ‬على‭ ‬ضحايا‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬العلاقات‭ ‬خارج‭ ‬الزواج‭ ‬إسقاط‭ ‬الحمل،‭ ‬وتعاقب‭ ‬المخالفات‭ ‬بالسجن،‭ ‬ويتم‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭ ‬بمجرد‭ ‬العلم‭ ‬بحملهن‭ ‬بعد‭ ‬الاغتصاب‭ ‬أو‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬الزواج‭. ‬وهناك‭ ‬تعليمات‭ ‬مشددة‭ ‬«للعارفات»‭ ‬«لقب‭ ‬العريفة‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬المسؤولة‭ ‬في‭ ‬المخيمات»،‭ ‬بالتبليغ‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬امرأة‭ ‬تمت‭ ‬ملاحظة‭ ‬انتفاخ‭ ‬بطنها،‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬الفتيات‭ ‬الملفت‭ ‬جمالهن‭ ‬ليتم‭ ‬استغلالهن‭. ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬جثث‭ ‬فتيات‭ ‬قتلن‭ ‬بعد‭ ‬اغتصابهن‭ ‬في‭ ‬الخلاء‭ ‬خارج‭ ‬المخيمات‭. ‬
 
أطفال‭ ‬الغار‭ ‬وامهاتهم‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬
الجرائم‭ ‬التي‭ ‬تصنف‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬تحديدها‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬العمد،‭ ‬التعذيب،‭ ‬الاستعباد،‭ ‬الاغتصاب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬الجنسي،‭ ‬الاضطهاد،‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري،‭ ‬الأبارتهايد‭. ‬والجريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬هي‭ ‬بالتحديد‭ ‬كل‭ ‬فعل‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬المحظورة‭ ‬والمحددة‭ ‬في‮ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭. ‬ويهدف‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬إلى‭ ‬محاكمة‭ ‬الأفراد‭ ‬بسبب‭ ‬مسؤوليتهم‭ ‬الجنائية‭ ‬الشخصية،‭ ‬وقد‭ ‬اعتُمد‭ ‬كوسيلة‭ ‬لإنشاء‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬لاهاي‭. ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الحالات،‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬بالولاية‭ ‬القضائية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للمحكمة‭ ‬أن‭ ‬تتدخل‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬راغبة‭ ‬في‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬ومقاضاة‭ ‬مرتكبيها‭ ‬بنفسها‭.‬
 
وقد‭ ‬صُممت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬القانونية‭ ‬خصيصًا‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذه‭ ‬الجرائم،‭ ‬منها‭ ‬اتفاقية‭ ‬ليوبليانا،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توقيعها‭  ‬مؤخرا‭ ‬بلاهاي‭ ‬في‭ ‬يومي‭ ‬14‭ ‬و‭ ‬15‭ ‬فبراير‭ ‬2024،‭ ‬وتخص‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التحقيق‭ ‬ومقاضاة‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والجرائم‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى‭.‬‭ ‬وتمثّل‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬ركيزة‭ ‬مهمّة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬إفلات‭ ‬مرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬وستتيح‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬القضائي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مستدام‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وعمل‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬وتجعل‭ ‬المعاهدة‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأولية‭ ‬للدول‭ ‬في‭ ‬ملاحقة‭ ‬الجرائم‭ ‬والحاجة‭ ‬لإجراء‭ ‬تحقيقات‭ ‬تتسم‭ ‬بالفعالية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭. ‬وتسد‭ ‬المعاهدة‭ ‬ثغرة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وإطار‭ ‬العدالة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توضيح‭ ‬وتعزيز‭ ‬واجبات‭ ‬والتزامات‭ ‬الدول‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬وتتضمن‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الأحكام،‭ ‬مثل‭ ‬الالتزام‭ ‬العام‭ ‬إما‭ ‬بتسليم‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم‭ ‬أو‭ ‬بمحاكمتهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أحكام‭ ‬بشأن‭ ‬إنفاذ‭ ‬الأوامر‭ ‬عبر‭ ‬الدول‭ ‬لتقديم‭ ‬تعويضات‭ ‬للضحايا،‭ ‬وتحديد‭ ‬حقوق‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬عمليات‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية‭.‬
 
الهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بحقوق‭ ‬الانسان‭ ‬تكتفي‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬بتنبيه‭" ‬الجزائر
الوضع‭ ‬الشاذ‭ ‬لمخيمات‭ ‬تندوف،‭ ‬يوفر‭ ‬غطاءا‭ ‬متكاملا‭ ‬لانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قيادات‭ ‬“البوليساريو‭ ‬والجيش‭ ‬الجزائري‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تفويض‭ ‬البلد‭ ‬المضيف‭ ‬لولايته‭ ‬القانونية‭ ‬وصلاحياتها‭ ‬السيادية‭ ‬إلى‭ ‬مليشيات‭ ‬مسلحة،‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬الملتبس،‭ ‬فتفويض‭ ‬الجزائر‭ ‬لسلطاتها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬قصد‭ ‬وضع‭ ‬حد‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬الشاذ‭ ‬وغير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬جعل‭ ‬البوليساريو‭ ‬وعسكر‭ ‬الجزائر‭ ‬يتمادون‭ ‬في‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬بشكل‭ ‬واسع‭ ‬ومتصاعد،‭ ‬وجعلتهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بشكل‭ ‬سافر‭ ‬بالإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬ولازالت‭ ‬السلطات‭ ‬الجزائرية‭ ‬ترفض‭ ‬فتح‭ ‬أي‭ ‬تحقيق‭ ‬حول‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬ضد‭ ‬المحتجزين‭ ‬بتندوف‭.‬
 
تفويت‭ ‬الجزائر‭ ‬لولايتها‭ ‬القضائية،‭ ‬جعلت‭ ‬المحتجزين‭ ‬يحرمون‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬عدالة‭ ‬البلد‭ ‬المضيف،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬آلية‭ ‬انتصاف‭ ‬أخرى،‭ ‬وذلك‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكذا‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬الأممي‭ ‬حول‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري،‭ ‬أكدوا‭  ‬ما‭ ‬مرة‭ ‬وفي‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات،‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬تفويض‭ ‬الجزائر‭ ‬لصلاحياتها‭ ‬لـ‭ ‬البوليساريو،‭  ‬ووجود‭ ‬نظام‭ ‬حكومي‭ ‬وقضائي‭ ‬موازٍ‭. ‬وطالبوها‭ ‬بوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الوضعية‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬خلال‭ ‬مناقشة‭ ‬التقرير‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬بشأن‭ ‬التدابير‭ ‬المتخذة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الميثاق‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليوز‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2018‭ ‬م،‭ ‬في‭ ‬جنيف،‭ ‬أمام‭ ‬لجنة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
 
منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬تتجاهل‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬
المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بحقوق‭ ‬الانسان،‭ ‬تعودت‭ ‬على‭ ‬جعل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬من‭ ‬انتهاكات‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬اهتماماتها،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتناول‭ ‬الوضع‭ ‬الا‭ ‬بشكل‭ ‬سطحي،‭ ‬ولم‭ ‬تدعو‭ ‬الى‭ ‬فتح‭ ‬أي‭ ‬تحقيق‭ ‬حول‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬تطال‭ ‬المحتجزين‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬خاصة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬
 
خلال‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024،‭ ‬نشرت‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬(بتاريخ‭ ‬01-10-2024) منشورا،‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬"لماذا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬مستقلة‭ ‬بشأن‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية؟،‭ ‬تقول‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية: "وعلى‭ ‬عكس‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب،‮ ‬فإنها‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬أثناء‭ ‬السلم‭ ‬أو‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭.‬تتضمن‭ ‬بعض‭ ‬الأمثلة‭ ‬الحديثة‭ ‬المحتملة‭ ‬ما‭ ‬يلي:
 
•‭ ‬أفغانستان:‮ ‬‭  ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬أشارت‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬القيود‭ ‬الصارمة‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬حركة‭ ‬طالبان،‭ ‬والقمع‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬لحقوق‭ ‬النساء‭ ‬والفتيات‭. ‬ودعت‭ ‬المنظمة‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬القمعية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السجن‭ ‬والاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬والتعذيب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬المعاملة‭ ‬السيئة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الاضطهاد‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬النوع‭ ‬الاجتماعي‭.‬
 
•‭ ‬إثيوبيا:‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬ارتكب‭ ‬جنود‭ ‬إريتريون‭ ‬جرائم‭ ‬منصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تيغراي‭ ‬بإثيوبيا‭. ‬وشملت‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الاغتصاب،‭ ‬والاستعباد‭ ‬الجنسي‭ ‬للنساء،‭ ‬وإعدام‭ ‬المدنيين‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القضاء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭.‬
 
‭ ‬إيران:‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬أخفت‭ ‬السلطات‭ ‬الإيرانية‭ ‬قسرًا‭ ‬وأعدمت‭ ‬آلاف‭ ‬المعارضين‭ ‬السياسيين‭ ‬المسجونين‭ ‬سرًا‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القضاء،‭ ‬قبل‭ ‬إلقاء‭ ‬جثثهم‭ ‬في‭ ‬مقابر‭ ‬جماعية‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬شواهد‭. ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬العدالة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬فإن‭ ‬حالات‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬والتعذيب‭ ‬والمعاملة‭ ‬السيئة‭ ‬لعائلات‭ ‬الضحايا‭ ‬تعني‭ ‬فعليًا‭ ‬استمرار‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭.‬"
 
من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬تطرقت‭ ‬اليه‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬منشورها،‭  ‬من‭ ‬سرد‭  ‬لجرائم‭  ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭  ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬"الاغتصاب،‭ ‬والاستعباد‭ ‬الجنسي‭ ‬للنساء،‭ ‬وإعدام‭ ‬المدنيين‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القضاء‭ ‬وحالات‭ ‬الاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬والتعذيب‭ ‬والمعاملة‭ ‬السيئة‭ ‬الإجراءات‭ ‬القمعية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السجن‭ ‬والاختفاء‭ ‬القسري‭ ‬والتعذيب‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬المعاملة‭ ‬السيئة‭ ‬،‭ ‬وإعدام‭ ‬المدنيين‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬القضاء"،‭ ‬والتي‭ ‬ركزت‭ ‬فيه‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬وإيران‭ ‬وإثيوبيا،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬أنظار‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬لا‭ ‬تهتم‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬المحتجزين‭ ‬بتندوف،‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬برصدها‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث،‭ ‬كلها‭ ‬حاصلة‭ ‬وزيادة‭  ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬البوليساريو،‭  ‬حيث‭ ‬تنتهك‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬بشكل‭ ‬سافر‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬متابعة‭ ‬او‭ ‬مساءلة‭ ‬قانونية،‭ ‬ولكن‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المعنية‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬لازالت‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬ما‭ ‬وقع‭ ‬ويقع‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭.‬
 
ضرورة‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مصير أطفال‭ ‬الغار‭ ‬
تعد‭ ‬قضية‭ ‬أطفال‭ ‬الغار‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تستلزم‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليها،‭ ‬فهي‭ ‬بحق‭ ‬تندرج‭ ‬ضمن‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬خاصة‭ ‬أمام‭ ‬غياب‭ ‬معطيات‭ ‬واضحة‭ ‬تتعلق‭ ‬بمصيرهم،‭ ‬حيث‭ ‬تكتفي‭ ‬البوليساريو‭ ‬بنشر‭ ‬أخبار‭ ‬كاذبة‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬ساكنة‭ ‬المخيمات،‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬أطفال‭ ‬الغار‭ ‬تتم‭ ‬رعايتهم‭ ‬من‭ ‬طرفها،‭ ‬ليلتحقوا‭ ‬بعدها‭ ‬بقوات‭ ‬الدرك‭ ‬والشرطة‭ ‬والجيش،‭ ‬ولكن‭ ‬بدون‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬أدلة‭ ‬رسمية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تدعيه،‭ ‬والمؤكد‭ ‬أنها‭ ‬تتاجر‭ ‬بهم‭ ‬كما‭ ‬تتاجر‭ ‬بأطفال‭ ‬المحتجزين‭.  ‬
 
ملف‭ ‬أطفال‭ ‬الغار‭ ‬وأمهاتهم،‭ ‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والهيئات‭ ‬المعنية‭ ‬بالاختفاء‭ ‬القسري،‭ ‬فتح‭ ‬تحقيق،‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬الأفعال‭ ‬المصنفة‭ ‬ضمن‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والتي‭ ‬تطال‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬من‭ ‬اغتصاب‭ ‬وممارسة‭ ‬العبودية،‭ ‬وتحويل‭ ‬النساء‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬آلات‭ ‬للإنجاب،‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬الرضع‭ ‬حديثي‭ ‬الولادة،‭ ‬وبيع‭ ‬وتجنيد‭ ‬الأطفال‭ ‬والتهجير‭ ‬القسري،‭ ‬والتعذيب،‭ ‬والشحن‭ ‬بكراهية‭ ‬المغرب،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬المقيتة‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.‬
 
الهيئات‭ ‬الحقوقية‭ ‬المغربية‭ ‬مطالبة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬بفتح‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬وطنيا‭ ‬ودوليا،‭ ‬وان‭ ‬تنخرط‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬مطالبة‭ ‬الهيئات‭ ‬والمنظمات‭ ‬المعنية‭ ‬بالاختفاء‭ ‬القسري،‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬المصير‭ ‬المجهول‭ ‬لأطفال‭ ‬الغار‭ ‬وامهاتهم،‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬ومكافحة‭ ‬إفلات‭ ‬مرتكبي‭ ‬الجرائم‭ ‬من‭ ‬العقاب‭. ‬